حديث: مَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)﴾

عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ كان بمكة رجل يقال له ضمرة من بني بكر، وكان مريضا فقال لأهله: أخرجوني من مكة، فإني أجد الحرّ. فقالوا: أين نخرجك؟ . فأشار بيده نحو المدينة فنزلت هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى آخر الآية.

صحيح: رواه ابن أبي حاتم في التفسير (٣/ ١٠٥٠) عن أحمد بن منصور الرمادي، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا محمد بن شريك، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ كان بمكة رجل يقال له ضمرة من بني بكر، وكان مريضا فقال لأهله: أخرجوني من مكة، فإني أجد الحرّ. فقالوا: أين نخرجك؟ . فأشار بيده نحو المدينة فنزلت هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى آخر الآية.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر الذي ذكر عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يروي لنا قصة نزول آيتين كريمتين من سورة النساء، وهو شرحٌ تطبيقي رائع لمعنى الهجرة في سبيل الله.

أولاً. شرح المفردات:


● تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ: تقبض أرواحهم ملائكة الموت.
● ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ: الذين أساؤوا إلى أنفسهم بترك الهجرة مع القدرة عليها.
● يَجِدْ فِي الْأَرْضِ: يجد في الأرض منفذاً ومخرجاً وموطئ قدم للاستقرار والعيش الكريم.

ثانياً. شرح الحديث والقصة:


يحكي ابن عباس رضي الله عنهما قصة رجل من بني بكر يُدعى ضمرة كان مقيماً في مكة، وكان مشركاً على دين قومه. أصابته مرض ألمّ به، فشعر بضيق وحرارة شديدة (ربما بسبب المرض أو لمعرفته الباطنية بفساد عقيدته). فطلب من أهله أن يُخرجوه من مكة طلباً للراحة والبرء.
لم يكن لديهم وجهة محددة، فأشار بيده نحو المدينة المنورة، التي كانت قد أصبحت دار هجرة للمسلمين ومركزاً للإيمان. وفي الطريق، أو بعد خروجه بقليل، توفي هذا الرجل.
فنزلت الآية الكريمة تُخبر بأن الملائكة حين تقبض أرواح الذين ظلموا أنفسهم بالبقاء في دار الكفر مع قدرتهم على الهجرة، تقول لهم: {فِيمَ كُنْتُمْ}؟ فيعترفون بتقصيرهم ويقولون: {كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ}، فترد عليهم الملائكة: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}؟ (سورة النساء: 97).
ثم نزلت الآية التي تليها مباشرة لتبيّن الفضل العظيم والوعد الصادق لمن يهاجر حقاً لله، فقال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} (سورة النساء: 100).
فالهجرة هنا لم تكن هجرة حقيقية بنية خالصة لله، بل كانت هجرة طلباً للراحة الجسدية والشفاء من المرض. لكن الله عز وجل أخبر أن من يهاجر في سبيله (أي ابتغاء مرضاته وإعلاء كلمته) سيجد الخير الكثير والسعة في الرزق والعيش.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- نية الهجرة شرط لقبولها: الهجرة ليست مجرد انتقال جسدي من مكان إلى آخر، بل هي عمل قلبي قبل أن يكون عملاً جسدياً. يجب أن تكون خالصة لله تعالى وابتغاء مرضاته.
2- سعة رحمة الله وعلمه: الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم أن هذا الرجل خرج طلباً للعافية الدنيوية، لا طلباً لرضوان الله.
3- ذم التخلف عن الهجرة مع القدرة: الحديث يوضح عظم ذنب من يقدر على الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام ثم يتخلف عنها بدون عذر شرعي.
4- الوعد الصادق للمهاجرين في سبيل الله: من يهاجر حقاً لله، سيهيئ الله له أسباب الرزق والسعة والعزة في الدنيا، فضلاً عن الأجر العظيم في الآخرة.
5- أهمية العزم والصبر: الهجرة تحتاج إلى عزيمة صادقة وصبر على مشاق الطريق، وليست مجرد إشارة يد أو أمنية.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذه القصة من أسباب النزول، وهي تروى عن ابن عباس رضي الله عنهما وتُعتبر من التفسير بالمثال.
- الهجرة في سبيل الله من أعظم القربات، وقد كانت فريضة في بداية الإسلام على كل مسلم قادر حتى فتح مكة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية» (متفق عليه).
- معنى الهجرة يتسع ليشمل هجر المعاصي والذنوب، كما في الحديث: «والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» (رواه البخاري).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المهاجرين إليه هجرة صادقة، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي حاتم في التفسير (٣/ ١٠٥٠) عن أحمد بن منصور الرمادي، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا محمد بن شريك، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ٣٨١) بهذا الإسناد وسياقه أطول، وليس فيه قصة ضمرة من بني بكر.
ورواه أبو يعلى (٢٦٧٩)، والطبراني في الكبير (١١/ ٢٧٢)، وابن أبي حاتم كلهم من وجه آخر عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «خرج ضمرة بن جندب إلى رسول اللَّه ﷺ، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى المدينة، فنزلت: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾.
وأشعث هو: سوار الكندي، النجار، ضعيف باتفاق أهل العلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 352 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً

  • 📜 حديث: مَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب