حديث: إني أحمسي فخرجت من الباب في الإحرام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩)﴾

عن جابر بن عبد اللَّه قال: كانت قريش يدعون الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من الأبواب في الإحرام، فبينما رسول اللَّه ﷺ في بستان فخرج من بابه، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا: يا رسول اللَّه، إن قطبة بن عامر رجل فاجر، إنه خرج معك من الباب، فقال: «ما حملك على ذلك؟» قال: رأيتك فعلت ففعلت، فقال: «إني أحمسي» فقال: إن ديني دينك، فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾.

صحيح: رواه الحاكم (٤٨٣/ ١) والواحدي في أسباب النزول (ص ٤٨) كلاهما من حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر فذكره.

عن جابر بن عبد اللَّه قال: كانت قريش يدعون الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من الأبواب في الإحرام، فبينما رسول اللَّه ﷺ في بستان فخرج من بابه، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا: يا رسول اللَّه، إن قطبة بن عامر رجل فاجر، إنه خرج معك من الباب، فقال: «ما حملك على ذلك؟» قال: رأيتك فعلت ففعلت، فقال: «إني أحمسي» فقال: إن ديني دينك، فأنزل اللَّه ﷿: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الشريف:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه بيان لبعض أحكام الإحرام ونسخ بعض العادات الجاهلية، وفيه توضيح لمعنى التقوى الحقيقية.


1. شرح المفردات:


● الحمس: هم قريش وقبائل خزاعة وكنانة وغيرها من القبائل التي كانت تتعصب لدينها وتتشدّد في بعض العبادات في الجاهلية، فاختصوا لأنفسهم أموراً في الحج زعموا أنها من التعظيم.
● يدخلون من الأبواب في الإحرام: أي كانوا يحرمون وهم داخل بيوتهم، فيخرجون من الأبواب المعتادة، بخلاف غيرهم من العرب الذين كانوا يعتقدون أن الدخول من الباب في الإحرام إثم، فكانوا يدخلون من ظهور البيوت (أي من نوافذها أو من خلفها) تورعاً زائفاً!
● فاجر: أي خارج عن الطاعة، والمقصود هنا أنه خالف عادة قومه المتوارثة.
● إني أحمسي: أي أنا من الحمس، فلي رخصة في ذلك أو عادة عند قومي.
● إن ديني دينك: أي أنا على دينك وسترك، فما فعلته أفعله.


2. شرح الحديث:


كانت في الجاهلية عادة عند بعض القبائل (مثل الأنصار وسائر العرب) أنهم إذا أحرموا للحج أو العمرة امتنعوا من دخول البيوت من الأبواب اعتقاداً منهم أن ذلك من البر والتقوى، وكانوا يدخلون من ظهور البيوت (أي من نوافذها أو من خلفها)، بينما كانت قريش والقبائل المتحمسة (الحمس) يدخلون من الأبواب.
وفي هذا الموقف، خرج النبي ﷺ من باب بستان وهو محرم، فتبعه قطبة بن عامر الأنصاري - وكان من عادة الأنصار ألا يدخلوا من الأبواب في الإحرام - فأنكر عليه قومه وقالوا: "يا رسول الله، إن قطبة بن عامر رجل فاجر"؛ أي لأنه خالف عادتهم، فسأله النبي ﷺ: "ما حملك على ذلك؟" فأجاب: "رأيتك فعلت ففعلت"، فقال له النبي ﷺ: "إني أحمسي"؛ أي أنا من قريش وعادتي دخول الباب، فلم أتركه، فرد عليه قطبة بعبارة تدل على محبته للنبي واتباعه له: "إن ديني دينك"، أي أنا أتبعك في كل ما تأتي به.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ [البقرة: 189]، فبيّن الله أن البر ليس في هذه العادات والخرافات، بل البر الحقيقي هو تقوى الله، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها؛ أي على الوجه الطبيعي والعادي.


3. الدروس المستفادة:


1- التقوى هي أساس الأعمال: بيّن الله تعالى أن التقوى هي معيار البر، وليس الشكليات والعادات التي لا أصل لها في الشرع.
2- الاقتداء بالنبي ﷺ: فعل قطبة بن عامر يدل على حرص الصحابة على اتباع النبي ﷺ في كل صغيرة وكبيرة، وهذا من حسن الإسلام.
3- إبطال العادات الجاهلية: الإسلام ينهى عن التقليد الأعمى والعادات التي لا تفيد، ويحث على اتباع المنهج الرباني.
4- الحكمة من التشريع: الشرع يريد التيسير على الناس، وليس التعسير، فدخول البيت من بابه هو الأمر الطبيعي، ولم يشرع الله المشقة دون فائدة.
5- الرد على المتشددين: فيه إبطال للغلو في الدين، والتمسك بعادات لا أصل لها.


4. معلومات إضافية:


- هذه الآية نزلت لتبطل عادة جاهلية وتؤكد أن الإسلام يرفض التعقيد والتنطع في الدين.
- القصة تدل على حرص الصحابة على متابعة النبي ﷺ حتى في الأمور العادية، وهذا من كمال إيمانهم.
- الحديث يدل على أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل بالتحريم، فلا ينبغي تحريم ما أحل الله.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا بشرعه، ويجعلنا من المتقين.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحاكم (٤٨٣/ ١) والواحدي في أسباب النزول (ص ٤٨) كلاهما من حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر فذكره.
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه الزيادة».
وهو كما قال، إلا أنه اختلف على الأعمش في وصله وإرساله، والوصل هو الصحيح لما فيه
من زيادة علم ويشهد له حديث البراء، ثم قال الواحدي:
«وقال المفسرون: كان الناس في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة، لم يدخل حائطًا ولا بيتًا ولا دارا من بابه، فإن كان من أهل المدينة نقب نقبًا في ظهر بيته، منه يدخل ويخرج، أو يتخذ سلما فيصعد فيه، وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط، ولا يدخل من الباب حتى يحل من إحرامه، ويرون ذلك دينا، إلا أن يكون من الحمس وهم قريش، وكنانة وخزاعة، وثقيف، وخثعم، وبنو عامر بن صعصعة، وبنو النضر بن معاوية، سموا حمسا لشدتهم في دينهم قالوا: فدخل رسول اللَّه ﷺ ذات يوم بيتًا لبعض الأنصار، فدخل رجل من الأنصار على أثره من الباب وهو محرم، فأنكروا عليه، فقال له رسول اللَّه ﷺ: «لم دخلت من الباب وأنت محرم؟ «فقال: رأيتك دخلت من الباب فدخلت على أثرك، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إني أحمسي«قال الرجل: إن كنت أحمسيا فإني أحمسي، ديننا واحد، رضيت بهديك وسمتك ودينك، فأنزل اللَّه هذه الآية» انتهى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 112 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إني أحمسي فخرجت من الباب في الإحرام

  • 📜 حديث: إني أحمسي فخرجت من الباب في الإحرام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إني أحمسي فخرجت من الباب في الإحرام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إني أحمسي فخرجت من الباب في الإحرام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إني أحمسي فخرجت من الباب في الإحرام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب