حديث: لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترهيب من طلب العلم لغير وجه اللَّه

عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السُّفهاء، ولا لتحتازوا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنَّارُ النَّارُ».

حسن: رواه ابن ماجه (٢٥٤) عن محمد بن يحيى، حدّثنا ابن أبي مريم، قال: أنبأنا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللَّه، (فذكره).

عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السُّفهاء، ولا لتحتازوا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنَّارُ النَّارُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع والعمل الصالح.
الحديث الشريف:
عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السُّفهاء، ولا لتحتازوا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنَّارُ النَّارُ».
(رواه ابن ماجه في سننه، وهو حسن)


شرح الحديث:

# 1. شرح المفردات:


● تُباهوا: من المباهاة، وهي المفاخرة والمنافسة على الظهور والتفوق بغير حق.
● العلماء: هنا قد يُقصد بهم العلماء الحقيقيون، فيتعلم ليفاخرهم ويقول أنا أعلم منكم، أو قد يُقصد بهم من يتسمون بالعلم أمام الناس (أي المتعالمون) ليكسب مكانتهم بينهم.
● لتماروا: من المماراة، وهي الجدال والمراء بقصد الغلبة وإظهار الغير على الخطأ، لا بقصد الوصول إلى الحق.
● السُّفهاء: جمع سفيه، وهو قليل العقل الذي لا يحسن التصرف أو الكلام.
● لتحتازوا: من الاحتياز، وهو الاستئثار بأمر والانفراد به. وقيل: من الحَوز، وهو الجذب والأخذ. والمعنى: لا تتعلموا العلم لتجلسوا في صدر المجالس ومجالس الكرامة بين الناس بسبب علمكم.
● المجالس: المقاعد التي يجلس فيها الناس، ويراد بها أماكن التقدير والاحترام.
● فالنار النار: تكرير للكلمة للتحذير الشديد والتأكيد على عظم الخطر، أي فمصيره ومآله إلى النار.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:
يُحذّر النبي ﷺ في هذا الحديث من آفات خطيرة تصيب نية طالب العلم، فيحرم من الأجر ويبوء بالإثم العظيم. فالعلم عبادة عظيمة لا تصح إلا بإخلاص النية لله تعالى. وينهى الرسول ﷺ عن تعلم العلم لثلاثة أغراض فاسدة:
1- أن يتعلمه ليفاخر به العلماء ويظهر التفوق عليهم، لا لينتفع به أو لينفع.
2- أن يتعلمه ليماري به السفهاء ويجادلهم ويغلبهم بالحجة، إظهارًا للقوة وليس لإرشادهم إلى الحق.
3- أن يتعلمه ليستأثر به بمجالس الشرف والجاه بين الناس، فيتقدمهم في المجالس ويُحترم لأجل علمه الدنيوي.
ثم يُختم الحديث بوعيد شديد لمن فعل شيئًا من هذه الأمور، حيث أن عقابه هو النار – والعياذ بالله – لما في هذه النوايا من إشراك بالله ومنافاة كاملة للإخلاص.

# 3. الدروس المستفادة والعبر:


● وجوب إخلاص النية في طلب العلم: فالعلم عبادة وقربة إلى الله، ومحله القلب، فلا يقبل إلا إذا كان خالصًا لوجه الله تعالى، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5].
● التحذير من الرياء والعجب: فهما من أخطر الأمراض على العبادات، وخصوصًا العلم، لأنه يورث صاحبه شعورًا بالكبر والاستعلاء على الخلق.
● ذم المراء والجدال العقيم: الذي لا يقصد منه الوصول إلى الحق، بل إسكات الخصم وإظهار التفوق عليه. قال ﷺ: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا» (رواه أبو داود).
● عدم اتخاذ العلم وسيلة للدنيا: كالوجاهة الاجتماعية والمناصب الدنيوية، فمن جعل العلم وسيلة للدنيا حرم بركته ولم ينفعه يوم القيامة.
● التخويف من سوء الخاتمة: فالوعيد بالنار يدل على عظم هذه الذنوب القلبية وخطورتها على مصير المسلم.
● تكريس العلم لخدمة الدين ونفع الناس: فالنية الصالحة تحول العلم إلى صدقة جارية وعبادة متواصلة، فينوي طالب العلم رفع الجهل عن نفسه وعن الآخرين، والدفاع عن الدين، ونشر الخير.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من جوامع كلم النبي ﷺ، حيث جمع تحذيرات عظيمة في عبارات موجزة بليغة.
- ينبغي لطالب العلم أن يجدد نيته ويحاسب نفسه بين الحين والآخر، ليتأكد من إخلاصه ويحذر من دخول شوائب الرياء أو العجب على قلبه.
- العلماء العاملون هم ورثة الأنبياء، وميراث النبوة لا يُنال إلا بصدق النية وإخلاصها لله عز وجل.
- من نوى بنية صالحة فله أجرها حتى لو لم يقدر على العمل، فكيف بمن يعمل العمل ولكن بنية فاسدة؟!
نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٥٤) عن محمد بن يحيى، حدّثنا ابن أبي مريم، قال: أنبأنا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللَّه، (فذكره).
وصحّحه ابن حبان (٧٧)، والحاكم (١/ ٨٦) كلاهما من طريق ابن أبي مريم، بإسناده، مثله.
ورواه ابن وهب، قال: سمعت ابن جريج يحدّث، فذكر الحديث موقوفًا عليه.
رواه الحاكم (١٨٦) من طريقه وقال: «هذا إسناد يحيى بن أيوب المصريّ، عن ابن جريج، فوصله، ويحيى متفق على إخراجه في الصحيحين، وقد أرسله عبد اللَّه بن وهب فأنا على الأصل الذي أصّلته في قبول الزّيادة من الثقة في الأسانيد والمتون» انتهى.
وقال الحافظ البوصيريّ في «زوائد ابن ماجه»: «هذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم». وإسناده حسن من أجل أبي الزّبير فإنه حسن الحديث.
وفي الباب ما رُوي عن كعب بن مالك، قال: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «من طلب العلم ليُجاري به العلماء، أو ليُماري به السّفهاء، أو يصرف به وجوه النّاس إليه أدخله اللَّه النّار».
رواه الترمذيّ (٢٦٥٤) من طريق أحمد بن المقدام، عن أمية بن خالد، حدّثنا إسحاق بن يحيى ابن طلحة، حدّثني ابن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكر الحديث.
ورواه الحاكم (١/ ٨٦) من طريق آخر عن إسحاق بن يحيى بن طلحة.
قال الترمذيّ: هذا حديث غريب لا نعرفه إِلَّا من هذا الوجه، وإسحاق بن يحيى بن طلحة ليس بذاك القوي عندهم، تُكلِّم فيه من قبل حفظه».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فقد تكلَّم فيه أحمد، وابن معين، والبخاريّ، والنسائيّ، وأبو حاتم، وابن حبان، وغيرهم من أهل العلم. وفي التقريب: «ضعيف».
وأمّا الحاكم فقال: لم يخرج الشيخان إسحاق بن يحيى شيئًا، وإنّما جعلته شاهدًا لما قدمت من شرطهما، وإسحاق بن يحيى من أشراف قريش».
وهو يقصد به حديث أبي هريرة وجابر بن عبد اللَّه.
وفي الباب أحاديث أخرى عن ابن عمر عند ابن ماجه (٢٥٣)، وفيه حمّاد بن عبد الرحمن
الكلبيّ القنَّسريني ضعيف، وشيخه أبو كرب الأزديّ، قال فيه أبو حاتم: «مجهول».
وعن حذيفة، رواه ابن ماجه (٢٥٩)، وفيه بشير بن ميمون الواسطيّ، أهل العلم مجمعون على تضعيفه، قال الحافظ في التقريب: «متروك متهم».
وعن أنس: رواه البزّار (كشف الأستار - ١٧٨) قال البزّار: «لا نعلمه يروى عن أنس إِلَّا بهذا الإسناد، تفرّد به سليمان، ولم يتابع عليه، ورواه عنه غير واحد». انتهى.
وأورده الهيثميّ في «المجمع» (١/ ١٨٣ - ١٨٤) وقال: «رواه الطبرانيّ في الأوسط، والبزّار، وفيه سليمان بن زياد الواسطيّ. قال الطبرانيّ والبزّار: تفرّد به سليمان. زاد الطبرانيّ: ولم يتابع عليه. وقال صاحب الميزان: لا ندري من ذا».
قال الأعظمي: قول الطبرانيّ: «ولم يتابع عليه». ذكره أيضًا البزّار كما سبق، فلا معنى لقول الهيثميّ: «وزاد الطبرانيّ. . .».
والحديث يتقوّى بهذه الشواهد وغيرها كما قال الحاكم وغيره، واللَّه أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 179 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء

  • 📜 حديث: لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تعلّموا العلم لتُباهوا به العلماء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب