حديث: أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب سئل النبيّ ﷺ عن ذراري المشركين في الآخرة فقال: «اللَّه أعلم بما كانوا عاملين».

عن ابن عباس، قال: أتي عليَّ زمانٌ، وأنا أقول: أولاد المسلمين مع المسلمين، وأولاد المشركين مع المشركين، حتّى حدّثني فلانٌ، عن فلان، أنّ رسول اللَّه ﷺ سئل عنهم فقال: «اللَّه أعلم بما كانوا عاملين». قال: فلقيت الرّجل، فأخبرني فأمْسَكتُ عن قولي.

صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٠٦٩٧، ٢٣٤٨٤) من وجهين عن عمّار بن أبي عمّار، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس، قال: أتي عليَّ زمانٌ، وأنا أقول: أولاد المسلمين مع المسلمين، وأولاد المشركين مع المشركين، حتّى حدّثني فلانٌ، عن فلان، أنّ رسول اللَّه ﷺ سئل عنهم فقال: «اللَّه أعلم بما كانوا عاملين». قال: فلقيت الرّجل، فأخبرني فأمْسَكتُ عن قولي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله. هذا حديثٌ عظيمٌ يتعلق بمصير أطفال المشركين الذين ماتوا قبل البلوغ، وهو من الأحاديث التي تدل على سعة علم الله تعالى وحكمته، وعلى أدب الصحابة رضي الله عنهم في التعلم والتعليم.

شرح الحديث:


الراوي: هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حبر الأمة وترجمان القرآن، ابن عم النبي ﷺ.
قصة الحديث: يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما عن مرحلة من مراحل تطور فهمه وعلمه. ففي بداية أمره، كان يرى رأياً اجتهادياً بناءً على فهمه للنصوص العامة، وهو أن حكم الأطفال يتبع حكم آبائهم، فأطفال المسلمين في الجنة، وأطفال المشركين في النار مع آبائهم.
ثم بلغه هذا الحديث عن النبي ﷺ، فتراجع عن رأيه الأول تأدباً مع النص النبوي، وتمسك بما جاء عن النبي ﷺ.
متن الحديث: سُئل النبي ﷺ عن أطفال المشركين الذين ماتوا صغاراً، ما مصيرهم؟ فأجاب ﷺ: «اللَّه أعلم بما كانوا عاملين».


الشرح التفصيلي:



# 1. شرح المفردات:


● أولاد المسلمين مع المسلمين: أي أن مصيرهم في الآخرة يكون تبعاً لآبائهم، فهم من أهل الجنة.
● أولاد المشركين مع المشركين: أي أن مصيرهم في النار تبعاً لآبائهم.
● حتّى حدّثني فلانٌ، عن فلان: استخدم ابن عباس كلمة "فلان" للتعمية على روات الحديث، وهذا من دقة الرواة وأمانتهم، حيث كانوا يتحرون الدقة في النقل. وقد بين العلماء في الروايات الأخرى أن الراوي هو الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه.
● اللَّه أعلم بما كانوا عاملين: أي الله تعالى هو العالم بحالهم لو عاشوا إلى البلوغ، أكانوا سيعملون صالحاً فيدخلون الجنة، أم سيسيرون على طريق آبائهم في الكفر فيدخلون النار. العلم عند الله تعالى وحده.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:


أن النبي ﷺ عندما سُئل عن مصير أطفال الكفار الذين ماتوا قبل البلوغ، لم يقطع لهم بجنة ولا نار، بل رد علمهم إلى الله عز وجل، الذي يعلم ما ستؤول إليه أحوالهم لو بلغوا وعقلوا الأمر وكلفوا بالتكاليف الشرعية.
فهذا الجواب من النبي ﷺ فيه إثبات حكمة الله المطلقة وعلمه الشامل، وهو توقف في الحكم على أعيانهم، ورد الأمر إلى عالم الغيب والشهادة.

# 3. الدروس المستفادة والعبر:


● سعة علم الله وإحاطته: فالله تعالى يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون. فهو يعلم ما كان سيعمله هؤلاء الأطفال لو بلغوا.
● الحكمة من الابتلاء والاختبار: أن الحياة الدنيا دار تكليف واختبار، ومن مات قبل سن التكليف فقد انقطع عنه الاختبار، فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. والأصل في مشيئة الله أنها تابعة لحكمته البالغة.
● أدب العالم والمتعلم: الموقف العظيم لابن عباس رضي الله عنهما هو نموذج رائع لأدب العالم. كان له رأي اجتهادي، ولكن بمجرد أن بلغه الحديث النبوي تراجع عن رأيه فوراً وقال "فأمسكت عن قولي". هذا هو الانضباط الشرعي والاتباع للنص.
● التوقف فيما سكت عنه الشرع: ليس كل شيء يجب أن نجزم به، بل هناك أمور يجب فيها الوقوف ورد العلم إلى الله تعالى، كما فعل النبي ﷺ.
● الاجتهاد ومكانته: اجتهاد ابن عباس الأول كان مبنيًا على فهمه، وهو اجتهاد محترم لصحابي جليل، لكنه اجتهاد في مقابلة النص، فلهذا تراجع عنه. وهذا يدل على أن اجتهاد أي أحدٍ، مهما بلغ علمه، يُؤخذ منه ويُرد إلا ما وافق الدليل من كتاب أو سنة.

# 4. الخلاف العلمي في المسألة والراجح:


هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم قديماً وحديثاً على عدة أقوال، أشهرها:
● القول الأول: أنهم في الجنة. وهذا قول أكثر أهل السنة، واستدلوا بأدلة منها أن النبي ﷺ قال: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة...» (رواه البخاري ومسلم). وأنهم لم يكلفوا فلم يعصوا.
● القول الثاني: أنهم في النار. وهو قول بعض أهل العلم.
● القول الثالث: أنهم تحت مشيئة الله، وهو ما يفهم من هذا الحديث. وهذا قول وسط، وهو الذي رجحه كثير من المحققين.
والراجح -والله أعلم- هو القول الثالث الذي دل عليه هذا الحديث، وهو أن أمرهم مفوض إلى الله تعالى، فهو أعلم بما كانوا عاملين. فلا نقطع لأحد معين منهم بجنة أو نار، ونكل علمهم إلى الله، مع اعتقاد أن الله لا يظلم الناس مثقال ذرة، وأن أفعاله كلها لحكمة بالغة.

خلاصة:


الحديث يعلمنا أدباً عظيماً في التعامل مع النصوص، وفي التواضع العلمي، كما يردنا إلى الأصل الكبير في إثبات حكمة الله وعلمه المطلق، وأنه لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب. وفيه تربية للمسلم على أن لا يجزم بشيء لم يجزم به الشرع، وأن يرد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه سبحانه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٠٦٩٧، ٢٣٤٨٤) من وجهين عن عمّار بن أبي عمّار، عن ابن عباس، فذكره. وإسناده صحيح.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا ابنُ أبي عاصم في «السنة» (٢١٤).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1058 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين

  • 📜 حديث: أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب