إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا

حديث: إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا

عن خباب، عن النّبيّ ﷺ قال: «إنّ بني إسرائيل لما هلكوا قصُّوا».

حسن: رواه الطّبرانيّ في كبيره (٣٧٠٥) من طريقين، عن أبي أحمد الزّبيريّ، ثنا سفيان، عن الأجلح، عن عبد اللَّه بن أبي الهذيل، عن خباب، فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن خباب، عن النّبيّ ﷺ قال: «إنّ بني إسرائيل لما هلكوا قصُّوا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:

عن خباب بن الأرت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا».

١. شرح المفردات:

* بني إسرائيل: هم أبناء يعقوب عليه السلام، ويُقصد بهم هنا أمة اليهود من ذريته.
* هلكوا: الهلاك هنا ليس الموت الجسدي فقط، بل هو الهلاك المعنوي، أي فسدت أحوالهم، وضلوا عن طريق الحق، وعصوا أنبياءهم، واستحقوا الغضب والعذاب من الله تعالى.
* قَصُّوا: القص هنا له معنيان رئيسيان ذكرهما الشراح:
* الأول (المشهور): من القَصَص، أي حكوا وقصوا أخبار من هلك قبلهم من الأمم، واعتبروا بها، ولكنهم لم يعملوا بها ولم ينتفعوا منها، فاكتفوا بالكلام دون الفعل.
* الثاني: من القَصِّ، أي قصُّوا شعرهم ولحاهم تشبهاً بأهل الفسق والفجور، أو كنوع من الزينة والتباهي عند ذكر مصائب الآخرين، وهو فعل قبيح يدل على قسوة القلب.

٢. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن حال بني إسرائيل بعد أن استحقوا الهلاك والغضب بسبب معاصيهم وفسادهم. فبدلاً من أن يتوبوا ويندموا ويعودوا إلى طريق الرشاد، اكتفوا بفعل سطحي وباطل، وهو "القص"، إما بحكاية قصص من هلك قبلهم للعظة والعبرة من غير أن يعتبروا بها أو يغيروا من أنفسهم، وإما بتشويه هيئتهم وقص شعرهم حداداً أو تباهياً، مما يدل على قسوة قلوبهم وعدم تأثرهم بما حل بهم.
فالحديث يصور حالة من الانفصال بين القول والفعل، وبين المظهر والجوهر، حيث أصبحت العبرة مجرد حكايات تروى من غير عمل، أو مظاهر شكلية من غير إصلاح حقيقي للقلوب.

٣. الدروس المستفادة والعبر:

1- ذم القول بلا عمل: الحديث تحذير صريح للأمة الإسلامية من أن تصير مثل تلك الأمم السابقة، التي تتحول فيها المواعظ والعبر إلى مجرد كلام وحكايات تقال في المجالس من غير أن تترك أثراً في السلوك أو تغيراً في الواقع.
2- الاعتبار بالتاريخ: الغاية من ذكر أخبار الأمم السابقة في القرآن والسنة هي الاعتبار والاتعاظ، لا مجرد التسلية أو سرد القصص. فالمؤمن الحق هو من يسمع القصة فيتأمل فيها ويطبق ما فيها من عبر على نفسه.
3- التحذير من قسوة القلب: فعل "القص" دليل على أن القلوب قد قست ولم تعد تتأثر بمواعظ الله ولا بآياته. وهذا من أخطر الأمراض التي يمكن أن تصيب الفرد أو الأمة.
4- الاهتمام بالجوهر لا بالمظهر: يذم الحديث الاهتمام بالمظاهر الشكلية والتشبه بأهل الفساد في أوقات الشدة والبلاء، вместо الإصلاح الجوهري والتوبة الصادقة.
5- الحث على التوبة والإصلاح: الطريق الصحيح عند وقوع المصيبة أو المعصية هو الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة النصوح والإقلاع عن الذنب، وليس الانشغال بأمور ثانوية أو شكلية.

٤. معلومات إضافية مفيدة:

* الراوي: هو خباب بن الأرت رضي الله عنه، أحد السابقين إلى الإسلام، عُذب في الله عذاباً شديداً، وهو من المهاجرين.
* مصدر الحديث: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وقال عنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة": إسناده صحيح.
* السياق والموعظة: يذكر الشراح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث ليعظ أصحابه ويحذرهم من سلوك طريق الهلاك الذي سلكه من قبلهم، ويحثهم على أن يكون قولهم مصداقاً لعملهم، وأن تكون قلوبهم عامرة بالإيمان والتقوى، لا قاسية لا تتأثر بالموعظة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطّبرانيّ في كبيره (٣٧٠٥) من طريقين، عن أبي أحمد الزّبيريّ، ثنا سفيان، عن الأجلح، عن عبد اللَّه بن أبي الهذيل، عن خباب، فذكر الحديث.
ورواه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٦٢) من هذا الوجه ثم قال: «غريب من حديث الأجلح والثوريّ، تفرّد به أبو أحمد».
قال الأعظمي: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال مسلم غير الأجلح، وهو ابن عبد اللَّه بن حجية، وهو شيعي صدوق اللهجة.
قوله: «لما هلكوا قصوا». قال ابن الأثير: «أي اتّكلوا على القول وتركوا العمل، فكان ذلك سبب هلاكهم أو بالعكس: لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 194 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا

📜 حديث: إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية