حديث: نهى رسول الله ﷺ عن معاقرة الأعراب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا عقر في الإسلام

عن ابن عباس قال: نهى رسول الله ﷺ عن مُعاقرة الأعراب.

حسن: رواه أبو داود (٢٨٢٠) - ومن طريقه البيهقي (٩/ ٣١٣) - عن هارون بن عبد الله، ثنا حماد بن مسعدة، عن عوف، عن أبي ريحانة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قال: نهى رسول الله ﷺ عن مُعاقرة الأعراب.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث الذي أشار إليه السائل رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُعَاقَرَةِ الأَعْرَابِ".

أولاً. شرح المفردات:


● نهى: أي حَرَّمَ وَزَجَرَ عن فعل شيء.
● مُعَاقَرَة: مِنْ (العَقْر)، وأصل العَقْر في اللغة: الشرب الكثير. والمُعَاقَرَة هنا تعني: المُداومة على الشراء من الأعرابي وملازمته في ذلك، وقيل: هي الشراء منهم بثمن مؤجل أكثر من ثمن الحاضر (أي بالنسيئة)، وقيل: هي مُشارَبتهم الخمر (من العَقَار وهو الخمر). وأشهر الأقوال هو الأول.
● الأعراب: هم سكان البادية من العرب، الذين لا يقيمون في الحضر، وكانوا يشتهرون بالجهل وجفاء الطبع وقلة الدين في الجاهلية، ولم يكن كلهم كذلك في الإسلام.

ثانيًا. شرح الحديث:


نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن "مُعَاقَرَة الأعراب"، أي عن ملازمة الشراء منهم والتردد عليهم في أسواقهم خارج المدن.

# والحكمة من هذا النهي تعود إلى عدة أسباب ذكرها العلماء:


1- التعرض للغش والتدليس: كان الأعراب -في عمومهم- لا يتقنون فنون البيع والشراء بأمانة كأهل الحضر، وكانوا يجهلون كثيرًا من أحكام البيوع، فربما غشوا أو غُبنوا، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاقتراب من معاملاتهم التي تكثر فيها الشبهات والخصومات.
2- الابتعاد عن مواطن الشبهة: كانت أسواقهم في البادية بعيدة عن رقعة العلماء والحكام الذين يفصلون في المظالم ويبينون الأحكام، مما قد يؤدي إلى الوقوع في الممنوع أو أكل أموال الناس بالباطل دون أن يدري المشتري.
3- سوء الظن والخصومة: كان الأعراب معروفين بحدّة الطبع وسرعة الخصومة، فربما أدت المعاملة معهم إلى نزاع أو شقاق.
4- قلة الدين في الجاهلية: كان هذا النهي في زمن كان كثير من الأعراب حديثي عهد بالجاهلية، ولم يكن الإسلام قد استقر في نفوسهم تمامًا، فكان الحذر من معاملاتهم أولى.
ملاحظة مهمة: هذا النهي ليس للتحقير من شأن الأعراب، بل هو تدبير شرعي لحماية أموال المسلمين وأعراضهم، وهو من باب سد الذرائع. وقد زال هذا المعنى بعد أن استقر الإسلام في نفوس الجميع، وأصبح الأعراب وغيرهم يتقون الله في معاملاتهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- حرمة التعامل في البيوع المشبوهة: يحث الحديث على تجنب المعاملات التي تكثر فيها الشبهات والغش، والحرص على سلامة الدين والمال.
2- سد الذرائع الموصلة إلى الحرام: من حكمة الشريعة الإسلامية أنها تمنع كل ما يوصل إلى المحرم، حتى لو كان أصل الفعل جائزًا.
3- النهي عن مخالطة من يخشى ضرره: ليس في الدين فقط، بل حتى في المعاملات الدنيوية، يجب الحذر من مخالطة من يخشى غشه أو خصومته.
4- مراعاة أحوال الناس: ينبغي للمسلم أن يكون فطنًا إلى أحوال من يتعامل معهم، فيختار من يعرف أمانته وديانته.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا النهي ليس على سبيل التحريم المطلق، بل هو كراهة تنزيهية أو نهي للاحتياط، خاصة في تلك الحقبة التاريخية.
- لو وجد أعرابي معروف بالصدق والأمانة، فلا حرج في الشراء منه، لأن العبرة بالدين والأمانة، لا بالوصف الظاهري.
- يستفاد من الحديث أيضًا مشروعية الابتعاد عن أماكن البيع التي يغلب عليها الغش والجهل بأحكام التجارة.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٨٢٠) - ومن طريقه البيهقي (٩/ ٣١٣) - عن هارون بن عبد الله، ثنا حماد بن مسعدة، عن عوف، عن أبي ريحانة، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي ريحانة واسمه عبد الله بن مطر البصري فإنه صدوق لا بأس به، وقال ابن عدي: «لا أعرف له حديثا منكرًا فأذكره» وبقية رجاله ثقات، وعوف هو ابن أبي جميلة الأعرابي. وقد أشار أبو داود عقب الحديث إلى أن غندرًا وهو محمد بن جعفر قد أوقف الحديث على ابن عباس - يعني في روايته عن عوف الأعرابي ولم أقف عليها، وعلى كل حال حماد بن مسعدة ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة.
ومعنى الحديث كما قال الخطابي: «هو أن يتبارى الرجلان كل واحد منهما يجاود صاحبه، فيعقر هذا عددًا من إبله، ويعقر صاحبه، فأيهما كان أكثر عقرًا غلب صاحبه ونفره. كره أكل
لحومها لئلا تكون مما أهلّ به لغير الله».
قلتُ: ويؤيد هذا المعنى ما رواه مسدد - كما في المطالب العالية (٢٣٥٦) - عن ربعي بن عبد الله قال: سمعت الجارود (هو ابن أبي بُسرة) يقول: كان رجل من بني رباح يقال له: ابن أثال - وكان شاعرًا - أتى الفرزدق بماءٍ بظهر الكوفة على أن يعقر هذا مائة من الإبل، وهذا مائة من الإبل إذا وردت الماء، فلما وردت قاما إليها بالسيوف يكتسعان عراقيبها، فخرج الناس على الحمرات والبغال يريدون اللحم، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة، فخرج على بغلة رسول الله ﷺ البيضاء، وهو ينادي: أيها الناس، لا تأكلوا من لحومها فإنه أهل لغير الله تعالى».
وإسناده حسن، ربعي بن عبد الله بن الجارود بن أبي بسرة البصري، وجدّه الجارود كلاهما صدوقان كما في التقريب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن معاقرة الأعراب

  • 📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن معاقرة الأعراب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن معاقرة الأعراب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن معاقرة الأعراب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن معاقرة الأعراب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب