أنت أبونا آدم الذي نفخ الله فيك من روحه؟

حديث: أنت أبونا آدم الذي نفخ الله فيك من روحه؟

عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن موسى قال: يا رب، أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم، فقال: أنت أبونا آدم؟ فقال له آدم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها وأمر الملائكة فسجدوا لك؟» قال: نعم، قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟
فقال له آدم: ومن أنت؟ قال: أنا موسى، قال: أنت نبي بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه؟ قال: نعم، قال: أفما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق؟ قال: نعم، قال: فيم تلومني في شيء سبق من الله تعالى فيه القضاء قبلي؟ «قال رسول الله ﷺ عند ذلك» فحج آدم موسى، فحج آدم موسى.

حسن: رواه أبو داود (٤٧٠٢) عن أحمد بن صالح، حدّثنا ابن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطّاب، قال (فذكره).

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث التي تُبيّن حكمة الله تعالى وقدره السابق، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● أرنا آدم: أي أظهره لنا وأرنا إياه.
● أخرجنا ونفسه: أي أخرج ذريته ونفسه.
● نفخ الله فيك من روحه: المقصود أن الله تعالى خلق آدم بيديه ونفخ فيه من روحه تكريماً وتشريفاً له.
● علمك الأسماء كلها: أي أسماء المخلوقات وصفاتها.
● من وراء الحجاب: أي كلمه بدون واسطة ملك.
● سبق من الله تعالى فيه القضاء: أي أن الله قد كتب ذلك وقضاه في الأزل.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حوار جرى بين نبيين كريمين هما آدم وموسى عليهما السلام.
● بداية القصة: طلب موسى عليه السلام من ربه أن يريه أبو البشر آدم عليه السلام، فاستجاب الله له وأراه إياه.
● حوار موسى مع آدم: ابتدأ موسى عليه السلام – وكان غيوراً حريصاً على اتباع أمر الله – بسؤال آدم مستنكراً: كيف أخرج نفسه وذريته من الجنة بعد تلك النعم العظيمة (نفخ الروح، وتعليم الأسماء، وسجود الملائكة)؟
● رد آدم الحكيم: لم يجب آدم مباشرة، بل استفهم عن هوية محدثه ليعرف منزلته، فلما عرف أنه موسى الكليم الذي فضّله الله بالخطاب دون واسطة، ذكّره بقدر الله السابق وسابق علمه، فقال له: ألم تجد في اللوح المحفوظ أن الله قد كتب عليَّ أن أخرج من الجنة قبل أن أُخلق؟ فأجاب موسى: نعم.
● الحجة البالغة: هنا جاء رد آدم الحاسم: فلم تلومني على أمر قدّره الله وقضاه قبل أن أُخلق؟
فبهذا الجواب الدقيق والحجة القوية، غلب آدمُ موسى في الحوار، وبيّن أن ما حدث كان بقضاء الله وقدره الذي سبق في علمه الأزلي.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- إثبات قدرة الله تعالى وعلمه الأزلي: فالله قد كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة كما في الحديث.
2- الحكمة من الابتلاء: خروج آدم من الجنة كان لحكمة عظيمة، وهي استخلاف الإنسان في الأرض وابتلاؤه.
3- الرد على المشككين في القدر: فآدم احتج بالقدر سابق العلم، وهذا دليل على أن أفعال العباد لا تخرج عن إرادة الله ومشيئته وعلمه.
4- أدب الحوار بين الأنبياء: فقد دار الحوار بأدب وهدوء، وانتهى بالحجة الواضحة.
5- تفاضل الأنبياء: كل نبي له فضله ومنزلته، وآدم أبو البشر، وموسى كليم الله، وكلاهما مصيب في موقفه، لكن الحجة كانت لآدم.

رابعاً. فوائد إضافية:

- الحديث يدل على علو مكانة آدم عليه السلام، وأنه خليفة الله في أرضه.
- فيه إثبات صفة الكلام لله تعالى كما يليق بجلاله، حيث كلم موسى مباشرة.
- بيان أن القدر السابق حجة للعبد إذا احتاج إليها، لكن لا يجوز الاحتجاج به على المعاصي المستقبلية.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا بالحق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٧٠٢) عن أحمد بن صالح، حدّثنا ابن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطّاب، قال (فذكره).
والحديث أخرجه ابن وهب في القدر (٣)، ومن طريقه الفريابيّ في القدر (١١٧)، وابن أبي عاصم في السنة (١٣٧)، وابن خزيمة في التوحيد (٢٧٨)، والدَّارميّ في الرد على الجهمية (٢٩٤).
وإسناده حسن من أجل هشام بن سعد فإنه مختلف فيه، فضعّفه ابن معين والنسائيّ، ومشّاه الآخرون، وهو «صدوق له أوهام» كما قال الحافظ في: «التقريب». وأخرجه البزار (٢١٤٦ - كشف الأستار) من طريق عبد الله بن بريدة، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٤٤) من طريق الرديني بن أبي مجلز، كلاهما عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر، بنحوه.
وأخرجه الدارمي في "خلق أفعال العباد" ص ٨٧ - ٨٨ عن الأصبغ بن الفرج المصري، وأبو يعلى في "مسنده" (٣٤٣) عن الحارث بن مسكين المصري، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وإسناده حسن، ويشهد له ما قبله من حديث أبي هريرة، وهو في "المسند، (٧٣٨٧).
والحديث من وجهين، مرة عن أبي هريرة، وأخرى عن أبي سعيد الخدريّ، وكلاهما صحيح، فإنّ أحدهما لا يُعِلُّ الثاني.
ولحديث أبي سعيد أسانيد أخرى لا تصح، منها ما رواه الدَّارميّ في «الرّد على الجهميَّة» (٢٩٣) عن أبي سلمة، ثنا حمّاد بن سلمة، ثنا أبو هارون، عن أبي سعيد، عن النّبيّ ﷺ، مثله، وزاد: «يا موسى، أرأيتَ ما علم اللَّهُ أنه سيكون بدٌّ من أن يكون؟ !».
وأبو هارون هو عمارة بن جوين العبديّ «متروك» كما في «التقريب».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1037 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أنت أبونا آدم الذي نفخ الله فيك من روحه؟

📜 حديث: أنت أبونا آدم الذي نفخ الله فيك من روحه؟

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أنت أبونا آدم الذي نفخ الله فيك من روحه؟

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أنت أبونا آدم الذي نفخ الله فيك من روحه؟

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أنت أبونا آدم الذي نفخ الله فيك من روحه؟

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية