العينان تزنيان واللسان يزني واليدان تزنيان والرجلان تزنيان

حديث: العينان تزنيان واللسان يزني واليدان تزنيان والرجلان تزنيان

عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «العينان تزنيان، واللّسان يزني، واليدان تزنيان، والرِّجلان تزنيان، ويحقِّقُ ذلك الفرْجُ أو يُكذِّبه».

صحيح: رواه البغويّ في شرح السنة (٧٦) عن أبي عبد اللَّه الحرقي، نا أبو الحسن الطّيْفوني، أنا عبد اللَّه بن عمر الجوهريّ، نا أحمد بن علي الكشميهني، نا علي بن حُجْر، نا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم حديث نبيه ﷺ.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (6612) ومسلم في صحيحه (2657) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «العَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَاللِّسَانُ يَزْنِي، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ».
وفي رواية: «ويُحَقِّقُ ذلك الفرْجُ أو يُكَذِّبهُ».

أولاً. شرح المفردات:

● تَزْنِيَانِ / يَزْنِي: الزنى في الأصل: هو إتيان الفاحشة (الجماع المحرم). ولكن هنا استعمل في معنى مجازي، وهو سعي الجوارح نحو المعصية وإرادتها، فالعين تزني بالنظر المحرم، واللسان يزني بالكلام الفاحش، وهكذا.
● يُصَدِّقُ / يُحَقِّقُ: أي يثبت ويجعلها زنى حقيقياً كاملاً.
● يُكَذِّبُ: أي ينفي عنها صفة الزنى الكامل ويثبت أنها مجرد خواطر أو نظرات لم تتم.
● الْفَرْجُ: هو العضو الخاص بالمرأة أو الرجل، والمقصود هنا هو فعل الزنى الحقيقي بالجماع.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث أن الجوارح كلها يمكن أن تقترف إثم الزنى بمجرد تطلعها أو سعيها towardه، حتى قبل أن يقع الفعل الأكبر. فالعين تزني بنظرها إلى المحرم، والأذن تزني (وإن لم تُذكر صراحة لكنها داخلة في المعنى) باستماعها للغناء المحرم أو الكلام الفاحش، واليد تزني بالبطش أو اللمس المحرم، والرجل تزني بسعيها إلى مكان المعصية.
ثم يأتي دور الفرج (أي فعل الزنى الكامل بالجماع) ليكون هو الفاصل والحاكم على ما سبقه:
● فإن وقع الفعل (الزنى بالفرج) فقد صدَّقَ وكذَّبَ جميع الجوارح، أي جعل زناها حقيقة كاملة وثبت إثمها جميعاً.
● وإن لم يقع الفعل (امتنع الشخص عن إكمال المعصية) فقد كذَّبها، أي نفى عنها صفة الإثم الكامل، وغلب على الظن أن الله سيغفر له تلك الخطايا الصغرى (النظر، اللمس، etc.) بسبب امتناعه عن الكبيرة، كما ورد في أحاديث أخرى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- اتساع مفهوم المعصية والذنب: الإسلام لا يحاسب على الفعل الجسدي فقط، بل يحاسب على نيَّات القلب وسعي الجوارح. فالنظر الحرام، والكلام البذيء، والمشي toward الفاحشة كلها ذنوب مستقلة.
2- التحذير من المقدمات: الحديث تحذير شديد من الاستهانة بخطوات الشيطان الأولى، والتي تبدأ بالنظرة، ثم بالخاطرة، ثم بالسعي، وقد تنتهي بالوقوع في الكبيرة. فمن سدَّ على نفسه باب النظرة الأولى، سلم من ما بعدها.
3- عظمة مغفرة الله تعالى: منع النفس عن إكمال المعصية بعد الوقوع في مقدماتها سبب لمغفرة الله، كما في الحديث: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ... وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ». فمن كذَّب فرجه (أي امتنع) غفر الله له ما سبق.
4- مراقبة الجوارح: على المسلم أن يراقب جميع جوارحه، فلا يطلق لعينه النظر، ولا للسانه القول، ولا ليده البطش، ولا لرجله السعي إلا في الخير.
5- بيان تكامل الذنب: الذنب الكبير لا يقع فجأة، بل هو نتيجة سلسلة من الذنوب الصغيرة التي لم يُحاسب عليها الإنسان نفسه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تُعَلِّمُ المسلم الأدب مع الله وخشيته في السر والعلن.
- يدخل في فهم هذا الحديث حديث النية المشهور: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، فنية الجوارح وسعيها محل حساب.
- يستفاد منه أيضاً أهمية غض البصر كما أمر الله في قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، فهو حصن حصين من الوقوع في الفاحشة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظ علينا ديننا وأعراضنا، ويصرف عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البغويّ في شرح السنة (٧٦) عن أبي عبد اللَّه الحرقي، نا أبو الحسن الطّيْفوني، أنا عبد اللَّه بن عمر الجوهريّ، نا أحمد بن علي الكشميهني، نا علي بن حُجْر، نا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
قال البغويّ: «هذا حديث صحيح. والعلاء: هو العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي مولى الحرقة، ورقة من جُهينة، يقال: مات العلاء سنة ثنتين وثلاثين ومائة». انتهى

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1048 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: العينان تزنيان واللسان يزني واليدان تزنيان والرجلان تزنيان

📜 حديث: العينان تزنيان واللسان يزني واليدان تزنيان والرجلان تزنيان

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: العينان تزنيان واللسان يزني واليدان تزنيان والرجلان تزنيان

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: العينان تزنيان واللسان يزني واليدان تزنيان والرجلان تزنيان

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: العينان تزنيان واللسان يزني واليدان تزنيان والرجلان تزنيان

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية