حديث: أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في التذكية بكلِّ شيء حادٍّ إذا أنهر الدم غير السن والظُفر وسائر العظام

عن عدي بن حاتم قال: قلتُ: يا رسول الله، أرأيت إنْ أحدنا أصاب صيدًا، وليس معه سكين أيذبحُ بالمروة، وشقة العصا؟ فقال: «أمْررِ الدمَ بما شِئت، واذكر اسم الله عز وجل».

حسن: رواه أبو داود (٢٨٢٤)، والنسائي (٤٣٠٤)، وابن ماجه (٣١٧٧)، وأحمد (١٨٢٥٠)، وصحَّحه ابن حبان (٣٣٢)، والحاكم (٤/ ٢٤٠) كلهم من طرق عن سماك بن حرب قال: سمعت مريَّ بن قطري، يحدث عن عدي بن حاتم، فذكره.

عن عدي بن حاتم قال: قلتُ: يا رسول الله، أرأيت إنْ أحدنا أصاب صيدًا، وليس معه سكين أيذبحُ بالمروة، وشقة العصا؟ فقال: «أمْررِ الدمَ بما شِئت، واذكر اسم الله ﷿».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام الترمذي في سننه، وصححه الألباني. وهو حديث عظيم يُبيّن سعة الشريعة الإسلامية ويسرها، ورفعها للحرج عن الأمة.

أولاً. شرح المفردات:


● أصاب صيدًا: أي اصطاد حيوانًا مباحًا من الطير أو غيره.
● وليس معه سكين: لم يكن بحوزته آلة حادة مخصصة للذبح.
● أيذبح بالمروة: المروة هي الحجر الأبيض الأملس والحاد. أي هل يذبح الحيوان باستخدام هذه الحجرة؟
● وشقة العصا: شِقَّة العصا يعني طرفها الحاد أو شظيتها إذا انشقت فصارت حادة. والسؤال هل يجوز الذبح بها؟
● أمْررِ الدمَ بما شئت: أي اسلخ وأجرِ الدم باستخدام أي أداة تستطيعها.
● واذكر اسم الله: أي قل عند الذبح: "بسم الله، الله أكبر".

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبر الصحابي الجليل عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه- أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حالة عملية قد تواجه أي صياد: ماذا يفعل إذا اصطاد حيوانًا (صيدًا) وأراد أن يذبحه ليأكله، لكنه لم يكن يحمل معه سكينًا أو آلة ذبح حادة تقليدية؟ هل يجوز له أن يستخدم بدائل مثل حجر حاد (المروة) أو أن يصنع أداة من عصا يقطعها لتصبح حافة؟
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الجواب الجامع الميسر: «أمْررِ الدمَ بما شِئت، واذكر اسم الله».
ومعنى هذا الجواب النبوي الكريم:
1- جواز استخدام أي أداة تُحدث جرحًا وتُسيل الدم: سواء كانت سكينًا، أو حجرًا، أو عظمًا، أو قصبًا، أو أي شيء آخر يمكن أن ينهر الدم (أي يقطعه ويسيله)، ما دامت حادة بما يكفي لإجراء الذكاة الشرعية.
2- اشتراط التسمية: أن يذكر اسم الله تعالى عند الذبح، فهذا هو الشرط الأساسي لإباحة أكل الذبيحة.
فالحديث يرفع الحرج والحيرة، ويوسع على الناس في أمور معاشهم، ويبين أن المقصود الأساسي من الذكاة هو إخراج الدم بإراقة روح الحيوان بطريقة معينة، وألا يكون المذكي قدوة (أي مات بغير ذكاة)، مع ذكر اسم الله عليه.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- يسر الشريعة الإسلامية وسماحتها: فالإسلام دين يسر لا عسر، يرفع الحرج والمشقة عن الناس، خاصة في مثل هذه الأمور الحياتية التي قد تواجههم.
2- مراعاة الظروف والضرورات: الشرع الحكيم يراعي أحوال الناس وظروفهم، فلا يكلفهم ما لا يطيقون، ويبيح لهم عند الحاجة ما قد يكون ممنوعًا في الأصل لوجود البديل (كوجود السكين).
3- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل "اتكل على الله وستجد حلاً"، بل بين الأسباب المشروعة التي على المسلم أن يأخذ بها مع تسميته لله.
4- بيان أهمية التسمية: حيث قرنها النبي صلى الله عليه وسلم بأصل الإباحة، فبدونها لا تحل الذبيحة حتى ولو كانت بأفضل السكاكين.
5- فقه الصحابة رضي الله عنهم: حيث كانوا يسألون عن دقائق الأمور وحوادثها ليعلموا حكم الله فيها.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يدخل تحت القاعدة الفقهية العظيمة: "الضرورات تبيح المحظورات"، فعدم وجود السكين ضرورة تبيح استخدام غيرها من الأدوات.
- يشترط في آلة الذبح أن تكون مُحَدَّدة تقطع وتنهر (تسيل) الدم، ولا يجوز الذبح بما لا ينهر الدم كأن يذبحه بحجر غير حاد أو بعصا غير مشطورة فلا يموت من أثرها بل يموت خنقًا أو رضًا.
- هذا الحكم خاص بـ الذكاة (ذبح الحيوان المباح للأكل). أما في الصيد (اصطياد الحيوان في البر) فله شروط أخرى، منها أن يكون الصائد مُحْرِمًا (أي قاصدًا للصيد) وأن يذكر اسم الله عند إرسال السلاح (كالسهم أو الكلب).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٨٢٤)، والنسائي (٤٣٠٤)، وابن ماجه (٣١٧٧)، وأحمد (١٨٢٥٠)، وصحَّحه ابن حبان (٣٣٢)، والحاكم (٤/ ٢٤٠) كلهم من طرق عن سماك بن حرب قال: سمعت مريَّ بن قطري، يحدث عن عدي بن حاتم، فذكره. قال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: بل إسناده حسن فحسب؛ من أجل سماك بن حرب، فإنه حسن الحديث، وأما شيخه مري بن قطري فلم يرو عنه إلا سماك، ووثّقه ابن معين كما في تاريخ عثمان الدارمي (٧٦٦) ولم يقف عليه الحافظ ابن حجر فقال في التقريب: «مقبول» وهو حسن الحديث إلا أنه ليس من رجال مسلم كما قال الحاكم.
وفي الباب عن زيد بن ثابت، أن ذئبًا نيَّبَ في شاة فذبحوها بالمروة، فرخّص النبي ﷺ في أكلها.
رواه النسائي (٤٤١٢، ٤٤١٩) وابن ماجه (٣١٧٦)، وأحمد (٢١٥٩٧)، وصحَّحه ابن حبان (٥٨٨٥)، والحاكم (٤/ ١١٣ - ١١٤) كلهم من طرق عن شعبة، قال: سمعت حاضر بن المهاجر أبا عيسى الباهلي، قال: سمعت سليمان بن يسار يتحدث عن زيد بن ثابت، فذكره.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: ورجاله ثقات سوي حاضر بن المهاجر فلم يوثّقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه إلا شعبة؛
ولذا قال الحافظ: «مقبول». يعني حيث يتابع وإلا فليّن الحديث، بل قال أبو حاتم: «مجهول».
ولا تنفع متابعة الواقدي له فإنه متروك، ومن طريقه رواه البيهقي (٩/ ٢٥٠).
وقوله: «نيّبَ«أي أنشبَ أنيابه فيها.
وأما ما رويَ عن ابن عباس وأبي هريرة قالا: نهى رسول الله ﷺ عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيُقطع الجلد، ولا تُفرى الأوداج، ثم تُترك حتى تموت. فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٢٨٢٦)، وأحمد (٢٦١٨) كلاهما من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن عمرو بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس وأبي هريرة، فذكراه، واللفظ لأبي داود.
ولفظ أحمد: «لا تأكل الشريطة، فإنها ذبيحة الشيطان، ولم يذكر التفسير. وصحَّحه من هذا الوجه ابن حبان (٥٨٨٨)، والحاكم (٤/ ١١٣) غير أن ابن حبان وقع عنده عن أبي هريرة وحده.
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
وهو ليس كما قال؛ لأن في إسناده عمرو بن عبد الله وهو ابن الأسوار اليماني، ويقال له: عمرو بَرْق أو ابن بَرْق، وإن ذكره ابن حبان في الثقات، فقد قال ابن معين: «ليس بالقوي». وقال ابن عدي: «حديثه لا يتابعه الثقات عليه» وحكى العقيلي عن الإمام أحمد أنه قال: «له أشياء مناكير، وكان عند معمر لا بأس به» وقال ابن أبي مريم عن يحيى بن معين قال: زعم هشام القاضي أنه ليس بثقة. وقال ابن الأعرابي عن أبي داود: كان معمر إذا حدّث أهل البصرة قال لهم: «عمرو بن عبد الله وإذا حدّث أهل اليمن لا يسمّيه».
قل: ولعل السبب في ذلك أنهم كانوا يسيئون الرأي فيه، والخلاصة فيه أنه ضعيف. وأما الحافظ فقال في التقريب: «صدوق فيه لين».
وكذلك لا يصح ما رويَ عن أبي العُشراء، عن أبيه قال: يا رسول الله! أما تكون الذكاة إلا من اللبَّة، أو الحلق؟ قال: قال رسول الله ﷺ: «لو طعنتَ في فخذها لأجزأ عنك».
رواه أبو داود (٢٨٢٥)، والترمذي (١٤٨١)، والنسائي (٤٤٨٠)، وابن ماجه (٣١٧٤)، وأحمد (١٨٩٤٧) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، عن أبي العشراء، عن أبيه، فذكره.
وإسناده ضعيف لجهالة أبي العُشراء، قال الذهبي في الميزان: «لا يُدري من هو ولا من أبوه؟» وقال الحافظ: «مجهول».
وقال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف لأبي الشراء، عن أبيه غير هذا الحديث» ونقل نحوه عن البخاري في العلل الكبير (٢/ ٦٣٤ - ٦٣٥).
وقال الحافظ في التلخيص (٤/ ١٣٤): «أبو العشراء مختلف في اسمه وفي اسم أبيه، وقد تفرد حماد بن سلمة بالرواية عنه على الصحيح، ولا يعرف حاله».
وقال الخطابي في معالم السنن (٤/ ١١٧): «هذا في ذكاة غير المقدور عليه، فأما المقدور عليه فلا
يذكيه إلا قطع المذابح لا أعلم فيه خلافًا بين أهل العلم وضعفوا هذا الحديث لأن راويه مجهول».
ولذا قال أبو داود عقب الحديث: «وهذا لا يصلح إلا في المتردية والمتوحش».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله

  • 📜 حديث: أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أمرر الدم بما شئت واذكر اسم الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب