حديث: عن عائشة: خرج سهمي مع رسول الله ﷺ في غزوة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١)﴾
على يدها فقمت إليها، فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول.
قالت: فهلك فيّ من هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: أُخبرت أنه كان يشاع، ويتحدث به عنده، فيُقِرُّه، ويستمعه ويستوشيه. وقال عروة أيضا: لم يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين، لا علم لي بهم غير أنهم عصبة، كما قال الله تعالى، وإنّ كبر ذلك يقال له عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: كانت عائشة تكره أن يُسَبّ عندها حسان، وتقول إنه الذي قال:
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول ﷺ اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليّ رسول الله ﷺ، فيسلم، ثم يقول: «كيف تيكم». ثم ينصرف، فذلك يريبني، ولا أشعر بالشّر حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قِبَلَ المناصع، وكان متبرزّنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكُنُف قريبا من بيوتنا، قالت: وأمرنا أمر العرب الأُوَل في البرية قِبَلَ الغائط، وكنّا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، قالت: فانطلقت أنا وأم مسطح - وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب -، فأقبلت أنا وأم مسطح قِبَل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت: أي هنتاه! ولم تسمعي ما قال، قالت: وقلت: ما قال؟ . فأخبرتني بقول أهل الإفك، قالت: فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل عليّ رسول الله ﷺ، فسلّم، ثم قال: «كيف تيكم». فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبويّ، قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قِبَلِهما. قالت: فأذن لي رسول الله ﷺ، فقلت لأمي: يا أمتاه! ماذا يتحدث الناس؟ . قالت: يا بنية! هوِّني عليك، فوالله، لقلّما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها، قالت: فقلت: سبحان الله! أوَلقد تحدّث الناس بهذا. قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت، لا
يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي.
قالت: ودعا رسول الله ﷺ عليّ بن أبي طالب، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يسألهما، ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة، فأشار على رسول الله ﷺ بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك ولا نعلم إلا خيرا. وأمّا عليٌّ، فقال: يا رسول الله! لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدّقك. قالت: فدعا رسول الله ﷺ بريرة، فقال: أي بريرة! «هل رأيت من شيء يريبك؟». قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرا قط أَغمِصه، غير أنها جارية، حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن، فتأكله.
قالت: فقام رسول الله ﷺ من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبي وهو على المنبر، فقال: «يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما يدخل على أهلي إلا معي»، قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل، فقال: أنا، يا رسول الله! أعذرك، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا، ففعلنا أمرك. قالت: فقام رجل من الخزرج (وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه) وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج. قالت: وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبتَ لعمرُ الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل، فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد -، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت: فثار الحيان: الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله ﷺ قائم على المنبر، قالت: فلم يزل رسول الله ﷺ يخفضهم حتى سكتوا، وسكت، قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، قالت: وأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوما لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله ﷺ علينا، فسلّم، ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله ﷺ
حين جلس، ثم قال: «أما بعد؛ يا عائشة! إنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف، ثم تاب تاب الله عليه». قالت: فلما قضى رسول الله ﷺ مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله ﷺ عنّي فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ﷺ، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله ﷺ فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ﷺ، فقلت - وأنا جارية، حديثة السن، لا أقرأ من القرآن كثيرا -، إني والله! لقد علمتُ لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة لا تصدّقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدّقنِّي، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال: ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [سورة يوسف: ١٨]، ثم تحولت، واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يُتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله ﷺ في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله ﷺ مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أُنزِل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان وهو في يوم شات، من ثقل القول الذي أنزل عليه. قالت: فسُرِّي عن رسول الله ﷺ وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: «يا عائشة! أما الله، فقد برّأك». قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل. قالت: وأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ العشر الآيات. ثم أنزل الله هذا في براءتي. قال أبو بكر الصديق - وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره -: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ﴾ - إلى قوله - ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [سورة النور: ٢٢] قال أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه. وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
قالت عائشة: وكان رسول الله ﷺ سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب: «ماذا علمت أو رأيت؟» فقالت: يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت
إلا خيرا. قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي ﷺ، فعصمها الله بالورع، قالت: وطفقت أختها حمنة تحارب لها، فهلكت فيمن هلك.
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط.
ثم قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله! فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط. قالت: ثم قُتِل بعد ذلك في سبيل الله.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤١٤١)، ومسلم في التوبة (٢٧٧٠) كلاهما من طرق عن الزهري، قال: حدثني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: فذكرت الحديث.
![عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه، فأيُّهن خرج سهمها، خرج بها رسول الله ﷺ معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله ﷺ بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أُحمَل في هودجي، وأُنزَل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله ﷺ من غزوته تلك، وقفل، دنونا من المدينة قافلين، آذدن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيتُ حتى جاوزتُ الجيش. فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلوني، فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن، ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خِفة الهودج حين رفعوه، وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل، فساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم، وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيمّمت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني، فيرجعودن إليّ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني، فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ
على يدها فقمت إليها، فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول.
قالت: فهلك فيّ من هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: أُخبرت أنه كان يشاع، ويتحدث به عنده، فيُقِرُّه، ويستمعه ويستوشيه. وقال عروة أيضا: لم يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين، لا علم لي بهم غير أنهم عصبة، كما قال الله تعالى، وإنّ كبر ذلك يقال له عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: كانت عائشة تكره أن يُسَبّ عندها حسان، وتقول إنه الذي قال:
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول ﷺ اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليّ رسول الله ﷺ، فيسلم، ثم يقول: «كيف تيكم». ثم ينصرف، فذلك يريبني، ولا أشعر بالشّر حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قِبَلَ المناصع، وكان متبرزّنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكُنُف قريبا من بيوتنا، قالت: وأمرنا أمر العرب الأُوَل في البرية قِبَلَ الغائط، وكنّا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، قالت: فانطلقت أنا وأم مسطح - وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب -، فأقبلت أنا وأم مسطح قِبَل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت: أي هنتاه! ولم تسمعي ما قال، قالت: وقلت: ما قال؟ . فأخبرتني بقول أهل الإفك، قالت: فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل عليّ رسول الله ﷺ، فسلّم، ثم قال: «كيف تيكم». فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبويّ، قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قِبَلِهما. قالت: فأذن لي رسول الله ﷺ، فقلت لأمي: يا أمتاه! ماذا يتحدث الناس؟ . قالت: يا بنية! هوِّني عليك، فوالله، لقلّما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها، قالت: فقلت: سبحان الله! أوَلقد تحدّث الناس بهذا. قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت، لا
يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي.
قالت: ودعا رسول الله ﷺ عليّ بن أبي طالب، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يسألهما، ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة، فأشار على رسول الله ﷺ بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك ولا نعلم إلا خيرا. وأمّا عليٌّ، فقال: يا رسول الله! لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدّقك. قالت: فدعا رسول الله ﷺ بريرة، فقال: أي بريرة! «هل رأيت من شيء يريبك؟». قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرا قط أَغمِصه، غير أنها جارية، حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن، فتأكله.
قالت: فقام رسول الله ﷺ من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبي وهو على المنبر، فقال: «يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما يدخل على أهلي إلا معي»، قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل، فقال: أنا، يا رسول الله! أعذرك، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا، ففعلنا أمرك. قالت: فقام رجل من الخزرج (وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه) وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج. قالت: وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبتَ لعمرُ الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل، فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد -، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت: فثار الحيان: الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله ﷺ قائم على المنبر، قالت: فلم يزل رسول الله ﷺ يخفضهم حتى سكتوا، وسكت، قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، قالت: وأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوما لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله ﷺ علينا، فسلّم، ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله ﷺ
حين جلس، ثم قال: «أما بعد؛ يا عائشة! إنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف، ثم تاب تاب الله عليه». قالت: فلما قضى رسول الله ﷺ مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله ﷺ عنّي فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ﷺ، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله ﷺ فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ﷺ، فقلت - وأنا جارية، حديثة السن، لا أقرأ من القرآن كثيرا -، إني والله! لقد علمتُ لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة لا تصدّقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدّقنِّي، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال: ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [سورة يوسف: ١٨]، ثم تحولت، واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يُتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله ﷺ في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله ﷺ مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أُنزِل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان وهو في يوم شات، من ثقل القول الذي أنزل عليه. قالت: فسُرِّي عن رسول الله ﷺ وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: «يا عائشة! أما الله، فقد برّأك». قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله ﷿. قالت: وأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ العشر الآيات. ثم أنزل الله هذا في براءتي. قال أبو بكر الصديق - وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره -: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ﴾ - إلى قوله - ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [سورة النور: ٢٢] قال أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه. وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
قالت عائشة: وكان رسول الله ﷺ سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب: «ماذا علمت أو رأيت؟» فقالت: يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت
إلا خيرا. قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي ﷺ، فعصمها الله بالورع، قالت: وطفقت أختها حمنة تحارب لها، فهلكت فيمن هلك.
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط.
ثم قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله! فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط. قالت: ثم قُتِل بعد ذلك في سبيل الله. عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه، فأيُّهن خرج سهمها، خرج بها رسول الله ﷺ معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله ﷺ بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أُحمَل في هودجي، وأُنزَل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله ﷺ من غزوته تلك، وقفل، دنونا من المدينة قافلين، آذدن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيتُ حتى جاوزتُ الجيش. فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلوني، فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن، ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خِفة الهودج حين رفعوه، وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل، فساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم، وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيمّمت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني، فيرجعودن إليّ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني، فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما تكلمنا بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ
على يدها فقمت إليها، فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول.
قالت: فهلك فيّ من هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: أُخبرت أنه كان يشاع، ويتحدث به عنده، فيُقِرُّه، ويستمعه ويستوشيه. وقال عروة أيضا: لم يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين، لا علم لي بهم غير أنهم عصبة، كما قال الله تعالى، وإنّ كبر ذلك يقال له عبد الله بن أبي ابن سلول. قال عروة: كانت عائشة تكره أن يُسَبّ عندها حسان، وتقول إنه الذي قال:
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول ﷺ اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليّ رسول الله ﷺ، فيسلم، ثم يقول: «كيف تيكم». ثم ينصرف، فذلك يريبني، ولا أشعر بالشّر حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مسطح قِبَلَ المناصع، وكان متبرزّنا، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكُنُف قريبا من بيوتنا، قالت: وأمرنا أمر العرب الأُوَل في البرية قِبَلَ الغائط، وكنّا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، قالت: فانطلقت أنا وأم مسطح - وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب -، فأقبلت أنا وأم مسطح قِبَل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت: أي هنتاه! ولم تسمعي ما قال، قالت: وقلت: ما قال؟ . فأخبرتني بقول أهل الإفك، قالت: فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل عليّ رسول الله ﷺ، فسلّم، ثم قال: «كيف تيكم». فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبويّ، قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قِبَلِهما. قالت: فأذن لي رسول الله ﷺ، فقلت لأمي: يا أمتاه! ماذا يتحدث الناس؟ . قالت: يا بنية! هوِّني عليك، فوالله، لقلّما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها، قالت: فقلت: سبحان الله! أوَلقد تحدّث الناس بهذا. قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت، لا
يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي.
قالت: ودعا رسول الله ﷺ عليّ بن أبي طالب، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يسألهما، ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة، فأشار على رسول الله ﷺ بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك ولا نعلم إلا خيرا. وأمّا عليٌّ، فقال: يا رسول الله! لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدّقك. قالت: فدعا رسول الله ﷺ بريرة، فقال: أي بريرة! «هل رأيت من شيء يريبك؟». قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، ما رأيت عليها أمرا قط أَغمِصه، غير أنها جارية، حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن، فتأكله.
قالت: فقام رسول الله ﷺ من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبي وهو على المنبر، فقال: «يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما يدخل على أهلي إلا معي»، قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل، فقال: أنا، يا رسول الله! أعذرك، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا، ففعلنا أمرك. قالت: فقام رجل من الخزرج (وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه) وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج. قالت: وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبتَ لعمرُ الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل، فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد -، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت: فثار الحيان: الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله ﷺ قائم على المنبر، قالت: فلم يزل رسول الله ﷺ يخفضهم حتى سكتوا، وسكت، قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، قالت: وأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوما لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله ﷺ علينا، فسلّم، ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله ﷺ
حين جلس، ثم قال: «أما بعد؛ يا عائشة! إنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف، ثم تاب تاب الله عليه». قالت: فلما قضى رسول الله ﷺ مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله ﷺ عنّي فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ﷺ، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله ﷺ فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله ﷺ، فقلت - وأنا جارية، حديثة السن، لا أقرأ من القرآن كثيرا -، إني والله! لقد علمتُ لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة لا تصدّقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدّقنِّي، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال: ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [سورة يوسف: ١٨]، ثم تحولت، واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يُتلى، لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله ﷺ في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله ﷺ مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أُنزِل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان وهو في يوم شات، من ثقل القول الذي أنزل عليه. قالت: فسُرِّي عن رسول الله ﷺ وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: «يا عائشة! أما الله، فقد برّأك». قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله ﷿. قالت: وأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ العشر الآيات. ثم أنزل الله هذا في براءتي. قال أبو بكر الصديق - وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره -: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ﴾ - إلى قوله - ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [سورة النور: ٢٢] قال أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه. وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
قالت عائشة: وكان رسول الله ﷺ سأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال لزينب: «ماذا علمت أو رأيت؟» فقالت: يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت
إلا خيرا. قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي ﷺ، فعصمها الله بالورع، قالت: وطفقت أختها حمنة تحارب لها، فهلكت فيمن هلك.
قال ابن شهاب: فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرهط.
ثم قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول: سبحان الله! فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط. قالت: ثم قُتِل بعد ذلك في سبيل الله.](img/Hadith/hadith_12835.png)
شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإن حديث عائشة رضي الله عنها الذي سألت عنه هو حديث عظيم، يروي قصة الإفك التي تعرضت لها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد جاء في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من كتب الحديث المعتمدة. وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بما يليق بمقامه، مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.
أولًا:
شرح المفردات:● أقرع بين أزواجه: أي أجرى القرعة بينهن.
● هودجي: محفة صغيرة تُحمل على البعير.
● خفافا لم يهبلن: أي نحيفات لم يَكْثُر لحمهن.
● العلقة: القليل من الطعام.
● استرجاعه: قوله "إنا لله وإنا إليه راجعون".
● يُقِرُّه: يصدقه ويسمعه.
● يستوشيه: يستخبره ويستقصيه.
● تيممت: قصدت.
● موغرين: في وقت الهاجرة وشدة الحر.
● البرحاء: شدة الكرب والغم.
● الجمان: اللؤلؤ.
ثانيًا. شرح الحديث:
يبدأ الحديث ببيان أن النبي ﷺ كان إذا أراد السفر أقرع بين زوجاته، فمن خرج سهمها صحبته، وفي هذه المرة خرج سهم عائشة فخرجت معه. وفي طريق العودة من الغزوة، تأخرت عن الركب بسبب انقطاع عقدها، فظن القوم أنها في هودجها فحملوه وهم لا يشعرون بخلوه. ثم جاء صفوان بن المعطل فرآها، فعرفها، فحملها على راحلته حتى أدركا الجيش.
ثم بدأت فتنة الإفك، حيث أشاع المنافقون - وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول - القول الفاحش في حق أم المؤمنين. وتولى كبر هذه الفرية عبد الله بن أبي، وشاركه في ذلك آخرون. وبلغ الأمر النبي ﷺ، فحزن وشق عليه، واستشار أصحابه، ثم انتظر الوحي.
وبعد أيام من المعاناة والشدة، نزل الوحي ببراءة عائشة رضي الله عنها في آيات من سورة النور، ففرح النبي ﷺ والمسلمون، وظهرت براءة أم المؤمنين وطهارتها.
ثالثًا. الدروس المستفادة:
1- عدل النبي ﷺ وتيسيره على أزواجه: حيث كان يقرع بينهن في السفر حتى لا يفضُل أحداهن على الأخرى.
2- عظمة أخلاق أم المؤمنين عائشة: حيث صبرت على هذه الفتنة العظيمة، وثبتت على الحق، واعتمدت على الله تعالى.
3- خطورة القذف والغيبة: وأنهما من كبائر الذنوب،尤其 إذا تعلقت بأعراض المسلمين.
4- فضل التثبت في الأخبار: وعدم التسرع في الحكم، كما فعل النبي ﷺ حيث انتظر الوحي.
5- قوة إيمان الصحابة: حيث غاروا لأعراض المسلمين، وكادت تحدث فتنة بين الأوس والخزرج دفاعًا عن العرض.
6- عناية الله تعالى بأهل بيته: حيث نزل الوحي ببراءة أم المؤمنين، وطهّرها من فوق سبع سماوات.
7- فضل الصدق والورع: كما ظهر في موقف زينب بنت جحش رضي الله عنها، حيث شهدت بالخير رغم أن كونها من ضرائر عائشة.
رابعًا. معلومات إضافية:
- نزلت في هذه القصة آيات من سورة النور (من الآية 11 إلى الآية 20).
- كان من نتائج هذه الحادثة تشديد العقوبة على قذف المحصنات، حيث أنزل الله حد القذف.
- تاب الله على من تاب من المشاركين في الإفك، كما فعل أبو بكر الصديق مع مسطح بعد أن نزلت الآية تأمر بالعفو والصفح.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 986 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 961 استشار النبي أبا بكر وعمر في الأسارى
- 962 من أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخراء بأنفه
- 963 إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما
- 964 بين النفختين أربعون ويبلي كل شيء إلا عجب الذنب
- 965 ائتدموا بالزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة
- 966 الله طيب لا يقبل إلا طيبا ومطعمه حرام فأنى يستجاب...
- 967 أكلنا العلهز يعني الوبر والدم
- 968 قال الله: ليس أول الخلق بأهون علي من إعادته
- 969 أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين
- 970 أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم
- 971 اللهم إني أعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا
- 972 يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم...
- 973 أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة إني لا أملك لكم...
- 974 العمل الصالح هو الفيصل يوم القيامة
- 975 قراءة سورة المؤمنون على المريض تبرئه
- 976 أمرنا رسول الله ﷺ أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا: أفحسبتم...
- 977 القضاء بكتاب الله في حد الزنا والرجم
- 978 مرثد يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة ويسأل عن نكاح...
- 979 الزاني لا ينكح إلا زانية
- 980 الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله
- 981 رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه
- 982 البيّنة أو حد في ظهرك
- 983 الرجل ينفي الولد من امرأته فيأمرهما النبي ﷺ بالملاعنة.
- 984 لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف
- 985 لو وجدت مع أهلي رجلا لم أمسه حتى آتي بأربعة...
- 986 عن عائشة: خرج سهمي مع رسول الله ﷺ في غزوة
- 987 عذري نزل النبي على المنبر وتلا القرآن
- 988 أنزل الله عذر عائشة في حادثة الإفك
- 989 قالت عائشة: وددت أني كنت نسيا منسيا
- 990 حسان بن ثابت ينشد عائشة شعرا ويشبب بأبيات له
- 991 هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
- 992 عائشة: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ﴾ قالت: عبد الله بن أبي ابن...
- 993 إذ تلقونه بألسنتكم واللق الكذب
- 994 العبد ليتكلم بالكلمة يهوي بها في النار أبعد ما بين...
- 995 ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم
- 996 لا يأتل أولو الفضل منكم أن يؤتوا
- 997 كفارة اليمين لمن رأى خيرا من حلفه
- 998 رميت بما رميت به وأنا غافلة
- 999 كنا عند رسول الله ﷺ، فضحك، فقال: هل تدرون مم...
- 1000 فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله
- 1001 الرجوع عند عدم الاذن بعد الاستئذان ثلاثا
- 1002 من ذا فقلت أنا فقال أنا أنا
- 1003 كان رسول الله ﷺ إذا أتى باب قوم لم يستقبل...
- 1004 سألت رسول الله ﷺ عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف...
- 1005 لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة
- 1006 إعطاء الطريق حقها: غض البصر وكف الأذى ورد السلام
- 1007 العينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام
- 1008 من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن...
- 1009 الله أحق أن يستحيا منه من الناس
- 1010 احتجبا منه ألستما تبصرانه
معلومات عن حديث: عن عائشة: خرج سهمي مع رسول الله ﷺ في غزوة
📜 حديث: عن عائشة: خرج سهمي مع رسول الله ﷺ في غزوة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عن عائشة: خرج سهمي مع رسول الله ﷺ في غزوة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عن عائشة: خرج سهمي مع رسول الله ﷺ في غزوة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عن عائشة: خرج سهمي مع رسول الله ﷺ في غزوة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








