حديث: امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٢٨)﴾

عن عائشة ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ قالت: الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها، يريد أن يفارقها، فتقول: أجعلك من شأني في حِلٍّ. فنزلت الآية في ذلك.

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٠١)، ومسلم في التفسير (٣٠٢١) كلاهما من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ قالت: الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها، يريد أن يفارقها، فتقول: أجعلك من شأني في حِلٍّ. فنزلت الآية في ذلك.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر المروي عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - هو من باب تفسير القرآن بالحديث، حيث تُبيِّن لنا السيدة عائشة - وهي من أعلم الناس بكتاب الله وأسباب نزوله - الحالة والواقع الذي نزلت فيه الآية الكريمة من سورة النساء.
وفيما يلي الشرح الوافي للحديث:


1. شرح المفردات:


● خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا: خافت الزوجة من زوجها.
● نُشُوزًا: النشوز هو الترفع والامتناع عن أداء الحقوق، وهنا يعني أن تخاف المرأة أن يمتنع زوجها عنها ويَهجرها أو يطلقها دون سبب يوجب ذلك.
● إِعْرَاضًا: أن يُعرض عنها زوجها ويُهملها، فلا يوفيها حقها من المعاشرة أو النفقة أو المبيت.
● لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا: أي أن الزوج لا يرى فيها كبير قيمة، ولا يحرص على بقائها عنده، بل يستقل شأنها.
● يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا: ينوي طلاقها أو هجرها.
● أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ: أي أتنازل لك عن حقي الذي أوجبه الله لي عليك (وهو المهر أو المتعة عند الطلاق)، فأعفيك منه وأجعلك في حل منه، طمعاً في ألا تطلقني.


2. شرح الحديث (سبب النزول):


تشرح لنا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - الحالة التي نزلت فيها الآية {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].
الصورة التي كانت تحدث:
كان هناك رجل لا يقدر زوجته ولا يراها ذات شأن، فيهمّ بتطليقها أو هجرها. فكانت المرأة، حرصاً على بقاء عصمة الزوجية وكراهية للفراق، تقول لزوجها: "أنت حر من حقي الذي أوجبه الله عليك (وهو المهر أو النفقة أو المتعة عند الطلاق)، لا أطلب منك شيئاً، بل أتركه لك، على أن تبقيني في عصمتك ولا تطلقني".
فنزلت الآية لتُشرع هذا النوع من الصلح، وتُبيِّن أنه لا حرج على الزوجين أن يتصالحا على مثل هذا الأمر، حيث تتنازل المرأة عن بعض حقوقها المالية ابتغاء الإصلاح بينهما والحفاظ على الأسرة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- مراعاة النفسيات والمشاعر في العلاقة الزوجية: الشرح يظهر كيف أن الإسلام يراعي الخوف والقلق الذي قد تعيشه المرأة من فقدان كيان أسرتها، ويشرع الحلول التي تحافظ على هذا الكيان.
2- الحكمة من تشريع الصلح: التشريع الإسلامي يهدف دائماً إلى الإصلاح والحفاظ على الروابط الأسرية، وليس إلى التفريق والتمزيق. فجعل الصلح – حتى بتنازل أحد الطرفين عن بعض حقه – خيراً من الفراق والخصام.
3- مرونة التشريع الإسلامي: الشريعة الإسلامية جاءت واقعية، تتعامل مع مشاكل الناس وهمومهم، وتضع الحلول المناسبة لكل حالة، مما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان.
4- فضل المسامحة والتساهل في الحقوق الشخصية: في هذا الموقف، نرى فضل تنازل المرأة عن حقها المالي لأجل مصلحة أعظم، وهي بقاء الأسرة، مما يدل على أن الشريعة تحث على التسامح والعفو عند المقدرة طلباً للخير الأعم.
5- دور المرأة الحكيم في إصلاح بيتها: الموقف يظهر حكمة المرأة وصبرها، وكيف يمكنها أن تcontribuir في حل المشكلة بتضحيتها، مما يحفظ كرامتها ويحقق الاستقرار لها ولأسرتها.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذه الآية هي من الآيات التي تُظهر عدل الإسلام ورفقه بالمرأة، حيث أعطاها الحق في أن تتنازل عن بعض حقوقها المالية طواعيةً واختياراً، لا إجباراً، من أجل مصلحة تراها.
- الفقهاء استنبطوا من هذه الآية جواز الصلح في كل خصومة وليس في الأمور الزوجية فقط، لقوله تعالى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.
- هذا الصلح لا يبطل حق المرأة الذي تنازلت عنه إذا تراجعت عن الصلح قبل أن يقبض الزوج الحق، على خلاف بين الفقهاء في التفاصيل.
- القصة تُظهر أيضاً علم أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - الواسع وفهمها العميق لمعاني القرآن وأسباب نزوله، مما يجعل روايتها من أهم مصادر التفسير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٠١)، ومسلم في التفسير (٣٠٢١) كلاهما من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.
ورواه البخاريّ في الصلح (٢٦٩٤) من وجه آخر عن هشام بهذا السند، قالت: هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه -كبرا أو غيره-، فيريد فراقها، فتقول: أمسكني، واقسم لي ما شئت، قالت (أي عائشة): فلا بأس إذا تراضيا.
وقوله: «ليس بمستكثر منها» أي في المحبة والملازمة والجماع وغيرها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 368 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا

  • 📜 حديث: امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب