حديث: يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في استدراج العبد إلى المعصية

عن عقبة بن عامر، عن النّبيّ ﷺ قال: «إذا رأيتَ اللَّه يُعطي العبد من الدّنيا على معاصيه ما يحبّ، فإنَّما هو استدراج».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٧٣١١) عن يحيى بن غيلان، قال: حدّثنا رشدين -يعني ابن سعد- أبو الحجّاج المهريّ، عن حرملة بن عمران التُّجيبيّ، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر، فذكره.

عن عقبة بن عامر، عن النّبيّ ﷺ قال: «إذا رأيتَ اللَّه يُعطي العبد من الدّنيا على معاصيه ما يحبّ، فإنَّما هو استدراج».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يرشدنا إلى حكمة بالغة من حكم الله تعالى في تقدير الأرزاق والعطايا في الدنيا، وسأشرحه لكم على النحو التالي:

الحديث بلفظه:


عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا رأيتَ اللَّه يُعطي العبد من الدّنيا على معاصيه ما يحبّ، فإنَّما هو استدراج».


1. شرح المفردات:


● يُعطي: يمنح ويهب.
● العبد: الإنسان، سواء كان مؤمناً أو كافراً.
● من الدنيا: من متاع الحياة الدنيا وزينتها، مثل المال، الصحة، الجاه، الأولاد، وغيرها.
● على معاصيه: رغم أنه يرتكب الذنوب والمعاصي.
● ما يحب: ما يشتهيه ويرغب فيه من أمور الدنيا.
● استدراج: من الاستدراج، وهو أخذ الشيء شيئاً فشيئاً، وهو هنا يعني أن الله تعالى يعطيه الدنيا تدريجياً ليزيده طغياناً وكفراً، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من رأى عبداً (إنساناً) يعصي الله تعالى، ومع ذلك يرى الله يمنحه من خيرات الدنيا وما يشتهيه، فلا يظن أن هذا دليل على رضا الله عنه، بل هو على العكس تماماً، فهو استدراج من الله تعالى لهذا العبد، حيث يمهل الله العاصي ويمنحه الدنيا ليزداد طغياناً ومعصية، حتى إذا أخذته العقوبة أخذته على غرة وبغتة.
وهذا الاستدراج يشبه قول الله تعالى في سورة الأعراف:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} [الأعراف: 44].
أي أن الله يفتح عليهم أبواب الرزق والنعم، حتى إذا اطمأنوا وظنوا أنهم بخير، يأتيهم العذاب بغتة.


3. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عدم الاغترار بالدنيا: فلا ينبغي للمسلم أن يغتر بكثرة المال أو الصحة أو الجاه إذا كان مقصراً في طاعة الله، بل عليه أن يتفقد نفسه ويحاسبها.
2- الحذر من الاستدراج: فالإنسان قد يعصي الله ثم يرى تيسير أموره الدنيوية، فيظن أن الله راض عنه، وهذا من حبائل الشيطان.
3- التفكر في حكمة الله: فالله تعالى حكيم في تقديره، وقد يمنع العطاء لحكمة، ويعطيه لحكمة، والاستدراج من أشد أنواع العقاب.
4- الاستعاذة من الاستدراج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من هذا الاستدراج، فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك».
5- الاعتبار بحال الآخرين: فإذا رأينا من يعصي الله ويُفتح عليه الدنيا، فلا نغتر بحاله، بل نعتبر بأن هذا قد يكون استدراجاً له.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن.
- الاستدراج قد يكون للكافر أو للعاصي من المسلمين، لكنه في الكافر أظهر وأعظم.
- من علامات الاستدراج: أن يزداد العبد معصية كلما زاد عطاء الدنيا، دون أن يراجع نفسه أو يتوب.
- ينبغي للمسلم إذا رأى نفسه مقصراً ومع ذلك مُنح خير الدنيا، أن يسارع إلى التوبة والاستغفار، ويشكر الله على نعمه، ويستعملها في طاعته.


ختاماً:


فهذا الحديث تحذير من الغرور بالدنيا وزينتها، وتذكير بحكمة الله البالغة في تقديره، وفيه توجيه للمسلم أن ينظر إلى حقيقة الأمور، لا إلى ظواهرها، وأن يعلم أن رضا الله هو الغاية، وأن الدنيا دار اختبار، والآخرة هي دار القرار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٧٣١١) عن يحيى بن غيلان، قال: حدّثنا رشدين -يعني ابن سعد- أبو الحجّاج المهريّ، عن حرملة بن عمران التُّجيبيّ، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر، فذكره.
ورشدين بن سعد ضعيف عند أئمّة الحديث، ولكنّه توبع.
فقد رواه الدَّولابيّ في الكني (١/ ١١١)، والطبراني في الأوسط (٩٢٦٨)، والبيهقي في القضاء والقدر (٢/ ٢٦٦)، وفي شعب الإيمان (٤٥٤٠) كلّهم من طرق أخرى عن حرملة بن عمران التجيبيّ، به، مثله.
ولذا حسّنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (٤/ ١١٥) بعد أن عزاه أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب.
وللحديث إسناد آخر كما قال ابن جرير الطبريّ في تفسيره: «وحدّث بهذا الحديث محمد بن حرب، عن ابن لهيعة، عن عقبة بن مسلم، به، نحوه».
وابن لهيعة فيه كلام معروف، ولكن متابعة هؤلاء تؤكِّد أنه لم يخطئ في هذا الحديث، بل حفظه، وأداه كما سمعه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1075 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج

  • 📜 حديث: يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب