حديث: آدم جعل لابنه داود ستين سنة من عمره

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في وهب آدم أربعين سنة من عمره لداود ﵉ ونسيانه ذلك

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لما خلق اللَّه آدم ونفخ فيه الرُّوح عَطَسَ، فقال: الحمد للَّه، فحَمِدَ اللَّه بإذنه، فقال له ربُّه: يرحمُك اللَّهُ يا آدم، اذهبْ إلى أولئك الملائكةِ -إلى ملإ منهم جلوس- فَقُل السّلام عليكم، قالوا: وعليك السَّلامُ ورحمة اللَّه، ثم رجع إلى ربِّه فقال: إنّ هذه تحيَّتُك وتحيَّةُ بنيك
بينهم، فقال اللَّه له -ويداه مقبوضتان- اخْتَرْ أَيَّهُما شِئْتَ؛ قال: اخْترتُ يمين ربّي -وكلتا يدي ربي يمين مباركة- ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريّتُه، فقال: أيْ ربّ ما هؤلاء؟ فقال: هؤلاء ذُريّتُك، فإذا كلُّ إنسان مكتوب عمره بين عينيه، فإذا فيهم رَجلٌ أضوؤهم أو من أضوئهم. قال: يا ربّ من هذا؟ قال: هذا ابنُك داودُ، قد كتب له عُمْرَ أربعين سنةً. قال: يا ربّ زدْه في عمره، قال: ذاك الذي كتبُ له. قال: أيْ ربِّ فإنّي قد جعلتُ له من عُمْري ستين سنةً. قال: أنت وذاك. قال: ثُم أُسْكن الجنّةَ ما شاء اللَّه ثم أُهْبِط منها، فكان آدمُ يَعُدُّ لنفسه. قال: فأتاه ملك الموت، فقال له آدم: قد عَجَّلْتَ، قد كُتِب لي ألْفُ سنةٍ. قال: بلى ولكنّك جعلتَ لابنِك داود ستين سنة. فجَحَدَ فجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُه، ونَسِي فَنَسِيَتْ ذُرِيَّتُه. قال: فَمِنْ يومئذٍ أُمِرَ بالكتاب والشّهود».

حسن: رواه الترمذيّ (٣٣٦٨) عن محمد بن بشّار، حدّثنا صفوان بن عيسى، حدّثنا الحارث ابن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لما خلق اللَّه آدم ونفخ فيه الرُّوح عَطَسَ، فقال: الحمد للَّه، فحَمِدَ اللَّه بإذنه، فقال له ربُّه: يرحمُك اللَّهُ يا آدم، اذهبْ إلى أولئك الملائكةِ -إلى ملإ منهم جلوس- فَقُل السّلام عليكم، قالوا: وعليك السَّلامُ ورحمة اللَّه، ثم رجع إلى ربِّه فقال: إنّ هذه تحيَّتُك وتحيَّةُ بنيك
بينهم، فقال اللَّه له -ويداه مقبوضتان- اخْتَرْ أَيَّهُما شِئْتَ؛ قال: اخْترتُ يمين ربّي -وكلتا يدي ربي يمين مباركة- ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريّتُه، فقال: أيْ ربّ ما هؤلاء؟ فقال: هؤلاء ذُريّتُك، فإذا كلُّ إنسان مكتوب عمره بين عينيه، فإذا فيهم رَجلٌ أضوؤهم أو من أضوئهم. قال: يا ربّ من هذا؟ قال: هذا ابنُك داودُ، قد كتب له عُمْرَ أربعين سنةً. قال: يا ربّ زدْه في عمره، قال: ذاك الذي كتبُ له. قال: أيْ ربِّ فإنّي قد جعلتُ له من عُمْري ستين سنةً. قال: أنت وذاك. قال: ثُم أُسْكن الجنّةَ ما شاء اللَّه ثم أُهْبِط منها، فكان آدمُ يَعُدُّ لنفسه. قال: فأتاه ملك الموت، فقال له آدم: قد عَجَّلْتَ، قد كُتِب لي ألْفُ سنةٍ. قال: بلى ولكنّك جعلتَ لابنِك داود ستين سنة. فجَحَدَ فجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُه، ونَسِي فَنَسِيَتْ ذُرِيَّتُه. قال: فَمِنْ يومئذٍ أُمِرَ بالكتاب والشّهود».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين. هذا حديث عظيم من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني.
وفيما يلي شرحه وبيان فوائده:

أولاً. شرح المفردات:


● عَطَسَ: خرج الهواء من أنفه بشدة نتيجة انتعاش البدن.
● مَلَأ منهم: جماعة منهم وجمهورهم.
● تَحِيَّتُك: السلام الذي شرعته لك ولعبادك.
● ويدياه مقبوضتان: كناية عن العطاء والاختيار بين خيرين.
● أضوؤهم: أكثرهم نوراً وحسناً وإشراقاً.
● جَحَدَ: أنكر العهد الذي قطعه على نفسه.
● أُمِرَ بالكتاب والشهود: أي أُمر الناس بالتوثيق بالكتابة والإشهاد على المعاملات لئلا ينكرها أحد.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يصف هذا الحديث لحظة عظيمة من لحظات بدء خلق أبوينا آدم وحواء، حيث يروي لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم عليه السلام عندما خلقَه الله ونفخ فيه من روحه، عطس بحكمته تعالى، فحمد الله على نعمة الحياة، فرد الله عليه بالرحمة. ثم أمره الله تعالى أن يذهب إلى جماعة من الملائكة ويسلم عليهم، فردوا عليه السلام، ليكون ذلك سنة للتحية بين بني آدم. ثم أخبر الله تعالى آدم أن هذا السلام هو تحيته وتحية ذريته.
ثم عرض الله تعالى على آدم أن يختار إحدى يديه (كناية عن اختيار بين أمرين)، فاختار اليمين، فإذا فيها هو وذريته، وأعمارهم مكتوبة بين أعينهم. فرأى ضمنهم داود عليه السلام وقد كتب له عمراً قصيراً (أربعين سنة)، فوهب له من عمره ستين سنة. ولكن آدم نسي هذا العطاء وجحد العهد عندما جاءه ملك الموت لقبض روحه بعد أن عاش 940 سنة، فظن أنه كان من حقه أن يعيش ألف سنة. ومن هنا شرع الله التوثيق بالكتابة والشهود لئلا يجحد الناس حقوق بعضهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة آدم وفضله: فقد خصه الله بأمور لم يخص بها غيره، كنفخ الروح فيه مباشرة، وتعليمه الحمد عند العطاس، وتلقينه السلام.
2- مشروعية السلام: السلام تحية المسلمين، وهو من سنن الأنبياء، وفيه إظهار للمودة ونفي للعداوة.
3- الإذن في التقدير: أن الأعمار مقدورة بأجلها، ولا يزيد العمر إلا بما يكتبه الله.
4- فضل داود عليه السلام: كان من أشد الناس جمالاً ونوراً، حتى عرفه آدم بين ذريته.
5- نسيان آدم وجحوده: وهذا من طبيعة البشر، فهم ينسون وينكرون، وليس في هذا نقص لنبوته، بل هو بشر يخطئ وينسى.
6- حكمة الله في التشريع: شرع الكتابة والإشهاد لحفظ الحقوق ومنع النزاع والجحود.

رابعاً. فوائد إضافية:


● الحكمة من العطاس: كان عطاس آدم دليلاً على اكتمال خلقه وانتظام روحه في جسده.
● رد الملائكة بالزيادة: قولهم: "وعليك السلام ورحمة الله" دليل على استحباب الزيادة في رد السلام.
● بركة عمر الإنسان: العمر مهما طال فهو قصير، والحكمة هي في كيفية استغلاله في طاعة الله.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٣٣٦٨) عن محمد بن بشّار، حدّثنا صفوان بن عيسى، حدّثنا الحارث ابن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة، وأخرجه في كتاب التوحيد (١٠٧) من هذا الوجه - وعنه ابن حبان في صحيحه (٦١٦٧).
وأخرجه الحاكم (١/ ٦٤) من وجه آخر عن صفوان بن عيسى. وقال:
«صحيح على شرط مسلم، فقد احتجّ بالحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، وقد رواه عنه غير صفوان، وإنّما خرّجته من حديث صفوان لأنّي علوتُ فيه».
وقال الترمذيّ: «حسن غريب من هذا الوجه».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل كلام يسير في الحارث بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن سعد بن أبي ذباب، غير أنّه حسن الحديث، وقد توبع.
فقد رواه ابنُ أبي عاصم في السنة (٢٠٤) من هذا الوجه، ومن وجه آخر (٢٠٥) ولم يسق لفظه كاملًا، ولكن فيه مبارك بن فضالة «صدوق يدلِّس ويسوِّي». كما في التقريب، وقد ضعّفه النسائيّ وغيره، إلا أنه لا بأس به في المتابعات، وساق له الحاكم إسنادًا آخر قائلًا: «وله شاهد صحيح، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن علي الفقيه الشّاشيّ في آخرين، قالوا: ثنا أبو بكر عروية، ثنا مخلد ابن مالك، ثنا أبو خالد الأحمر، عن داود بن أبي هند، عن الشّعبيّ، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ، نحوه». انتهى.
وذكر هذا الحديث الدارقطني في العلل (١٤٦٧) من طرق عن أبي هريرة وجعله محفوظًا عنه، إلا أن النسائي رجح رواية محمد بن عجلان عن سعيد، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن سلام موقوفًا
عليه. (السنن الكبرى (٩٩٧٦».
وقد رُوي عن ابن عباس، أنه قال: لما نزلت آيةُ الدَّيْن. قال رسولُ اللَّه ﷺ: إنّ أوّل مَنْ جَحَدَ آدمُ عليه السلام -أو: أوّل مَنْ جَحَد آدمُ- إنّ اللَّه عز وجل لما خلق آدمَ، مسح ظهرَه، فأخرجَ منه ما هو ذارئٌ إلى يوم القيامة، فجعل يَعْرِضُ ذُرِّيَته عليه، فرأى فيهم رجلًا يَزْهر، فقال: أيْ ربِّ، مَنْ هذا؟ قال: هذا ابنُك داودُ. قال: أيْ ربِّ، كم عُمرُه؟ قال: ستّون عامًا، قال: ربِّ زدْ في عمره. قال: لا، إلا أن أزيده من عمرك. وكان عمر آدم ألفَ عامٍ، فزاده أربعين عامًا، فكتب اللَّه عز وجل عليه بذلك كتابًا، وأشهد عليه الملائكة، فلما احتُضِر آدمُ، وأتته الملائكةُ لِتقبضه، قال: إنّه قد بقي من عمري أربعون عاما. فقيل: إنّك قد وهبتَها لابنك داود. قال: ما فعلتُ. وأبرز اللَّه عز وجل عليه الكتاب، وشهدتْ عليه الملائكةُ».
رواه الإمام أحمد (٢٢٧٠، ٢٧١٣)، وأبو يعلى (٢٧١٠)، والطّبرانيّ في الكبير (١٢٩٢٨) كلّهم من طريق حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف، عن ابن عباس، فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في «السنة» (٢٠٤) مختصرًا جدًّا، وإسناده ضعيف من أجل علي بن زيد وهو ابن عبد اللَّه بن زهير بن عبد اللَّه بن جدعان التيمي البصريّ، وأهل العلم مطبقون على تضعيفه إلّا الترمذيّ فإنّه قال: «صدوق».
ورواية إعطاء آدم عليه السلام أربعين سنة من عمره لداود عليه السلام أرجح على رواية إعطائه إياه ستين سنة، فإن رواية الأربعين جاءت من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، وقد قال الإمام أبوداود: «هشام بن سعد أثبت النّاس في زيد بن أسلم»، والإمام الترمذيّ لما أخرج رواية إعطاء آدم عليه السلام أربعين سنة من عمره لداود عليه السلام قال: «هذا حديث حسن صحيح» ولما أخرج رواية إعطائه ستين سنة قال عقبه: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه» انظر: تحفة الأحوذي (٨/ ٣٦٥).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1041 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: آدم جعل لابنه داود ستين سنة من عمره

  • 📜 حديث: آدم جعل لابنه داود ستين سنة من عمره

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: آدم جعل لابنه داود ستين سنة من عمره

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: آدم جعل لابنه داود ستين سنة من عمره

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: آدم جعل لابنه داود ستين سنة من عمره

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب