حديث: الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)﴾

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله».

حسن: رواه أبو داود (٢٠٥٢)، وأحمد (٨٣٠٠)، والحاكم (٢/ ١٦٦)، وعنه البيهقي (٧/ ١٥٦) كلهم من حديث عبد الوارث، عن حبيب المعلّم، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا يَنْكِحُ الزَّانِي الْمُجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ».


1. شرح المفردات:


* ينكح: هنا بمعنى يُنكِح (يُزَوِّج)، أي لا يُزَوَّج الزاني المجلود امرأة عفيفة إلا امرأة مثل حاله. ويحتمل معنى آخر: لا يَنْكِح (لا يتزوج) هو بنفسه إلا امرأة مثل حاله.
* الزاني: من ارتكب فاحشة الزنا.
* المجلود: الذي أُقيم عليه حد الجلد الشرعي لثبوت الزنا عليه.
* إلا مثله: أي إلا زانية مثلَه قد ثبت زناها وأُقيم عليها الحد.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث الشريف يضع ضابطًا شرعيًّا مهمًّا في مسألة الزواج، يحفظ الأنساب والأعراض، ويحقق مبدأ الكفاءة في النكاح الذي هو من مقاصده الشرعية.
المعنى الإجمالي: أن الرجل الذي ثبت زناه وأُقيم عليه حد الجلد (أو الرجم إن كان محصنًا) لا يصلح أن يُزَوَّج امرأة عفيفة، صاحبة دين وخلق، لم تقترف هذه الفاحشة. وإنما الذي يليق به ويتكافأ معه هو امرأة قد ارتكبت مثل فعله وثبت زناها وأُقيم عليها الحد.
الحكمة من النهي:
* حماية الأسر والمجتمع: حتى لا تدخل هذه السمة (الفسق) إلى بيوت العفائف فيُفسد أخلاقهن أو يُضعف دينهن، أو يتسبب في تشويه سمعة الأسرة التي قبلت به زوجًا لابنتها.
* الجزاء من جنس العمل: هذا الحكم فيه نوع من الجزاء الدنيوي للزاني، حيث يحرم من مصاهرة أهل الصلاح والتقوى، فيكون ذلك زاجرًا له ولغيره عن اقتراف هذه الجريمة.
* صيانة الأنساب: خشية أن يُنسب إليه ولدٌ ليس منه، أو أن يتساهل في حفظ فراشه مستقبلًا لضعف دينه.
* تحقيق الكفاءة: الكفاءة في الدين من أهم شروط الكفاءة في النكاح. والزاني المجلود قد سقطت مروءته وضعف دينه في نظر الشرع والمجتمع، فلا يكون كفئًا للعفيفة.
هل النكاح باطل أم مكروه؟
جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية) على أن هذا النهي للكراهة التنزيهية وليس للتحريم. فلو حصل هذا الزواج (تزوج المجلود عفيفة أو العكس) فإنه صحيح نافذ، ولكنهم يكرهونه كراهة شديدة لما فيه من المفاسد المذكورة.
بينما ذهب بعض العلماء إلى أنه حرام ولكن العقد نفسه صحيح إذا تم.


3. الدروس المستفادة منه:


1- عظم جرم الزنا: حيث أن عقوبته لا تقتصر على الجلد أو الرجم في الدنيا، بل تمتد إلى آثار اجتماعية ونفسية، منها هذا الحرمان من مصاهرة الصالحين.
2- الحكمة من إقامة الحدود: فالحدود الشرعية ليست عقوبة بدنية فقط، بل هي تطهير للفرد والمجتمع، وتضمن له العودة إلى الصلاح، ولكنها تترك أثرًا على السمعة يحفظ به المجتمع من انتشار الفساد.
3- مراعاة الكفاءة في الزواج: على أولياء الأمور أن يحرصوا على تزويج بناتهم لأصحاب الدين والخلق، وأن يتجنبوا من اشتهر بالفسق والفجور، حماية لأبنائهم وعائلاتهم.
4- التوبة تمحو الآثار: إذا تاب الزاني توبة نصوحًا، وظهرت علامات صدق توبته، فإن التوبة تجب ما قبلها، وترفع عنه هذه الوصمة، ويعود مؤهلًا لأن يكون كفئًا للعفيفة، لأن الله يقبل التوبة ويعفو عن السيئات. وهذا هو قول many العلماء.


4. معلومات إضافية:


* مصدر الحديث: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه many أهل العلم كالألباني.
* هل يشمل الحد الذي أقيم سرًا؟ الخلاف بين العلماء، والأظهر أن الحديث يعم كل من ثبت زناه وأُقيم عليه الحد، سواء كان علنًا أو سرًا، لأن الوصف هو "الزاني المجلود".
* هل ينطبق على من تاب؟ كما ذكرنا، التوبة الصادقة تُغيّر الحال، ويرى many الفقهاء أن من تاب تاب الله عليه ولم يعد هذا النهي ينطبق عليه، بل يصبح كفئًا للعفائف.
والله تعالى أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٠٥٢)، وأحمد (٨٣٠٠)، والحاكم (٢/ ١٦٦)، وعنه البيهقي (٧/ ١٥٦) كلهم من حديث عبد الوارث، عن حبيب المعلّم، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، فإنه حسن الحديث.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد».
قال الإمام أحمد: لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليها، وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة، وذلك لقوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ ذكره ابن كثير في تفسيره.
والكلام على ذلك مبسوط في كتاب النكاح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 980 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله

  • 📜 حديث: الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب