حديث: صلاة الخوف بعسفان مع رسول الله ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٠٢)﴾

عن أبي عيّاش الزُرقي قال: كنا مع رسول اللَّه ﷺ بعسفان، فاستقبلنا المشركون، عليهم خالد بن الوليد، وهم بيننا وبين القبلة، فصلّى بنا النبي ﷺ الظهر». فقالوا: «قد كانوا على حال لو أصبنا غِرّتهم». ثم قالوا: «تأتي عليهم الآن
صلاة هي أحبُّ إليهم من أبنائهم وأنفسهم». قال: «فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآيات بين الظهر والعصر: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاة﴾. قال: «فحضرتْ، فأمرهم رسول اللَّه ﷺ فأخذوا السلاح». قال: «فصفَفْنا خلفه صفين». قال: ثم ركع، فركعنا جميعا، ثم رفع فرفعنا جميعا، ثم سجد النبي ﷺ بالصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم، فلما سجدوا وقاموا، جلس الآخرون، فسجدوا في مكانهم، ثم تقدم هؤلاء إلى مَصافِّ هؤلاء، وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، ثم ركع فركعوا جميعا، ثم سجد النبي ﷺ والصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم فلما جلس جلس الآخرون، فسجدوا، ثم سلّم عليهم، ثم انصرف، قال: «فصلّاها رسول اللَّه ﷺ مرتين: مرةً بعسفان، ومرة بأرض بني سُلَيم».

صحيح: رواه أبو داود (١٢٣٦)، والنسائي (٣/ ١٧٧ - ١٧٨)، وأحمد (١٦٥٨٠) -واللفظ له- وصحّحه ابن حبان (٢٨٧٦)، والحاكم (١/ ٣٣٧ - ٣٣٨) كلهم من حديث منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقي فذكره.

عن أبي عيّاش الزُرقي قال: كنا مع رسول اللَّه ﷺ بعسفان، فاستقبلنا المشركون، عليهم خالد بن الوليد، وهم بيننا وبين القبلة، فصلّى بنا النبي ﷺ الظهر». فقالوا: «قد كانوا على حال لو أصبنا غِرّتهم». ثم قالوا: «تأتي عليهم الآن
صلاة هي أحبُّ إليهم من أبنائهم وأنفسهم». قال: «فنزل جبرئيل ﵇ بهذه الآيات بين الظهر والعصر: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاة﴾. قال: «فحضرتْ، فأمرهم رسول اللَّه ﷺ فأخذوا السلاح». قال: «فصفَفْنا خلفه صفين». قال: ثم ركع، فركعنا جميعا، ثم رفع فرفعنا جميعا، ثم سجد النبي ﷺ بالصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم، فلما سجدوا وقاموا، جلس الآخرون، فسجدوا في مكانهم، ثم تقدم هؤلاء إلى مَصافِّ هؤلاء، وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، ثم ركع فركعوا جميعا، ثم سجد النبي ﷺ والصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم فلما جلس جلس الآخرون، فسجدوا، ثم سلّم عليهم، ثم انصرف، قال: «فصلّاها رسول اللَّه ﷺ مرتين: مرةً بعسفان، ومرة بأرض بني سُلَيم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه بيانٌ لعظمة الصلاة في الإسلام، وكيف أن الله شرع للمسلمين صلاة الخوف عند وجود العدو، لحفظ دينهم وأنفسهم.

أولاً. شرح المفردات:


● عسفان: مكان بين مكة والمدينة.
● الزُرقي: نسبة إلى بني زُرقة، وهي قبيلة من الأنصار.
● خالد بن الوليد: كان يومئذٍ على الشرك قبل إسلامه، وكان قائداً للمشركين.
● أصَبنا غِرَّتهم: أي انتهزنا فرصة غفلتهم وهجومنا عليهم وهم غير متأهبين.
● مَصافِّ: مواقف الصفوف في الصلاة.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل أبو عياش الزُرقي رضي الله عنه عن موقفٍ خطير، حيث كانوا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في منطقة "عسفان"، ففاجأهم المشركون بقيادة خالد بن الوليد (قبل إسلامه)، وكان العدو واقعاً بين المسلمين وبين اتجاه القبلة (الكعبة).
فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالصحابة صلاة الظهر، فخشي الصحابة أن يهجم المشركون عليهم أثناء الصلاة، فقال بعض المشركين: إن المسلمين في حالة من الغفلة والسكينة لو هاجمناهم الآن لغلبناهم. فرد آخرون منهم قائلين: بل سيقومون الآن لأداء صلاة هي أحبُّ إليهم من أبنائهم وأنفسهم (أي أن حبهم للصلاة يفوق حبهم لأغلى ما يملكون).
وفي هذا الوقت العصيب، بين صلاة الظهر والعصر، نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات من سورة النساء التي تُبيّن كيفية صلاة الخوف: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102].
ففعل النبي صلى الله عليه وسلم كما أمره الله:
1- قَسَّم الصحابة إلى مجموعتين: مجموعة تصلي معه، ومجموعة تقف مواجهة للعدو وتحرس إخوانها وهم يصلون.
2- صلى بالمجموعة الأولى ركعة: ثم حين سجدوا، بقيت المجموعة الثانية واقفةً تحرسهم.
3- عندما أنهى النبي والمجموعة الأولى الركعة الأولى وقاموا للثانية: تقدمت المجموعة الثانية (الحراس) لأداء الركعة الأولى مكان إخوانهم، الذين تأخروا ليحرسوهم هم الآن.
4- أتم الجميع صلاتهم: صلى النبي الركعة الثانية وسلم، ثم أتمت كل طائفة ركعتها الباقية بعد أن سلم الإمام.
وبهذه الطريقة العبقرية، أدى المسلمون فريضة ربهم في أحرج الظروف، وحافظوا على صلاتهم دون أن يُغْدَر بهم أو يهاجمهم العدو.
وينهي الراوي بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف هذه مرتين: مرة في هذه الغزوة بعسفان، ومرة أخرى في غزوة أخرى بأرض بني سُلَيم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة الصلاة ومكانتها: فقد فضّل الصحابة الصلاة على الدفاع عن أنفسهم في تلك اللحظة الحرجة، وهذا يدل على أن الصلاة هي أعظم أمر في حياة المسلم بعد الشهادتين.
2- رحمة الله تعالى وشرعه للرخص: فالله تعالى لم يوجب على المسلمين الصلاة في هذه الحالة بشكل يعرضهم للهلاك، بل شرع لهم صلاة تناسب حالهم وتحميهم.
3- الحكمة والتخطيط في الإسلام: فصلاة الخوف تُعطينا درساً في كيفية الجمع بين عبادة الله واليقظة والحذر، وعدم التهاون في الأخذ بالأسباب.
4- طاعة الله ورسوله: حيث امتثل النبي والصحابة لأمر الله فور نزوله دون تردد، وهذا عنوان الإيمان.
5- التضحية والإخوة: حيث وقف كل فريق يحرس أخاه وهو يصلي، مقدماً سلامته من أجل أن يؤدي أخوه فريضة ربه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- صلاة الخوف لها عدة صفات وردت في السنة، وهذه الصفة التي في الحديث هي إحدى صورها، وهي مناسبة عندما يكون العدو في اتجاه القبلة.
- هذا الحديث يرد على من يستسهل ترك الصلاة بحجة المشقة أو الخوف، فها هم الصحابة في أشد حالات الخوف لم يتركوا الصلاة، بل أدوها بالكيفية التي شرعها الله لهم.
- يُستفاد منه وجوب المحافظة على الصلاة في كل حال، وفي السفر والحضر، وفي الأمن والخوف.
أسأل الله أن يجعلنا من المحافظين على الصلاة، المقيمين لها، المتأسين برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٢٣٦)، والنسائي (٣/ ١٧٧ - ١٧٨)، وأحمد (١٦٥٨٠) -واللفظ له- وصحّحه ابن حبان (٢٨٧٦)، والحاكم (١/ ٣٣٧ - ٣٣٨) كلهم من حديث منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقي فذكره. وإسناده صحيح.
واختلف في سماع مجاهد من أبي عياش. والصواب أنه سمع منه.
صلاة الخوف لها أنواع كثيرة، فإنّ العدو تارة يكون تجاه القبلة، وتارة يكون في غير صوبها، ثم تارة يصلون جماعة، وتارة يلتحم الحرب فلا يقدرون على الجماعة بل يصلون فرادى مستقبلي القبلة وغير مستقبليها رجالا وركبانا.
والأحاديث المروية في ذلك كثيرة سبق ذكرها في صلاة الخوف. قال الإمام أحمد: «كل حديث روي في أبواب صلاة الخوف، فالعمل به جائز. روي فيها ستة أوجه أو سبعة أوجه».
وقوله: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ حمل السلاح في صلاة الخوف واجب لظاهر الآية، وهو أحد قولي الشافعي. ورخّص اللَّه في وضعها في حال المطر أو المرض.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 356 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صلاة الخوف بعسفان مع رسول الله ﷺ

  • 📜 حديث: صلاة الخوف بعسفان مع رسول الله ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صلاة الخوف بعسفان مع رسول الله ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صلاة الخوف بعسفان مع رسول الله ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صلاة الخوف بعسفان مع رسول الله ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب