حديث: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما قدر اللَّه على ابن آدم حظَّه من الزِّنا

عن ابن عباس، قال: ما رأيتُ شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبيّ ﷺ: «إنّ اللَّه كتب على ابن آدم حظّه من الزِّنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النّظر، وزنا اللّسان المنطق، والنّفس تمنّى وتشتهي، والفرْج يصدِّق ذلك أو يكذّبه».
وفي رواية: «كُتب على ابنِ آدم نصيبُه من الزِّنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النّظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللّسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرّجل زناها الْخُطَا، والقلب يَهْوى ويتمنَّى، ويصدّق ذلك الفرْجُ ويكذّبه».

متفق عليه: رواه البخاريّ في القدر (٦٦١٢)، ومسلم في القدر (٢٦٥٧) كلاهما من حديث عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس، فذكره.

عن ابن عباس، قال: ما رأيتُ شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبيّ ﷺ: «إنّ اللَّه كتب على ابن آدم حظّه من الزِّنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النّظر، وزنا اللّسان المنطق، والنّفس تمنّى وتشتهي، والفرْج يصدِّق ذلك أو يكذّبه».
وفي رواية: «كُتب على ابنِ آدم نصيبُه من الزِّنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النّظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللّسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرّجل زناها الْخُطَا، والقلب يَهْوى ويتمنَّى، ويصدّق ذلك الفرْجُ ويكذّبه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما، يضع أيدينا على حقيقة نفسية ودينية عميقة، ويشرح لنا طبيعة الصراع بين النفس البشرية والشهوات، وكيف أن طريق التقوى يبدأ من إدراك هذه الحقيقة ومجاهدة هذه المداخل.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث، مقسم على النحو المطلوب:
### أولاً. شرح المفردات
● اللَّمَم: هو صغائر الذنوب التي يقترفها الإنسان من غير إصرار، وقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32]. أي الذنوب الصغيرة العارضة.
● حظّه من الزنا / نصيبه من الزنا: قسطه ونصيبه الذي لا بد أن يعرض له ويجتاله بشهوته أو ببعض جوارحه.
● مُدْرِك ذلك لا محالة: سيصيبه ويجتاله ويُخْتَبَر به لا بد.
● يصدّق ذلك أو يكذّبه: أي أن الفَرْج (الذي هو محل الفعل الأكبر) إما أن يترجم هذه الشهوات والوساوس إلى فعل محرم (فيصدقها)، أو يكبحها ويصبر فينال الأجر (فيكذبها).
### ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث
يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الإنسان مفطور على الميل إلى الشهوات، وأنه سيواجه - لا محالة - إغراءات من خلال حواسه وجوارحه تدفعه نحو المعصية، وأعلاها خطراً وأشدها حرمة هي الزنا.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخبرنا بهذا لليأس، بل لنتيقظ ونتحرز. فهو يوسع مفهوم "الزنا" ليشمل ليس فقط الفعل الجنسي المحرم (زنا الفرج)، بل كل طريق موصل إليه. فكل جارحة يمكن أن "تزني" بارتكاب المعصية الخاصة بها التي قد تكون مقدمة لزنا الفرج أو شبيهاً به في الإثم.
فالحديث يرسم خريطة للمعركة: العين، الأذن، اللسان، اليد، الرجل، والقلب. وهي كلها جنود إن لم تُرَع وتُحفظ، أصبحت مداخل للشيطان ووساوس النفس. والفَرْج هو حصن المعركة الأخير، فإن سقط سقط الإنسان في الكبيرة العظيمة.
### ثالثًا. الدروس المستفادة منه
1- معرفة مداخل الشيطان: الحديث دليل عملي على مجاهدة النفس، فهو يحدد بالضبط نقاط الضعف التي يجب على المسلم أن يحرسها ويحفظها.
2- التدرج في المعصية: المعاصي الكبيرة لا تقع فجأة، بل تبدأ بنظرة، أو بكلمة، أو باستماع، أو بخاطرة في القلب تستسلم لها الجوارح.
3- أن المجاهدة تكون بحفظ الجوارح: الإيمان ليس شعوراً في القلب فقط، بل هو عمل بالجوارح. فطريق النجاة هو حفظ هذه الجوارح عن المعاصي: غض البصر، وكف اللسان، ومنع اليد والرجل من الاتجاه إلى الحرام.
4- التفريق بين الخاطر والعمل: الحديث يوضح أن الوساوس والخواطر التي تعرض للقلب، بجانب اشتهاء النفس، إذا لم يستسلم لها الإنسان ولم يفعّلها بجوارحه، فإنها تكتب عليه لمماً (ذنباً صغيراً) أو قد يعفى عنه بالمجاهدة والاستغفار، خاصة إذا كذبها الفرج بالصبر والامتناع. وهذا من رحمة الله تعالى.
5- العفّة هي غاية المجاهدة: الغاية النهائية هي أن "يكذب الفرج" كل هذه الدوافع والشهوات، فيحفظ المسلم نفسه من الوقوع في الفاحشة الكبرى، فينال الأجر العظيم، كما في الحديث: «... وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ...».
6- رحمة الله وواقعية الإسلام: الإسلام لا يتجاهل طبيعة البشر وغرائزهم، بل يعترف بها ويوجهها التوجيه السليم، ويضع الضوابط التي تحول دون انحرافها.
### رابعًا. معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث يفسر قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ} [النور: 30]. فغض البصر (زنا العين) هو أول خطوة لحفظ الفرج.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن إطلاق النظر إلى المحرمات، والاستماع للغناء المحرم وكلام الفحش، والمشي إلى أماكن المعصية، كلها ذنوب وآثام مستقلة، وهي من "زنا" تلك الجوارح، وإن لم يتبعها زنا الفرج.
- الحديث يحث على "مراقبة الله" في الخلوات، فالله مطلع على ما تعمله كل جارحة، وسيحاسب عليها.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على حفظ جوارحنا عما يغضبه، وأن يوفقنا لطاعته ورضاه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في القدر (٦٦١٢)، ومسلم في القدر (٢٦٥٧) كلاهما من حديث عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس، فذكره.
والرواية الثانية عند مسلم من وجه آخر عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة،
فذكره مرفوعًا.
قوله: «ما رأيت شيئًا أشبه باللَّمم» معناه تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [سورة النجم: ٣٢]، ومعنى الآية واللَّه أعلم: الذين يجتنبون المعاصي غير اللّمم يغفر لهم اللّمم، كما في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [سورة النساء: ٣١] فمعنى الآيتين: أنّ اجتناب الكبائر يسقط الضّغائر وهي اللّمم. وفسّره ابنُ عباس بما في هذا الحديث من النّظر، واللّمس ونحوهما، وهو كما قال، وهذا هو الصّحيح في تفسير اللّمم. أفاده النّوويّ ﵀.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1047 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام

  • 📜 حديث: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب