حديث: مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية من تعلَّم العلم ثم لا يحدِّث به

عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «مثل الذي يتعلَّم العلم ثم لا يحدِّث به، كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه».

حسن: رواه الطَّبرانيّ في «الأوسط» (٦٨٩)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (٧٧٤) كلاهما من حديث ابن وهب، قال: حدّثني ابن لهيعة، عن درّاج أبي السّمح، عن أبي الهيثم وعبد الرحمن بن حُجيرة، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «مثل الذي يتعلَّم العلم ثم لا يحدِّث به، كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحث على نشر العلم وتعليمه، وسأشرحه لك شرحاً وافياً على النحو التالي:

الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «مثل الذي يتعلَّم العلم ثم لا يحدِّث به، كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه».

1. شرح المفردات:


● يتعلَّم العلم: يطلب العلم الشرعي النافع ويحصله.
● لا يحدِّث به: لا يُعلِّمه الناس ولا ينشره بينهم.
● يكنز الكنز: يجمع المال ويخزنه ويجمعه.
● لا ينفق منه: لا يبذله في وجوه الخير والطاعة، بل يبخل به ويحبسه.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم الشخص الذي يتعلم العلم الشرعي النافع – وهو من أعظم النعم – ولكنّه يكتمه ولا يُعلِّمه الناس، بالشخص الذي يجمع المال ويكنزه ثم يبخل به ولا ينفقه في سبيل الله أو في وجوه البر. فكما أن البخل بالمال ذميم ويحرم صاحبه من الأجر ويُعرضه للوعيد، فكذلك كتمان العلم وبخلُه به هو منكر عظيم، لأنه حبس لمنفعة عظيمة كان من الواجب بذلها ونشرها بين الناس.

3. الدروس المستفادة منه:


● ذم كتمان العلم الشرعي: الحديث يُظهر ذمّ كتمان العلم وعدم نشره، وهو تحذير شديد لمن يعلم علماً نافعاً ثم يكتمه.
● العلم أمانة: فالعلم النافع أمانة عند صاحبه، يجب عليه أداؤها ونشرها بين المسلمين ليعمّ النفع.
● تشبيه كتمان العلم بكنز المال: وهذا يدل على عظم الجرم، لأن كنز المال وعدم إنفاقه محرم كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].
● الحث على بذل العلم وتعليمه: فالعلم يُزكَّى بالنشر والتعليم، وكلما نشره صاحبه زاده الله تعالى فهماً وثباتاً.
● الوعيد للعالم إذا كتم علمه: فقد جاء في آيات وأحاديث أخرى الوعيد الشديد لكاتم العلم، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159].

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وابن ماجه، وصححه الألباني.
- ليس المقصود من الحديث إجبار كل من تعلم شيئاً أن يفتي بدون تأهيل، بل المقصود من له أهلية العلم أن ينشره ويعلمه.
- من صور بذل العلم: التدريس، والتأليف، والإجابة على أسئلة الناس، والدعوة إلى الله بالحكمة.
- فضل نشر العلم عظيم، فمن علّم علماً فله أجر من عمل به إلى يوم القيامة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من طلاب العلم العاملين المعلمين، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا.
والله تعالى أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطَّبرانيّ في «الأوسط» (٦٨٩)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (٧٧٤) كلاهما من حديث ابن وهب، قال: حدّثني ابن لهيعة، عن درّاج أبي السّمح، عن أبي الهيثم وعبد الرحمن بن حُجيرة، عن أبي هريرة، فذكره. ولم يذكر ابن عبد البر أبا الهيثم متابعًا لابن حجيرة.
وإسناده حسن من أجل ابن لهيعة، فإنّ رواية ابن وهب عنه مستقيمة، ودرّاج أبو السّمح حسن الحديث عن ابن حجيرة.
وأورده المنذريّ في الترغيب والترهيب (٢٠٤)، وعزاه إلى الأوسط للطبرانيّ وقال: «في إسناده ابن لهيعة». وكأنَّه لم يفرِّق بين رواية العبادلة عنه وغيرهم. وقد صرَّح الهيثميّ في «المجمع» (١/ ١٦٤) فقال: «فيه ابن لهيعة وهو ضعيف». وهذا دأب الهيثميّ في رواية ابن لهيعة، فإمّا أن يصرِّح بضعيفه أو أن يقول: فيه كلام معروف بدون فرق بين رواية العبادلة عنه وغيرهم، فتنّبه لذلك.
ولحديث أبي هريرة أسانيد أخرى غير أنّ ما ذكرته هو أصحّها.
وفي الباب عن جندب بن عبد اللَّه الأزديّ صاحب النبيّ ﷺ، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «مثل الذي يعلِّم النّاس الخير ويني نفسَه كمثل السّراج يضيءُ للنّاس ويحرق نفسَه».
رواه الطّبرانيّ في الكبير (٢/ ١٧٨) عن أحمد بن المعلي الدمشقي والحسن بن علي العمريّ، قالا: ثنا هشام بن عمار، ثنا علي بن سليمان الكلبيّ، حدّثني الأعمش، عن أبي تميمة، عن جندب، فذكره.
ذكره الهيثميّ في «المجمع» (١/ ١٨٤ - ١٨٥) فقال: «رجاله موثقون»، اعتمادًا على توثيق ابن حبان، وفي الإسناد علي بن سليمان الكلبيّ، لم يوثقه غير ابن حبان فإنه قد ذكره في ثقاته (٧/ ٢١٣) وقال: «يغرب».
ثم عاد الهيثميّ في حديث آخر من طريق علي بن سليمان الكلبي فقال في «المجمع» (٦/ ٢٣٢): «علي بن سليمان الكلبي لم أعرفه».
وأمّا المنذري فحسنه في «الترغيب والترهيب» (٣٢٠) فقال: «وإسناده حسن إن شاء اللَّه تعالى».
وقد روي موقوفًا بإسناد حسن، رواه أحمد في الزهد (١١٢٧) وأبو داود في الزهد (٣٩٢) كلاهما من حديث حمّاد بن سلمة، حدّثنا الجريريّ، عن أبي السوار العدويّ، أنهم أتوا جندبا، فذكر نحوه، وحماد بن سلمة ممن سمع الجريري قبل اختلاطه.
وكذلك رُوي عن أبي برزة مرفوعًا: «مثل الذي يعلِّم النّاس الخيرَ وينسى نفسه مثل الفتيلة تُضِيءُ على النّاس وتحرق نفسها».
أورده المنذريّ في «الترغيب والترهيب» (٢١٨) وقال: «رواه البزّار». ولم أقف على إسناده.
ورُوي عن ابن عمر مرفوعًا قال: «علمٌ لا يقال به، ككنز لا ينفق منه».
رواه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (٧٧٨) قال: أخبرنا أحمد بن محمد، نا علي بن عمر، نا الحسن بن عبد اللَّه، نا أبو يعلى بن زهير، نا عمر بن يحيى بن نافع، نا عيسى بن شعيب، نا روح بن القاسم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره. وفيه رواة لم أهتد إلى تراجمهم.
وفي الباب عن ابن مسعود مرفوعًا ولا يصح، وعن ابن عباس، وسلمان الفارسيّ موقوفًا عليهما. راجع «جامع بيان العلم»، و«العلم» لأبي خيثمة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 171 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به

  • 📜 حديث: مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب