رسول الله يكره الشكال من الخيل

حديث: رسول الله يكره الشكال من الخيل

عن أبي هريرة قال: كان رسول الله ﷺ يكره الشِّكال من الخيل.
وزاد في رواية: والشكال أن يكون الفرس في رجله اليُمنى بياض وفي يده اليُسرى، أو في يده اليُمنى ورجله اليُسرى.

صحيح: رواه مسلم في الإمارة (١٨٧٥: ١٠١) من طرق عن سفيان (هو الثوري)، عن سلْم بن عبد الرحمن، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الذي تفضلت بذكره حديث صحيح، رواه الإمام البخاري في صحيحه (2850) ومسلم في صحيحه (2110) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ: «كَانَ يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ». وفي رواية أخرى عند مسلم: «وَالشِّكَالُ أَنْ يَكُونَ الْفَرَسُ فِي رِجْلِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى، أَوْ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى».

أولاً. شرح المفردات:

● يَكْرَهُ: الكراهية هنا على الأرجح كراهة تنزيه، وليست تحريماً، أي أن الأمر مكروه غير محرم، والأفضل تركه. وقيل إنها كراهة لعارض، كما سيأتي في الشرح.
● الشِّكال: بكسر الشين وتشديد الكاف. وهو مصطلح يطلق على صفة معينة في لون الخيل.
● الفرس: هو الحصان الذكر.
● اليد: المقصود بها هنا الرجل الأمامية للفرس، إذ يطلق العرب على القوائم الأمامية للحيوان "يدان"، وعلى الخلفيتين "رجلان".
● الرجل: المقصود بها هنا الرجل الخلفية للفرس.
فالمعنى: أن الشكال هو أن يكون البياض في إحدى القائمتين الأماميتين (مثلاً اليمنى) مقترناً بالبياض في القائمة الخلفية من الجانب المُقابل (مثلاً اليسرى)، والعكس صحيح.

ثانياً. شرح الحديث:

كان من هدي النبي ﷺ وعادته في الخيل التي يعدها للجهاد في سبيل الله أن يكره هذا النوع من ألوانها، الذي وصفه الحديث بـ "الشكال".
والحكمة من هذه الكراهة – والله أعلم – يمكن إجمالها في عدة أمور:
1- اعتقاد العرب في الجاهلية: كان لعرب الجاهلية تخوُّفات واعتقادات متعلقة ببعض صفات الخيل، فكانوا يتشاءمون من "الشكال" ويرون أنه شؤم على صاحبه. فكرهه النبي ﷺ سداً للذريعة، وحتى لا يظن ظان أن الإسلام أقر تلك الخرافات، أو لقطع دابر هذه الاعتقادات الجاهلية من نفوس المسلمين الجدد.
2- كراهية عارضة: قد تكون الكراهية لعارض، وهو ما كان معهوداً عند العرب من النقص في قيمة هذه الخيل أو النظر إليها نظرة دونية، فكره النبي ﷺ للمسلم أن يمتلك ما فيه مثلة أو عيب نسبي في نظر الناس، خاصة إذا كان معداً للجهاد وإعلاء كلمة الله.
3- مسألة الجمال والاعتياد: قد يكون الأمر مرتبطاً بذوق العرب الجمالي آنذاك، حيث كانوا يستحبون التوافق في الألوان، ويرون أن الشكال خروج عن النسق المألوف والمتناسق، فالنبي ﷺ نبي وهو أيضاً عربي، وقد يُكره له ما تكرهه العرب من الأشياء التي لا تعجبها في خيلها.
ملاحظة مهمة: هذا الحكم ليس تحريماً، وليس فيه نقص في أجر الرباط والجهاد إذا استعمل هذه فرساً فيه هذه الصفة. إنما هو أمر كراهة تنزيهية مرتبطة بعادات واعتقادات سابقة، والله أعلم بالحكمة الحقيقية.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- حكمة التشريع: في هذا الحديث دليل على حكمة النبي ﷺ التشريعية، حيث لم يحرّم الأمر تحريماً باتاً، إنما كرهه سداً للذريعة وقطعاً لأسباب الشرك والخرافات التي قد تعلق في النفوس.
2- محاربة الخرافات: الإسلام يحارب كل أشكال التطير والتشاؤم من المخلوقات أو ألوانها أو أصواتها، فالنافع والضار بيد الله وحده.
3- مراعاة النفس البشرية: الشرع الحكيم يراعي المشاعر والعادات المستقرة في النفوس، فيأمر بما تطمئن إليه وينهى عما تنفر منه، ما لم يكن محرماً.
4- أن الكراهة ليست على إطلاقها: فكراهة النبي ﷺ للشكال لا تعني أن الخيل كلها يجب أن تكون على صفة واحدة، بل هناك ألوان وأشكال أخرى مستحبة أو مباحة، كالكُميت (البني المحمر) وغيرها.

رابعاً. معلومات إضافية:

- اختلف العلماء في حكم بيع وشراء الخيل التي فيها "شكال"، والأرجح أنه جائز لأن الأصل في المعاملات الإباحة، والكراهة هنا لا تصل إلى حد التحريم.
- هذا الحكم خاص بالخيل التي تُعد للجهاد والزينة، وأما بهيمة الأنعام وغيرها فلا تدخل في هذا الحكم.
- ينبغي للمسلم أن يتجنب التطير والتشاؤم من أي لون أو شكل، ويتوكل على الله حق توكله، فما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإمارة (١٨٧٥: ١٠١) من طرق عن سفيان (هو الثوري)، عن سلْم بن عبد الرحمن، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، فذكره.
والزيادة في رواية عبد الرزّاق عن سفيان، به.
والظاهر أن هذا التفسير من الصحابي أو ممن هو دونه، وفي تفسير الشكال أقوال أخرى ذكرها النوويّ في شرح مسلم (١٣/ ١٨) قال: وقال العلماء: إنّما كرهه لأنه على صورة المشكول. وقيل: يحتمل أن يكون قد جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة. اهـ

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 244 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رسول الله يكره الشكال من الخيل

📜 حديث: رسول الله يكره الشكال من الخيل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رسول الله يكره الشكال من الخيل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رسول الله يكره الشكال من الخيل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رسول الله يكره الشكال من الخيل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية