حديث: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في صيد سباع البهائم والطيور المعلَّمة
صحيح: رواه الترمذي (١٤٦٨)، والنسائي (٤٣١٢) من طريق شعبة - والنسائي (٤٣١١)، وأحمد (١٩٣٦٩) من طريق هشيم - كلاهما عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً. وهو حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
أولاً. شرح المفردات:
● أرمي الصيد: أي أطلق السهم من قوسي لأصطاد به الحيوان المباح.
● فأجد فيه من الغد سهمي: أي أذهب في اليوم التالي لأجد الحيوان الذي رميته ميتاً، وسهمي لا يزال فيه.
● قَتَلَهُ: أصابه فأزهق روحه.
● أَثَرَ سَبُعٍ: علامة افتراس وحشي أو كلب معلم.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبر الصحابي الجليل عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه، وكان قد أسلم وكان من أهل الخبرة بالصيد، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حالة معينة في الصيد، وهي:
أنه يرمي الصيد (كالغزال أو الطائر) بسهمه فيفر منه، ثم يعود بعد يوم كامل (الغد) فيجده ميتاً وبسهمه فيه. فهل يحل له أن يأكل من هذا الصيد أم لا؟
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بجواب شامل يحل الإشكال، ويضع ضابطاً شرعياً مهماً، فقال: «إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قَتَلَهُ، وَلَمْ تَرَ فِيهِ أَثَرَ سَبُعٍ فَكُلْ».
● شرط الحل الأول: «إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قَتَلَهُ»: أي أن تتيقن أو تغلب على ظنك أن سبب الموت هو جرح سهمك، لا سبب آخر. وهذا العلم يحصل بأمور، مثل: رؤية إصابته له في مقتل، أو وجود السهم في مكان قاتل من جسده، أو أن الصيد لم يعد يستطيع الحركة بعد الرمية مباشرة. فإذا شككت أن سبب الموت شيء آخر، لم يبح الأكل.
● شرط الحل الثاني: «وَلَمْ تَرَ فِيهِ أَثَرَ سَبُعٍ»: أي لم تجد عليه علامة تدل على أن سبعاً (كأسد أو ذئب أو كلب غير معلم) قد افترسه وعضه بعد رمايتك له. لأنك إذا وجدت أثر السنون، فغالب الظن أن الموت حصل بسبب افتراس السبع، لا بسبب سهمك. والسُبُع لا يحل أكل فريسته لأنه ميتة.
فإذا تحقق هذان الشرطان: اليقين بموته بسهمك، وانتفاء أثر السبع، فإن الصيد حلال طيب، ولو وجدته بعد يوم أو أكثر.
ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- التيسير ورفع الحرج: من حكمة الشريعة الإسلامية التيسير على الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم. فلو اشترطت أن تصل إلى الصيد فور موته لكان فيه مشقة كبيرة على الصياد، خاصة إذا كان الصيد يفر لمسافات بعيدة. فشرع هذا الحكم تيسيراً.
2- الأصل في الصيد الحل: الأصل أن الصيد الذي يصاده المسلم بالآلة المحددة (كالسهم أو السكين) وهو ذكي (يذكر اسم الله عليه) هو حلال، ما لم يطرأ عليه سبب يحرمه.
3- الضبط الشرعي للصيد: الحديث يضع قواعد دقيقة لضبط عملية الصيد، فلا يكون الأمر فوضوى، بل محكوم بضوابط تحفظ للصيد حليته، وتمنع من أكل الميتة أو ما شارك في قتله سبب محرم.
4- العلم واليقين أساس التكليف: الشريعة تبني الأحكام على العلم واليقين أو غلبة الظن، وتبعد عن الشك والوهم. فلا يكفي مجرد وجود السهم في الصيد، بل لا بد من غلبة ظنك أن سهمك هو القاتل.
5- ذكاة الصيد بالآلة الجارحة: السهم هنا بمنزلة السكين في الذكاة، فإذا أصاب الصيد في مقتل (أي موضع يسرع فيه الموت) وأراق دمه، فهو ذكاة وحل.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث أصل في "الصيد الضَّرُورِي" أو ما يعرف بمسألة "وجد الصيد بعد مدة".
- الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على أن ذكاة الصيد بالآلة (كالسهم أو الرصاص) لا تشترط فيها التسمية عند كل رمية، بل تكفي التسمية عند إرسال الكلب أو عند أول رمية، إذا كان القصد متصلاً.
- يشترط في السهم أن يكون حاداً (ذو نصل) يجرح وينزف، فإن كان خشبة غير حادة فمات الصيد بصدماها فقط، فهو ميتة لا يحل، لأنه لم يذكر بآلة تحد دمه.
- القاعدة المستفادة: "كل صيد مات بسببك وهو طاهر فهو حلال، ما لم يختلط به سبب موت محرم".
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، ويعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده صحيح، وأبو بشر جعفر بن إياس اليشكري، ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم».
وأما ما رويَ عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله ﷺ عن صيد البازي؟ فقال: «ما أمسك عليك فكُلْ«فهو شاذ بذكر البازي.
رواه الترمذي (١٤٦٧) من طريق عيسى بن يونس، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، فذكره.
ورواه أبو داود (٢٨٥١)، وأحمد (١٨٢٥٨) من طريق عبد الله بن نمير، ثنا مجالد به، فذكراه مطولًا، وهو عند أحمد أطول، وفيه: إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب، والبزاةَ فما يحل لنا منها؟
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي». ورواه البيهقي (٩/ ٢٣٨) من طريق أبي داود ثم قال: «ذكر البازي في هذه الرواية لم يأت به الحفاظ عن الشعبي، وإنما أتى به مجالد» اهـ.
قال الأعظمي: ومجالد هو ابن سعد الهمداني الكوفي ضعيف.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن جابر بن عبد الله قال: نهينا عن صيد كلب المجوس.
رواه الترمذي (١٤١٦)، وابن ماجه (٣٢٠٩) من طريق وكيع، ثنا شريك، عن حجاج بن أرطاة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن سليمان اليشكري، عن جابر بن عبد الله فذكره.
وإسناده ضعيف، فيه علتان: شريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي سيء الحفظ، وحجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن. ولذا ضعّفه الترمذي بقوله: «حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه».
قال: «والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، لا يرخصون في صيد كلب المجوس» اهـ.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (١٥/ ٢٩٥ - ٢٩٦): «وأما صيد المسلم بكلب المجوسي، فالاختلاف فيه قديم، كرهتْه طائفةٌ ولم تجزه، وأجازه آخرون، فممن كرهه جابر بن عبد الله صاحب رسول الله ﷺ، والحسن البصري، وعطاء، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه ...
وخالفهم آخرون فقالوا: تعليم المجوسي له وتعليم المسلم سواء، وإنما الكلب كآلة الذبح والذكاة، وممن ذهب إلى هذا سعيد بن المسيب، وابن شهاب والحكم، وعطاء - وهو الأصح عنه - وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم» اهـ.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 أكل آنية أهل الكتاب وغسلها، وصيد القوس والكلب المعلم وغير...
- 2 إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل
- 3 إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل
- 4 إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع...
- 5 كل مما أمسكت عليك كلابك المكلبة
- 6 إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل
- 7 ما أصاب بحده فكله وما أصاب بعرضه فهو وقيذ
- 8 إذا أرسلت كلبك فخالطته أكلب لم تسم فلا تأكل
- 9 إذا أرسلت كلبك وسميت فأمسك وقتل فكل
- 10 يأكل إن شاء إذا وجد سهمه في الصيد الميت
- 11 إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكله ما لم ينتن
- 12 إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله
- 13 إذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل
- 14 نهى رسول الله ﷺ عن الخذف
- 15 نهى رسول الله ﷺ أن تصبر البهائم
- 16 من فعل هذا؟ إن النبي ﷺ لعن من فعل هذا
- 17 نهى النبي ﷺ عن صبر البهائم للقتل
- 18 من لعن من مثّل بالبهائم
- 19 لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضًا
- 20 لا تقتلوا شيئًا من الدواب صبرًا
- 21 لا تمثلوا بالبهائم
- 22 من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل
- 23 لعن الله من ذبح لغير الله ومن سرق منار الأرض
- 24 إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا...
- 25 لا عقر في الإسلام
- 26 نهى رسول الله ﷺ عن معاقرة الأعراب
- 27 أعجل أو أرني ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل
- 28 ما ذبح الله فلا تأكلوه وما ذبحتم أنتم أكلتموه
- 29 سموا عليه أنتم وكلوه
- 30 أصبت جرابا من شحم يوم خيبر
- 31 أهديت للنبي ﷺ شاة فيها سم
- 32 يا عائشة! إني أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر
- 33 دعا يهودي النبي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه
- 34 ذبح الشاة بحجر وأمر النبي بأكلها
- 35 ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل
- 36 أصّدتُ أرنبين فذبحتهما بمروةٍ فأمرني بأكلهما
- 37 أخذ وتدًا فوجأ به في لبّتها حتى أُهريق دمُها
- 38 أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله
- 39 ذكاة الشاة الحامل
- 40 النبي ﷺ يسلخ الشاة ويصلي بلا وضوء
- 41 ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قالا: الجوع
معلومات عن حديث: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل
📜 حديث: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








