حديث: أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩)﴾

عن ابن عمر أن رجلا جاءه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر اللَّه في كتابه ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [سورة الحجرات: ٩] إلى آخر الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل، كما ذكر اللَّه في كتابه. فقال: يا ابن أخي أغتر بهذه الآية، ولا أقاتل أحب إليّ من أن أغتر بهذه الآية التي يقول اللَّه تعالى ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [سورة النساء: ٣٩] إلى آخرها. قال: فإن اللَّه يقول: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [سورة البقرة: ١٩٣]. قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول اللَّه ﷺ إذ كان الإسلام قليلا، فكان الرجل يفتن في دينه، إما يقتلوه وإما يوثقوه، حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة، فلما رأى أنه لا يوافقه فيما
يريد، قال: فما قولك في عليّ وعثمان؟ قال ابن عمر: ما قولي في علي وعثمان؟ أما عثمان فكان اللَّه قد عفا عنه، فكرهتم أن يعفو عنه، وأما علي فابن عم رسول اللَّه ﷺ وختنه. وأشار بيده، وهذه ابنته أو بنته حيث ترون.

صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٥٠) عن الحسن بن عبد العزيز، حدّثنا عبد اللَّه بن يحيى، حدّثنا حيوة، عن بكر بن عمرو، عن بكير، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

عن ابن عمر أن رجلا جاءه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر اللَّه في كتابه ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [سورة الحجرات: ٩] إلى آخر الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل، كما ذكر اللَّه في كتابه. فقال: يا ابن أخي أغتر بهذه الآية، ولا أقاتل أحب إليّ من أن أغتر بهذه الآية التي يقول اللَّه تعالى ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [سورة النساء: ٣٩] إلى آخرها. قال: فإن اللَّه يقول: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [سورة البقرة: ١٩٣]. قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول اللَّه ﷺ إذ كان الإسلام قليلا، فكان الرجل يفتن في دينه، إما يقتلوه وإما يوثقوه، حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة، فلما رأى أنه لا يوافقه فيما
يريد، قال: فما قولك في عليّ وعثمان؟ قال ابن عمر: ما قولي في علي وعثمان؟ أما عثمان فكان اللَّه قد عفا عنه، فكرهتم أن يعفو عنه، وأما علي فابن عم رسول اللَّه ﷺ وختنه. وأشار بيده، وهذه ابنته أو بنته حيث ترون.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يحمل دروساً جليلة في فهم نصوص القرآن الكريم، وموقف الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، والتورع عن سفك الدماء.

أولاً. شرح المفردات:


● يَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ: أي يخدع بها أو يغتر بظاهرها دون فهم مقصدها الكامل.
● فِتْنَةٌ: هنا بمعنى الشرك والكفر، أو الإكراه على ترك الدين.
● حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ: حتى يزول الشرك والإكراه على الدين.
● عَفَا عَنْهُ: صفح وغفر له.
● خَتَنُهُ: صهره، حيث تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنة علي رضي الله عنه (أم كلثوم).

ثانياً. شرح الحديث:


جاء رجل إلى الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مستنكراً عليه عدم مشاركته في القتال الذي وقع بين المسلمين في الفتنة، مستدلاً بآيات من القرآن الكريم.
1- الاستدلال الأول للرجل: استشهد الرجل بآية من سورة الحجرات (آية 9) التي تأمر بالإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الباغية. فرد عليه ابن عمر بحكمة بالغة، خوفاً من الوقوع في قتل مؤمن متعمداً، مستشهداً بآية القصاص في سورة النساء (آية 93) التي توعد من يقتل مؤمناً متعمداً بجهنم خالداً فيها.
2- الاستدلال الثاني للرجل: احتج الرجل بآية أخرى هي قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾. فوضح له ابن عمر أن هذه الآية نزلت في حق الكفار في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حين كان الإسلام ضعيفاً والمؤمنون يُفتنون في دينهم (يُعذبون أو يُقتلون ليرتدوا). أما بعد أن أصبح الإسلام قوياً وعزيزاً، وزالت تلك الفتنة، لم يعد هذا الحكم بنفس الصورة، ولم يعد القتال داخلياً بين المسلمين مشروعاً.
3- سؤال الرجل عن علي وعثمان: عندما رأى الرجل أن حججه لا تقنع ابن عمر، سأله عن موقفه من الخليفتين عثمان وعلي رضي الله عنهما. فكان رد ابن عمر متزناً وحكيماً:
● في حق عثمان: اعتبر أن الله قد عفا عنه (أي قبل توبته وغفر له)، وأن الناس هم من لم يعفوا عنه وقاموا بقتله.
● في حق علي: ذكّره بفضله ومكانته كابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره، وأشار إلى زوجته (ابنة علي) التي عنده، مما يؤكد محبته وموالاته له، ولكن دون الدخول في قتالٍ يترتب عليه إراقة دماء المسلمين.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- فهم النصوص في إطارها الصحيح: لا تؤخذ آيات القرآن مأخذ الانتقاء، بل يجب فهمها في سياقها وسبب نزولها، وجمعها مع بقية النصوص التي تحكم المسألة ذاتها. فآية القتال حتى لا تكون فتنة نزلت في قتال الكفار، وليس في قتال المسلمين بعضهم بعضاً.
2- تقديس الدم المسلم: يظهر من موقف ابن عمر رضي الله عنهما الخوف الشديد من إزهاق روح مؤمن بغير حق، والورع العظيم في عدم الانجرار إلى الفتنة.
3- حكمة الصحابة في الفتن: كان موقف كثير من الصحابة في الفتنة التوقف وعدم المشاركة في القتال، حفظاً لدماء المسلمين، وانتظاراً لزوال الفتنة. وهذا هو الموقف الأسلم الذي دلت عليه النصوص.
4- الإنصاف والعدل مع الجميع: لم يذم ابن عمر أي طرف، بل ذكر فضائل عثمان وعلي رضي الله عنهما، ودفع الإثم عن عثمان إلى قتلته، مما يدل على إنصاف وحكمة في التعامل مع الأحداث العصيبة.
5- الترفع عن الخوض في الفتن: يعلمنا ابن عمر ألا نكون أداة في صراعات لا نعي كامل أبعادها، وأن نلتزم الصمت والحياد إذا كان الخوض فيها يزيد الأمر تعقيداً أو يؤدي إلى إراقة الدماء.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الموقف يعد من أبرز مواقف ابن عمر رضي الله عنهما في الورع والتثبت، وكان يرى أن الخروج على الإمام (الحاكم) يسبب فتنة وشراً أكبر، ما لم يصل إلى الكفر البواح.
- الفتنة التي وقعت بين الصحابة كانت محنة عظيمة، واجتهد فيها كل طرف بما رأى أنه الحق، ونحن نتوقف فيها ولا نفضل أحداً على الآخر في القتال، ونترضى عن الجميع كما أمرنا الله تعالى.
أسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٥٠) عن الحسن بن عبد العزيز، حدّثنا عبد اللَّه بن يحيى، حدّثنا حيوة، عن بكر بن عمرو، عن بكير، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 531 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي

  • 📜 حديث: أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب