نهى رسول الله ﷺ عن قتل الأولاد وقال الله أعلم بما كانوا عاملين

حديث: نهى رسول الله ﷺ عن قتل الأولاد وقال الله أعلم بما كانوا عاملين

عن ابن عباس، قال: كان رسول اللَّه ﷺ في بعض مغازيه فسأله رجل، فقال: يا رسول اللَّه، ما تقول في اللاهين؟ فسكت فلم يردّ عليه، فلما فرغ رسول اللَّه ﷺ من غزوه -أو عدوه- وظهر عليهم طاف، فإذا هو بصبي قد سقط من محفّة، فإذا هو يبحث في الأرض، فأمر مناديًا: أين السّائل عن اللاهين؟ فجاء الرّجلُ إلى رسول اللَّه ﷺ، فنهى رسول اللَّه ﷺ عن قتل الأولاد، فقال: «اللَّه أعلم بما كانوا عاملين».

حسن: رواه الفريابي في القدر (١٧٧)، والبزّار -كشف الأستار (٢١٧٣) - كلاهما عن أبي كامل الجحدريّ، حدّثنا أبو عوانة، عن هلال بن خبّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني، وهو حديث يحمل موعظة بليغة وأحكاماً شرعية مهمة.

أولاً. شرح المفردات:

● مغازيه: حروبه وغزواته التي خرج فيها بنفسه ﷺ.
● اللاهين: جمع لاهٍ، وهو الطفل الصغير الذي لا يعقل، أو الذي يلهو ويلعب.
● محفة: هي الهودج أو المحمل الذي تُحمل فيه النساء والأطفال على ظهور الإبل.
● يبحث في الأرض: أي يتحسس بيديه في التراب ويلعب به.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ كان في إحدى غزواته، فسأله رجل عن حكم قتل الأطفال الصغار (اللاهين) الذين لا يشاركون في القتال، أثناء المعارك. فسكت النبي ﷺ ولم يجب الرجل في الحال.
وبعد أن انتهت الغزوة وانتصر المسلمون، كان النبي ﷺ يطوف على ساحة المعركة، فوجد طفلاً صغيراً سقط من محفة النساء، وهو يلعب في التراب ببراءة. عندها تذكر سؤال الرجل، فأمر منادياً ينادي: "أين السائل عن اللاهين؟".
فلما حضر الرجل، بين له النبي ﷺ الحكم الشرعي بأمرين:
1- نهى عن قتل الأولاد (أي الأطفال) صراحة.
2. علل ذلك بقوله: «الله أعلم بما كانوا عاملين»، أي أن مصيرهم بيد الله، فقد يكبرون فيدخلون في الإسلام، أو يكونون غير مقصرين لأنهم لا يعقلون.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- تحريم قتل الأطفال والنساء في الحرب: هذا من أهم أحكام الجهاد في الإسلام، التي تميزه بالإنسانية والأخلاق. فقد نهى النبي ﷺ عن قتل النساء والصبيان، والشيوخ العاجزين، والرهبان في الأديرة، ما لم يشتركوا في القتال. وهذا من رحمة الإسلام وعدله.
2- حكمة تأخير الجواب: سكوت النبي ﷺ أولاً عن الإجابة لم يكن نسياناً أو تجاهلاً، بل حكمة إلهية. فقد أراد الله أن يريه مشهداً واقعياً (الطفل يلعب في التراب) ليكون جوابه أوضح وأبلغ تأثيراً في النفوس.
3- التعليل الشرعي للحكم: قوله ﷺ: «الله أعلم بما كانوا عاملين» يعلل النهي عن القتل بأن المستقبل مجهول، والله هو العالم بحالهم لو عاشوا. فربما يكبر الطفل فيسلم أو يكون مسالماً. وهذا منع للتعميم والقسوة.
4- الرفق والرحمة حتى في الحرب: الحديث صورة ناصعة من صور رحمة النبي ﷺ وشفقته، حتى بأطفال الأعداء. فهو لم يقتل الطفل، بل جعله دليلاً عملياً على تحريم قتله وأمثاله.
5- أسلوب التعليم بالقدوة والحكمة: النبي ﷺ لم يردّ بقول مجرد فحسب، بل انتظر الموقف المناسب ليربط السؤال بالواقع، مما يرسخ المعنى في ذهن السامع.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل من أصول قانون الحرب في الإسلام، الذي سبق المواثيق الدولية الحديثة بقرون في حماية المدنيين.
- الفقهاء استدلوا به على تحريم قتل كل من لا يقاتل من النساء والأطفال والشيوخ والمرضى.
- القاعدة المستفادة: "لا يجوز قتل من لا يقاتل"، وهي قاعدة عظيمة تحفظ الدماء وتضبط سلوك المحارب.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الفريابي في القدر (١٧٧)، والبزّار -كشف الأستار (٢١٧٣) - كلاهما عن أبي كامل الجحدريّ، حدّثنا أبو عوانة، عن هلال بن خبّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه الطّبرانيّ في الكبير (١١/ ٣٣٠) من طريق أبي عوانة، به، مثله.
قال البزّار: «لا نعلمه عن ابن عباس إلّا من هذا الوجه، ولا حدّث به عن هلال إلّا أبو عوانة».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل هلال بن خبّاب فإنّه حسن الحديث، وقد وثّقه الإمام أحمد، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وتكلّم فيه ابنُ حبان بلا حجّة.
ولذا قال الهيثميّ في «المجمع» (٧/ ٢١٨): «رواه البزّار، والطبراني في: الكبير و الأوسط,، وفيه هلال بن خبّاب، وهو ثقة، وفيه خلاف، وبقية رجاله ثقات».
وقوله: «اللاهين» قيل: هم البله الغافلون، وقيل: الذين لم يتعمّدوا الذّنوب، وإنّما فرط منهم سهوًا ونسيانًا، وقيل: هم الأطفال الذين لم يقترفوا ذنبًا.
انظر: النهاية (٤/ ١٢٨٣).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1059 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن قتل الأولاد وقال الله أعلم بما كانوا عاملين

📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن قتل الأولاد وقال الله أعلم بما كانوا عاملين

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن قتل الأولاد وقال الله أعلم بما كانوا عاملين

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن قتل الأولاد وقال الله أعلم بما كانوا عاملين

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن قتل الأولاد وقال الله أعلم بما كانوا عاملين

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية