العبد يعمل بعمل أهل النار ثم يدخل الجنة

حديث: العبد يعمل بعمل أهل النار ثم يدخل الجنة

عن عدي بن عدي قال: سمعتُ العرسَ -وكان من أصحاب رسول اللَّه ﷺ يقول: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ العبد ليعمل بعمل أهل النّار، ثم تعرض له الجادة من جَوادّ الجنّة فيعمل بها حتّى يموت عليها، وذلك لما كتب. وإنَّ الرّجلَ ليعمل بعمل أهل الجنّة البُرهة من دهره، ثم تُعرض له الجادَّةُ من جوادِّ أهل النّار فيعمل بها حتّى يموت عليها، وذلك لما كتب عليه».

صحيح: رواه البزّار -كشف الأستار (٢١٥٩) - عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن الجنيد، ثنا سعيد بن كثير بن عفير، ثنا عبد اللَّه بن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن أبي عبلة، عن عدي بن عديّ، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره:

الحديث:

1. شرح المفردات:

● يعمل بعمل أهل النار: أي يفعل أفعال الكفار والفساق التي تؤدي بصاحبها إلى النار، من الكفر والمعاصي.
● الجادة: الطريق الواضح المسلوك.
● من جواد الجنة: جمع "جادة"، أي من طرق الجنة وسبلها الموصلة إليها، وهي طاعة الله واتباع شريعته.
● لما كتب: أي لما قُدِّر في اللوح المحفوظ، وقضى الله به.
● البرهة من دهره: مدة من عمره، وهي فترة ليست قصيرة.
● من جواد أهل النار: طرق النار وسبلها الموصلة إليها، وهي المعاصي والكفر.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حقيقة عظيمة، وهي أن العبد قد يسير في حياته على منهج معين طويلًا، ثم يختم له بخاتمة مغايرة تمامًا، إما خيرًا أو شرًا.
● الصورة الأولى: أن يعيش الإنسان معظم عمره بعيدًا عن الله، غارقًا في المعاصي والذنوب (عمل أهل النار)، ثم يوفق في آخر عمره للتوبة والرجوع إلى الله، والعمل الصالح (الجادة من جواد الجنة)، فيموت على ذلك، فيدخل الجنة. وهذا بسبب ما كتب الله له من السعادة والخير.
● الصورة الثانية: أن يعيش الإنسان مدة طويلة من عمره مطيعًا لله، عاملاً بأعمال أهل الجنة، ثم ينقلب على عقبيه في آخر عمره، فيقع في الكفر أو المعاصي (الجادة من جواد أهل النار)، فيموت على ذلك، فيدخل النار. وهذا بسبب ما كتب الله عليه من الشقاء.
ويختم النبي صلى الله عليه وسلم كل حالة بقوله: «وذلك لما كتب» أو «وذلك لما كتب عليه»، مؤكدًا أن الخاتمة الطيبة أو السيئة هي بمشيئة الله تعالى وقضائه وقدره السابق، الذي علمه وكتبه في اللوح المحفوظ.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظمة قدرة الله ونفوذ مشيئته: فالله تعالى يقلب القلوب ويصرفها كما يشاء، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
2- التحذير من الغرور بالعمل والاطمئنان إلى طول العبادة: فلا يأمن الإنسان مكر الله، ولا يحسب نفسه في مأمن من سوء الخاتمة لمجرد كونه عبدًا صالحًا فترة من الزمن.
3- البشارة لأهل المعاصي باب التوبة والرجاء: فمهما بلغت ذنوب العبد، فإن باب التوبة مفتوح، وقد يختم الله له بخير.
4- الإيمان بالقدر خيره وشره: وأن كل شيء بقضاء الله وقدره، بما في ذلك خاتمة الإنسان.
5- الحث على الدعاء بثبات القلب وحسن الخاتمة: كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ».
6- الاستمرار في الطاعة والمداومة على العمل الصالح: وعدم الانقطاع عنه، فالعبرة بخواتيم الأعمال.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تُعرف بـ "حديث الخواتيم"، وهو يبين أهمية الخاتمة وأنها هي المقياس الحقيقي لمصير العبد.
- ينبغي للمسلم أن يجمع بين الخوف والرجاء: يخاف من سوء الخاتمة ولا يأمن مكر الله، ويرجو رحمة الله ويتوب إليه.
- من أهم أسباب حسن الخاتمة: الإخلاص لله، والمداومة على الطاعات، ومجانبة الذنوب والمعاصي، والإكثار من الدعاء بحسن الخاتمة.
- سوء الخاتمة (نعوذ بالله منها) قد يكون بسبب ذنب يُصر عليه العبد، أو كبر، أو إعراض عن الله، أو الاستهزاء بالدين وأهله.
نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يختم لنا بخير، ويحسن خاتمتنا جميعًا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزّار -كشف الأستار (٢١٥٩) - عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن الجنيد، ثنا سعيد بن كثير بن عفير، ثنا عبد اللَّه بن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن أبي عبلة، عن عدي بن عديّ، فذكره.
ورواه ابنُ أبي عاصم في «السنة» (١١٩) من وجه آخر عن سعيد بن كثير، بإسناده، مثله موقوفًا على العرس إِلَّا أنّه قال في آخر الحديث: «أحسبه عن رسول اللَّه ﷺ». وإسناده صحيح.
وابن أبي عبلة اسمه إبراهيم السّامي من رجال الجماعة.
قال الهيثميّ في «المجمع» (٧/ ٢١٢): «رواه البزّار والطَّبرانيّ في الصّغير والكبير، ورجالهم ثقات».
وعرس: هو ابن قيس بن سعيد بن الأرقم الكندي له صحبة، وقد ينسب إلى أمِّه «عميرة».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1021 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: العبد يعمل بعمل أهل النار ثم يدخل الجنة

📜 حديث: العبد يعمل بعمل أهل النار ثم يدخل الجنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: العبد يعمل بعمل أهل النار ثم يدخل الجنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: العبد يعمل بعمل أهل النار ثم يدخل الجنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: العبد يعمل بعمل أهل النار ثم يدخل الجنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية