حديث: أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أنّ ذراري المشركين في حكم آبائهم في الدّنيا

عن الصّعب بن جثَّامة قال: مَرَّ بي النبيُّ ﷺ بالأبواء أو بودَّان، وسُئل عن أهل الدّار يُبيِّتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريهم؟ قال: «هم منهم».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٣٠١٢)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٤٥) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن الزّهريّ، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس، عن الصّعب بن جثّامة، فذكره.

عن الصّعب بن جثَّامة قال: مَرَّ بي النبيُّ ﷺ بالأبواء أو بودَّان، وسُئل عن أهل الدّار يُبيِّتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريهم؟ قال: «هم منهم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه قال: مَرَّ بِي النبيُّ ﷺ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَادّانَ، وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ؟ قَالَ: «هُمْ مِنْهُمْ».
(رواه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام مالك في الموطأ، والإمام البخاري بمعناه)


1. شرح المفردات:


● الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ: صحابي جليل، كان من سكان المدينة.
● بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَادّانَ: موضعان قريبان من المدينة المنورة على طريق مكة.
● يُبَيَّتُونَ: يُهاجَمون ليلاً وهم غافلون (أي يُقام عليهم غارة ليلية مفاجئة).
● فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ: فيُقتل أو يُصاب بال accident من نسائهم وأطفالهم الذين كانوا في الدار.
● هُمْ مِنْهُمْ: أي هؤلاء النساء والصبيان تبع لهم، وحكمهم حكمهم، لأنهم كانوا في معقلهم ودارهم التي يقاتلون منها.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجليل الصعب بن جثامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به في مكان قرب المدينة، فسُئل عن حكم قتل نساء المشركين وأطفالهم إذا هوجموا ليلاً في دارهم (أي في معقلهم أو حصنهم الذي يقاتلون منه)، فكان من الممكن أن يصيب القتل بعض النساء والأطفال الذين هم معهم. فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم «منهم»، أي أن حكمهم حكم المقاتلين، فلا ضمان على المسلمين إذا قُتلوا في هذه الحالة، لأنهم كانوا في خضم المعركة ودار القتال.


3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- بيان حكمة التشريع الإسلامي في القتال: الحديث يوضح قاعدة مهمة في قانون الحرب في الإسلام، وهي أن من كان في معسكر الأعداء ودار القتال، فإنه يُعامل معاملة المقاتلين، حتى لو كان امرأة أو طفلاً، إذا لم يمكن تمييزهم أو فصلهم عن المقاتلين، وكان وجودهم يزيد في قوة العدو. وهذا من باب الضرورة الحربية.
2- الفرق بين القصد والخطأ: القصد هنا ليس تعمد قتل غير المقاتلين، ولكن الحديث يتحدث عن حالة الاشتباك العام حيث يحدث القتل دون قصد التمييز، كالقصف الليلي أو الهجوم على معقل العدو. أما تعمد قتل النساء والأطفال دون ضرورة، فهو محرم بإجماع المسلمين.
3- ضوابط مهمة: يستفاد من كلام الفقهاء أن هذا الحكم (عدم الضمان) مقيد بشروط:
- أن يكون الهجوم على دار قتال، وليس على مدنيين في بيوتهم الآمنة.
- ألا يمكن تمييز النساء والأطفال عن المقاتلين أثناء الهجوم.
- ألا يكون القصد هو تعمد قتلهم، بل هو أمر عرضي ناتج عن ضرورة الهجوم على المعقل.
4- رحمة الإسلام وعدالته: هذا الحديث لا يُفهم على إطلاقه، بل يقيده العديد من الأحاديث الأخرى التي تأمر بعدم قتل النساء والصبيان، كحديث: «انْطَلَقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلًا، وَلَا صَغِيرًا، وَلَا امْرَأَةً...» (رواه أبو داود). فالحالة في حديث الصعب بن جثامة هي حالة استثنائية لضرورة عسكرية.
5- التفرقة بين دار الحرب ودار الإسلام: الحكم المذكور خاص بدار الحرب والمعارك، وأما المعاهدون أو الذميون في دار الإسلام، فحكمهم حكم المسلمين في حرمة دمائهم وأموالهم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأدلة التي استند إليها الفقهاء في باب الجهاد، وأن من كان في معقل العدو فهو تبع لهم.
- العلماء يوضح أن المعنى: "هم تبع لهم، وإذا باشروا القتال معهم حكم بحكمهم".
- هذا الحكم يشبه في القوانين الحديثة مبدأ "الخسائر الجانبية" Colلاحقاًal Damage في العمليات العسكرية التي تستهدف مواقع عسكرية، ولكن مع الحرص في الإسلام على تقليلها إلى أقصى حد ممكن.
- ينبغي للمسلم أن يفهم أن الإسلام جاء بالرحمة والعدل، حتى في أشد أوقات الحرب، وأن هذه القاعدة استثناء من أصل عام هو منع قتل غير المقاتلين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٣٠١٢)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٤٥) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن الزّهريّ، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس، عن الصّعب بن جثّامة، فذكره.
ورواه مسلم من حديث عمرو بن دينار، عن ابن شهاب، بإسناده وفيه: «هم من آبائهم». فهذا يدلُّ على أنّ حكمهم في البيات حكم آبائهم، وأمّا في الآخرة فيرجع أمرهم إلى قوله: «اللَّه أعلم بما كانوا عاملين».
انظر: البيهقي: القضاء والقدر (٣/ ٨٧٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1055 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم

  • 📜 حديث: أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب