حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل الخيل في الجهاد

عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: «الخيلُ معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة، وأهلُها معاونون عليها، فامسحوا بنواصيها، وادعوا لها بالبركة، وقلدوها ولا تقلدوها بالأوتار».

حسن: رواه أحمد (١٤٧٩١)، والطحاوي في شرح المشكل (٣٢٣) من طرق عن ابن المبارك، عن عتبة بن أبي حكيم، حَدَّثَنِي حصين بن حرملة، عن أبي مصبّح، عن جابر.

عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ: «الخيلُ معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة، وأهلُها معاونون عليها، فامسحوا بنواصيها، وادعوا لها بالبركة، وقلدوها ولا تقلدوها بالأوتار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، يحمل في طياته إرشادات نبوية كريمة تتعلق بالخيل وفضلها وكيفية التعامل معها.

أولاً. شرح المفردات:


● معقود: يعني مرتبط ومثبت ومقترن.
● في نواصيها: الناصية هي مقدمة الرأس، ما بين الأذنين، أو شعر مقدمة الرأس.
● النَّيْل: الغنيمة والظفر والخير الذي يناله صاحبها.
● معاونون عليها: أي مساعدون لها ومتعاونون معها في الخير الذي أعده الله لها.
● قلدوها: أي اجعلوا في أعناقها قلائد أو شيئاً للزينة أو للتمييز.
● الأوتار: جمع وَتْر، وهو الخيط الذي يُسْتَقْصَى به في الرمية، أو خيط القوس.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث أن الخير والبركة والغنيمة مرتبطة بالخيل إلى يوم القيامة، فهي ليست مجرد دواب للركوب، بل هي معدة لما هو أعظم من ذلك في سبيل الله. وأهلها -أي أصحابها- الذين يربونها وينفقون عليها ويعتنون بها، هم شركاء في ذلك الخير، ومعينون لها على حمل ذلك الخير.
ثم يأمرنا ﷺ بأمرين:
1- "فامسحوا بنواصيها، وادعوا لها بالبركة": وهذا من باب التبرك والدعاء، فالمسح على ناصيتها مع الدعاء لها بالبركة من الأمور المستحبة التي تجلب الخير وتزيده.
2- "وقلدوها ولا تقلدوها بالأوتار": أي زينوها بالقلائد التي تُعلَّق في أعناقها، ولكن نهى عن تقليدها بالأوتار (خيوط القسي)؛ لأنه كان من عادة الجاهلية أن يقلدوها بها تيمناً بحظها في الحرب، فأبطل الإسلام هذه العادة الوثنية.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل الخيل وعلو مكانتها: فقد جعل الله فيها الخير والبركة والغنيمة إلى يوم القيامة، خاصة إذا أعدت للجهاد في سبيل الله.
2- الإحسان إلى الحيوان: فالنبي ﷺ يأمر بالدعاء للخيل بالبركة والاهتمام بها، وهذا من كمال الشريعة في رعاية حقوق الحيوان.
3- التعاون على البر والخير: فالمسلم يتعاون مع دابته في الخير، وهي بدورها تعينه عليه.
4- اجتناب مشابهة أهل الجاهلية: النهي عن تقليد الخيل بالأوتار لأنه من عادات الجاهلية التي لا تليق بالمسلم.
5- التبرك بالمباحات: الدعاء بالبركة للخيل مع مسح نواصيها من التبرك المشروع، بخلاف التبرك المحرم.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الخيل في الإسلام لها منزلة عظيمة، وقد جاء في القرآن الكريم ذكرها في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60].
- من أعد فرساً في سبيل الله إيماناً واحتساباً، فإن شربها وروثها وبولها في ميزان حسناته يوم القيامة كما في الحديث الصحيح.
- هذا الحديث يدل على أن الخير في الخيل باقٍ إلى قيام الساعة، مما يعني أن الجهاد بالخيل باقٍ إلى أن تقوم الساعة، وهذا من معجزات النبي ﷺ.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٤٧٩١)، والطحاوي في شرح المشكل (٣٢٣) من طرق عن ابن المبارك، عن عتبة بن أبي حكيم، حَدَّثَنِي حصين بن حرملة، عن أبي مصبّح، عن جابر. فذكره.
وفي إسناده حصين بن حرملة لم يُذكر له راو غير عتبة بن أبي حكيم، ولم يوثقه أحد إِلَّا أن ابن حبَّان ذكره في ثقاته (٦/ ٢١٣)، وهو من رجال التعجيل.
وأمّا قول الهيثميّ في «المجمع» (٥/ ٢٦١): «رجال أحمد ثقات» فاعتماد منه على توثيق ابن حبَّان لحصين بن حرملة.
ولكن رُوي من طريق آخر، وهو ما رواه أبو يعلى في معجمه (١٩٥)، وأبو الشّيخ في طبقات المحدثين (٣/ ٤٧٣) من طريق سليمان بن عمر بن خالد الأقطع أبي أيوب الرقيّ، حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد الأمويّ، عن مجالد، عن الشعبيّ، عن جابر، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير» قالوا: يا رسول الله، وما ذلك الخير؟ قال: «الأجر والغنيمة».
وسليمان بن عمرو الرقي ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٤/ ١٣١) وقال: كتب عنه أبي بالرقة، وذكره ابن حبَّان في ثقاته (٨/ ٢٨٠).
ومجالد هو ابن سعيد ضعيف عند جمهور أهل العلم إِلَّا أن البخاريّ كان حسن الرأي فيه. وبمجموع هذين الطريقين يصل الحديث إلى درجة الحسن إن شاء الله إِلَّا أن في رواية حصين بن حرملة زيادات لم ترد في طريقي مجالد ولكن لها ما يشهده.
فقوله: «وأهلها معاونون عليها» ثبت مثله من حديث أبي كبشة الأنماريّ، والمغيرة بن شعبة كما تقدّم.
وقوله: «وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار» جاء مثله من مرسل مكحول عند سعيد بن منصور (٢٤٢٩، ٢٤٣٣) وابن أبي شيبة (١٢/ ٤٨٤)، ومن قول أبي أمامة عند ابن أبي شيبة (١٢/ ٤٨٤).
وقوله: «فامسحوا بنواصيها» فقد جاء عند مسلم من حديث جرير بن عبد الله أن النَّبِيّ ﷺ كان يلوي ناصية فرس بأصبعه.
وقوله: «وادعوا لها بالبركة» ففي الحديث المتفق عليه عن أنس مرفوعًا: «البركة في نواصي الخيل» والله تعالى أعلم.
وأمّا ما رُوي عن أبي وهب الجُشمي - وكانت له صحبة - قال قال رسول الله ﷺ: «تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عز وجل: عبد الله، وعبد الرحمن. وأصدقها. حارث وهمام، وأقبحها: حرب ومُرّة، وارتبطوا الخيل، وامسحوا بنواصيها وأعجازِها، - أو قال: وأكفالها - وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار، وعليكم بكل كُميتٍ أغر محجل، أو أشقر أغر محجل، أو أدهم أغرّ محجل». فمعلول.
رواه النسائيّ (٣٥٦٥)، وأبوداود (٤٩٥٠، ٢٥٥٣، ٢٥٤٣) مفرقا، وأحمد (١٩٠٣٢) - ومن طريقه البخاريّ في الأدب المفرد (٨١٤) - من طرق عن هشام بن سعيد الطالقانيّ، حَدَّثَنَا محمد بن المهاجر الأنصاريّ، عن عَقيل بن شبيب، عن أبي وهب الجشمى - وكانت له صحبة - قال: قال رسول الله ﷺ فذكره. والسياق حمد.
ورواه أحمد (١٩٠٣٣)، وأبودا ود (٢٥٤٤) من طريق أبي المغيرة (وهو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني) عن عقيل بن شبيب، عن أبي وهب قال: قال رسول الله ﷺ فذكره. ولم يقل: له صحبة. ونسب في رواية أحمد بأنه كلاعي.
ونقل ابن أبي حاتم في العلل (٢/ ٣١٢ - ٣١٣) عن أبيه في إعلال الحديث المذكور كلاما طويلًا حاصله: أن أبا وهب المذكور في الإسناد هو الكلاعي صاحب مكحول، واسمه عبيد الله بن عبيد، وهو دون التابعين ثمّ قال: قلت لأبي: «هو عقيل بن سعيد، أو عقيل بن شبيب؟ قال: مجهول، ولا أعرفه». اهـ
وقال الذّهبيّ في ترجمة عقيل بن شبيب من الميزان (٣/ ٨٨): «لا يعرف هو ولا الصحابي إِلَّا بهذا الحديث، تفرّد به محمد بن المهاجر عنه». اهـ
قوله: «قَلِّدُوا الخيلَ ولا تُقَلِّدوها الأوتار» أي قَلِّدُوها طلبَ إعلاء الدين والدفاع عن المسلمين، ولا تُقَلِّدوها طَلَب أوتار الجاهليَّة وذُحُولَها التي كانت بينكم.
والأوتار: جمع وِتْر بالكسر وهو الدَّمُ وطَلَبُ الثأر، يُرِيد اجْعلوا ذلك لازِمًا لها في أعناقها لُزوم القَلائد للأعناق.
وقيل: أراد بالأوتار: جَمْع وَتَر القَوْس أي لا تَجْعلوا في أعْناقها الأوتار فَتَخْتنِقَ لأنَّ الخيلَ ربما رعَت الأشجار، فنَشِبَت الأوتار ببعض شُعَبها فتخنقها.
وقيل: إنّما نَهاهم عنها؛ لأنهم كانوا يَعْتقِدون أن تَقْليد الخيل بالأوتار يَدْفع عنها العين والأذَى فتكون كالعُوذة لها فنهاهم وأعْلَمَهم أنها لا تَدْفع ضَرَرًا ولا تَصرف حَذَرًا. والمعنى الأخير صحّحه ابن القيم في الفروسية.
وقوله: «كميت» قال الجوهري: «الكميت من الخيل، يستويَ فيه المذكر والمؤنث، ولونه الكُمتة، وهي حمرة يدخلها قنوء - أي سواد غير خالص - قال: والفرق بين الكميت والأشقر بالعرف والذنب، فإن كانا أحمرين فهو أشقر فإن كانا أسودين فهو كميت». الصحاح (١/ ٢٦٣).
وقوله: «أغر» الذي في وجهه بياض.
وقوله: «محجل» قال في النهاية هو: الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين؛ لأنهما مواضع الأحجال، وهي الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 239 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة

  • 📜 حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب