حديث: مرثد يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة ويسأل عن نكاح عناق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)﴾

عن عبد الله بن عمرو قال: كان رجل يقال له مرثد بن أبي مرثد، وكان رجلا يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بغيٌّ بمكة، يقال لها: عناق، وكانت صديقة له، وإنه كان وعد رجلا من أسارى مكة يحمله، قال:
فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة. قال: فجاءت عناق، فأبصرت سواد ظلي بجنب الحائط، فلما انتهت إلي عرفت، فقالت: مرثد؟ . فقلت: مرثد، فقالت: مرحبا وأهلا، هلمّ! فبِتْ عندنا الليلة. قال: قلت: حرم الله الزنا. قالت: يا أهل الخيام! هذا الرجل يحمل أسراكم. قال: فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة، فانتهيت إلى كهف أو غار، فدخلت، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، فظل بولهم على رأسي، وأعماهم الله عني، قال: ثم رجعوا، ورجعت إلى صاحبي، فحملته، وكان رجلا ثقيلا حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه أكبُله، فجعلت أحمله، ويعينني حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله ﷺ، فقلت: يا رسول الله أنكح عناقا؟ . فأمسك رسول الله ﷺ، فلم يردّ علي شيئا حتى نزلت: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾، فقال رسول الله ﷺ: «يا مرثد! الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، فلا تنكحها».

حسن: رواه أبو داود (٢٠٥١)، والترمذي (٣١٧٧) واللفظ له، والنسائي (٣٢٢٨)، والحاكم (٢/ ١٦٦) كلهم من طريق عبيد الله بن الأخنس، قال: أخبرني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: فذكره.

عن عبد الله بن عمرو قال: كان رجل يقال له مرثد بن أبي مرثد، وكان رجلا يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بغيٌّ بمكة، يقال لها: عناق، وكانت صديقة له، وإنه كان وعد رجلا من أسارى مكة يحمله، قال:
فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة. قال: فجاءت عناق، فأبصرت سواد ظلي بجنب الحائط، فلما انتهت إلي عرفت، فقالت: مرثد؟ . فقلت: مرثد، فقالت: مرحبا وأهلا، هلمّ! فبِتْ عندنا الليلة. قال: قلت: حرم الله الزنا. قالت: يا أهل الخيام! هذا الرجل يحمل أسراكم. قال: فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة، فانتهيت إلى كهف أو غار، فدخلت، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، فظل بولهم على رأسي، وأعماهم الله عني، قال: ثم رجعوا، ورجعت إلى صاحبي، فحملته، وكان رجلا ثقيلا حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه أكبُله، فجعلت أحمله، ويعينني حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله ﷺ، فقلت: يا رسول الله أنكح عناقا؟ . فأمسك رسول الله ﷺ، فلم يردّ علي شيئا حتى نزلت: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾، فقال رسول الله ﷺ: «يا مرثد! الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، فلا تنكحها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث مرثد بن أبي مرثد رضي الله عنه من الأحاديث العظيمة التي تجمع بين قصة جهادية مؤثرة وعبرة تشريعية مهمة. وإليك الشرح الوافي لهذا الحديث:

1. شرح المفردات:


● يحمل الأسرى: أي يهرب بالمسلمين الأسرى في مكة ويخرجهم إلى المدينة المنورة.
● بغيّ: امرأة تتخذ الزنى حرفة، أي زانية معروفة بذلك.
● صديقة له: كانت تعرفه معرفة قديمة.
● الخندمة: اسم لجبل معروف بمكة.
● الإذخر: نبات طيب الرائحة كان ينبت around المدينة.
● أكبُله: قيوده وأغلاله.
● أنكح: أتزوج.

2. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة الصحابي الجليل مرثد بن أبي مرثد، الذي كان من فرسان المسلمين وشجعانهم في بداية الدعوة الإسلامية. وكان يقوم بمهمة خطيرة وهي تهريب الأسرى المسلمين من مكة - التي كانت تحت سيطرة المشركين - إلى المدينة المنورة دار الهجرة والإيمان.
وفي إحدى هذه المهمات، جاء ليلاً إلى مكة ليهرب بأحد الأسرى، وكانت ليلة مقمرة مضيئة. فبينما هو متخفٍ بجوار حائط، رأته امرأة تدعى "عناق" وكانت زانية معروفة في مكة، وتعرفه من قبل. فعرضت عليه أن يبيت عندها (أي يقيم لديها للزنى)، فرفض رفضاً قاطعاً قائلاً: "حَرَّمَ اللَّهُ الزِّنَا"، مما يدل على قوة إيمانه وتقواه.
فلما رأت منه الرفض، غضبت وأخفت المشركين عليه صارخة: "يا أهل الخيام! هذا الرجل يحمل أسراكم". فتبعوه ثمانية من المشركين، ولكن الله ستره وأعجزهم عنه، حتى إنهم وقفوا فوق الكهف الذي اختبأ فيه وبالوا ولم يروه، ثم نجى بفضل الله.
ثم أكمل مهمته بنجاح وخرج بالأسير إلى المدينة. وبعد أن اطمأن، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إمكانية الزواج من "عناق" - ربما ظناً منه أنه يمكن أن يهديها أو يستفيد من معرفتها في مهماته - فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، حتى نزلت الآية الكريمة: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]. فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الزانية لا يحل لمسلم مؤمن أن يتزوجها.

3. الدروس المستفادة منه:


● الستر والعون الإلهي للمؤمن: قصة نجاة مرثد رضي الله عنه دليل على أن الله تعالى يحفظ ويستر عباده المؤمنين المخلصين، حتى في أحلك الظروف وأصعب اللحظات.
● تحريم الزنى وعظمه: الموقف الشجاع لمرثد في رفضه القاطع للزنى، رغم المخاطرة بكشف أمره، يدل على عظم هذه الفاحشة وأن المؤمن يجب أن يكون عفيفاً حتى لو كلفه ذلك ضرراً دنيوياً.
● تحريم نكاح الزانية: الحديث أصل في تحريم زواج الرجل الصالح من المرأة الزانية، وذلك لحكمة عظيمة وهي صيانة المجتمع المسلم من اختلاط الأنساب وحماية الأسر من الفساد.
● الحكمة في تأخر الجواب النبوي: sometimes يمسك النبي صلى الله عليه وسلم عن الجواب حتى ينزل الوحي، مما يدل على أن التشريع من عند الله تعالى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.
● الجهاد والتضحية في سبيل الله: قصة مرثد نموذج رائع للتضحية والبذل في سبيل إنقاذ المسلمين ونصرة الدين.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني.
- الآية الكريمة التي نزلت في هذه القاعدة هي من سورة النور، والتي تضمنت العديد من التشريعات الخاصة بتحصين المجتمع والأسرة.
- القاعدة المستفادة هي أن الزاني والزانية لا يصلحان لشريك حياة للمؤمن أو المؤمنة، إلا إذا تابا توبة نصوحاً وظهرت علامات الصلاح عليهما.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من العفيفين المعتصمين بدينه، وأن يحفظ مجتمعاتنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٠٥١)، والترمذي (٣١٧٧) واللفظ له، والنسائي (٣٢٢٨)، والحاكم (٢/ ١٦٦) كلهم من طريق عبيد الله بن الأخنس، قال: أخبرني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، فإنه حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 978 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مرثد يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة ويسأل عن نكاح عناق

  • 📜 حديث: مرثد يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة ويسأل عن نكاح عناق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مرثد يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة ويسأل عن نكاح عناق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مرثد يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة ويسأل عن نكاح عناق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مرثد يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة ويسأل عن نكاح عناق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب