سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

حديث: سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

كتاب تفسير القرآن العظيم

باب قوله: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)﴾

عن النعمان بن بشير قال كان الرجل يذنب فيقول: لا يغفر اللَّه لي، فأنزل اللَّه: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.

حسن: رواه الواحدي في أسباب النزول (ص ٥١) والبيهقي في السنن (٤٥١٩) والطبراني في الأوسط (٥٦٧٢) كلهم من حديث حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم له قصة ومعنى عميق، سأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب التفسير، باب قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾) عن الصحابي الجليل النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وهو يقول:
كَانَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ فَيَقُولُ: لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.
### ثانياً. شرح المفردات
● يُذْنِبُ: يرتكب معصية أو ذنباً.
● لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِي: قولٌ ينم عن يأس وقنوط من رحمة الله.
● وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الأمر بالبذل والتبرع في وجوه الخير والجهاد.
● وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ: النهي عن تعريض النفس للهلاك والدمار، سواء كان معنوياً أو مادياً.
### ثالثاً. شرح الحديث وقصته
يخبرنا الصحابي النعمان بن بشير عن حالة كانت موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان بعض المسلمين إذا وقعوا في ذنب أو معصية، استسلموا لوساوس الشيطان ويأسوا من روح الله، فقالوا: "لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِي"، أي أنهم قطعوا الأمل من مغفرة الله ورحمته.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]. والتهلكة هنا لها معنيان كما فسرهما أهل العلم:
1- المعنى الأول (وهو الأظهر في هذا السياق): أن اليأس من رحمة الله هو أعظم التهلكة. فمن قال "لا يغفر الله لي" فقد ألقى بنفسه إلى الهلاك المعنوي والروحي، لأنه قطع رجاءه من الله، واليأس من رحمة الله من كبائر الذنوب. فالله تعالى ينهاهم عن هذا اليأس الذي هو تهلكة للقلب والإيمان.
2- المعنى الثاني (وهو المعنى الظاهري للآية): النهي عن التهلكة المادية، وهو أن يمتنع المسلم عن الإنفاق في سبيل الله (كالجهاد وغيره) خوفاً على ماله، فيتعرض للهزيمة والقتل، فيكون قد أهلك نفسه ودينه بتركه الجهاد والإنفاق.
فالآية جمعت بين الأمر بالإنفاق والنهي عن التهلكة بجميع أنواعها.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- تحريم اليأس من رحمة الله: هذا الحديث يوضح أن اليأس من روح الله من أعظم الذنوب وأخطرها على الإيمان، لأنه يتعارض مع صفة الرحمة التي وسعت كل شيء. قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].
2- سعة رحمة الله ومغفرته: يجب على المسلم أن يعتقد يقيناً أن الله غفور رحيم، يقبل التوبة عن عباده مهما بلغ ذنبهم، ما داموا صادقين في توبتهم.
3- الإنفاق وسيلة للنجاة: الآية تربط بين النجاة من التهلكة والإنفاق في سبيل الله، مما يدل على أن البذل والتضحية في الخير هو طريق النجاة في الدنيا والآخرة.
4- التوازن بين الخوف والرجاء: المسلم يجب أن يكون بين الخوف من عقاب الله والرجاء في رحمته. اليأس قنوط مذموم، والأمن من مكر الله (الاستهانة بالذنوب) أيضًا مذموم.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
- اليأس من رحمة الله هو من كبائر الذنوب التي تهلك صاحبها.
- المقصود بالإنفاق في الآية يشمل جميع أنواع الصدقات والإنفاق في الجهاد وأوجه البر كافة.
- هذا الحديث من أجمل الأمثلة على أن أسباب نزول الآيات تزيد المعنى وضوحاً وعمقاً.
- العلاج العملي لمن وقع في ذنب وأحس بثقل المعصية: أن يسرع بالتوبة والاستغفار، ويستحضر رحمة الله وسعة مغفرته، ولا يستمع لوسوسة الشيطان.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين لا يقنطون من رحمته، ويوفقنا للتوبة النصوح والإنفاق في سبيله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الواحدي في أسباب النزول (ص ٥١) والبيهقي في السنن (٤٥١٩) والطبراني في الأوسط (٥٦٧٢) كلهم من حديث حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير فذكره.
وإسناده حسن من أجل سماك بن حرب فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث في غير عكرمة.
وهذا الوجه الثاني في نزول هذه الآية.
وفسّر بعض أهل العلم التهلكة: كل هلاك بأي وجه يكون لعموم اللفظ، وهو الوجه الثالث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 119 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

📜 حديث: سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية