حديث: من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النّهي عن كثرة المسألة عمَّا لم يكن ولم ينزل به وحي

عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أعظم المسلمين في المسلمين جرما مَنْ سأل عن أمر لم يحرم فحرم على النّاس من أجل مسألته».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الاعتصام (٧٢٨٩)، ومسلم في الفضائل (٢٣٥٨) كلاهما من حديث ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه، فذكره.

عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أعظم المسلمين في المسلمين جرما مَنْ سأل عن أمر لم يحرم فحرم على النّاس من أجل مسألته».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بما نسمع ونعلم.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر من أمر خطير له آثار سيئة على الأمة. وإليك شرحه على النحو التالي:

الحديث بلفظه كاملاً:


عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعظم المسلمين في المسلمين جرماً مَنْ سأل عن أمر لم يُحَرَّم، فحُرِّمَ على الناس من أجل مسألته».
(رواه البخاري ومسلم وغيرهما)


1. شرح المفردات:


● أعظم المسلمين في المسلمين جرماً: أي أكبرهم إثماً وأشدهم ذنباً بين المسلمين.
● مَنْ سأل عن أمر: الذي يستفسر ويتحرى عن شيء.
● لَمْ يُحَرَّم: لم يكن محرماً من قبل، بل كان مباحاً أو في دائرة الإباحة.
● فَحُرِّمَ على الناس: فأصبح ذلك الشيء حراماً على الجميع.
● من أجل مسألته: بسبب سؤاله وتكلفه في السؤال.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من كبائر الذنوب أن يتساهل الإنسان في السؤال عن أمور كانت مباحة في الأصل، فيسأل عنها بسوء أدب أو بتكلف وتعمق، فيأتي الجواب من الشارع بتحريمها، فيصبح هذا التحريم شاملاً لجميع الناس بسبب سؤال ذلك الشخص.
فهذا الشخص يكون قد تسبب في إغلاق باب من أبواب الرحمة واليسر التي كانت مفتوحة للأمة، فإثمه عظيم لتسببه في التشديد على الناس.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- ذم التكلف والتعمق في الدين: الإسلام دين يسر وسهولة، والكلفة والتعمق في الأمور التي سكت عنها الشرع من أسباب التشديد على النفس وعلى الأمة.
2- الحكمة من النهي عن كثرة الأسئلة: نَهَى القرآن والسنة عن كثرة الأسئلة، خاصة عن أشياء لم تقع، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
3- سد الذرائع إلى المشقة: هذا الحديث من أبلغ ما يكون في سد الذرائع التي تؤدي إلى المشقة على الناس.
4- مراعاة المصالح العامة: المسلم مطالب بأن ينظر لعواقب أقواله وأفعاله، فلا يتسبب في إلحاق الضرر بالمجتمع المسلم.
5- التقوى في السؤال: على المسلم أن يسأل بقصد التعلم والاستفادة، لا بقصد التعنت أو الإحراج، وأن يختار الأسئلة النافعة التي تحقق مصلحة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● سبب ورود الحديث (السياق):
جاء هذا الحديث في سياق تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من التشديد والتعمق. ومثال على ذلك ما ورد في القصة المشهورة حين سأل رجل عن الحج: "أكل عام يا رسول الله؟" فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم...». فخاف النبي أن ينزل تحريم الحج إلا مرة في العمر بسبب هذه المسألة.
● هل التحريم يكون بالوحي؟:
نعم، المقصود أن سؤاله يكون سبباً في نزول الوحي بالتحريم، كما حدث في عدة وقائع، مثل قصة تحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها بسبب سؤال.
● الفقه في التعامل مع النصوص:
هذا الحديث لا يعني منع السؤال الشرعي النافع، أو السؤال عن العلم، فقد حث القرآن على السؤال في قوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. وإنما المقصود السؤال المتكلف عن أمور لم تقع، أو السؤال بطريقة تظهر الاعتراض على حكمة التشريع.
● الفرق بين هذا وبين سؤال الاستفسار:
السؤال المحمود هو سؤال المتعلم الجاهل الذي يريد الفهم والاتباع. أما السؤال المذموم فهو سؤال المتعنِّت المتكلف الذي يريد التعجيز أو الإحراج.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يجنبنا التكلف والغلو، وأن يرزقنا الفهم الصحيح والعمل المستقيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الاعتصام (٧٢٨٩)، ومسلم في الفضائل (٢٣٥٨) كلاهما من حديث ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 186 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته

  • 📜 حديث: من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب