حديث: من يكرمه الله؟
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)﴾
صحيح: رواه البخاريّ في الجنائز (١٢٤٣) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أنّ أم العلاء فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم فيه موعظة بليغة، ورد عن الصحابية الجليلة أم العلاء الأنصارية رضي الله عنها، وهو في الصحيحين. وإليك الشرح المفصل:
أولاً. شرح المفردات:
● بايَعَتِ النَّبيَّ ﷺ: نَصَرَتْه ووافقت على السمع والطاعة.
● اقتُسِمَ المهاجرون قُرعةً: تم توزيع المهاجرين على بيوت الأنصار بطريقة القُرعة (أي بالاستهام) لينزل كل مهاجر عند أنصاري.
● فطَارَ لَنَا عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ: وقعت القرعة لنا بأن ينزل عندنا عثمان بن مظعون رضي الله عنه.
● وَجَعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: مرض مرضه الذي مات فيه.
● غُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ: تم تغسيله وتكفينه.
● رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ: دعاء له بالرحمة، وكنيته أبو السائب.
● أَكْرَمَكَ اللهُ: أعطاك الكرامة وأعلى منزلتك.
● جَاءَهُ الْيَقِينُ: حانت وفاته وحضرته الملائكة لقبض روحه.
● لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ: لا أقطع لأحد بالجنة أو أشهد له بكمال الإكرام من الله.
ثانياً. شرح الحديث:
تخبرنا الصحابية أم العلاء رضي الله عنها أن المهاجرين عند وصولهم إلى المدينة تم توزيعهم على بيوت الأنصار، فوقعت القرعة بأن ينزل عثمان بن مظعون رضي الله عنه (وهو من السابقين الأولين ومن أهل التقوى والصلاح) في بيتها. ثم مرض عثمان مرض الموت وتوفي، فلما دخل النبي ﷺ عليه بعد تكفينه، قالت أم العلاء كلمة تثني بها عليه وتدعو له: "رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله"، أي أنها شهدت له بأن الله قد أكرمه بقبض روحه على الإيمان وحسن الخاتمة.
فنبهها النبي ﷺ تربية وتعليماً بقوله: «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ؟»، أي كيف تعلمين وعلمتِ ذلك؟ فإن أمر القلوب والبواطن لا يعلمه إلا الله. فلما استفهمت منه بأدب: "فمن يكرمه الله؟"، أجابها ﷺ بتوضيح عظيم فقال: «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللهِ مَا يُفْعَلُ بِي».
ففي هذا الجواب جمع النبي ﷺ بين:
1- الإخبار بحقيقة الموت: وهو مجيء اليقين.
2- الترجي والخوف للعبد: فلم يقطع له بالجنة، بل عبر بالرجاء له بالخير، مع أنه من خيار الصحابة.
3- التواضع لله والخوف منه: حتى النبي ﷺ وهو رسول الله لا يدري ما يفعل به، أي لا يعلم حقيقة ما يختم له به حتى يلقى الله، مع أنه موعود بالجنة والشفاعة، لكن هذا من كمال خوفه وعبوديته لربه.
ففهمت أم العلاء الدرس، وعلمت أن الشهادة للشخص بالجنة أو بالإكرام التام ليست من شأن البشر، فقالت: "فَوَاللهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا"، أي لا أشهد لأحد بعد ذلك بالجنة أو أكرمه الله، لأن هذا العلم غيبي.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- عدم الشهادة لأحد معين بالجنة إلا من شهد له النبي ﷺ: كالعشرة المبشرين بالجنة وغيرهم ممن وردت فيهم نصوص صحيحة.
2- الخوف من سوء الخاتمة وعدم الإعجاب بالعمل: حتى الإنسان الصالح لا يأمن مكر الله، ويجب أن يخاف ويرجو.
3- تواضع النبي ﷺ وخوفه من الله: وهو سيد الخلق وأكرمهم على الله، فكيف بغيره؟
4- التعليم بالأسلوب الحكيم: حيث نبهها النبي ﷺ بسؤال استفهامي ليعلمها هي وغيرها.
5- الرجاء للصالحين والاستغفار لهم: كما قال النبي ﷺ: "إني لأرجو له الخير".
6- حسن الظن بالمسلمين والدعاء لهم: كما قالت أم العلاء: "رحمة الله عليك".
رابعاً. معلومات إضافية:
- عثمان بن مظعون رضي الله عنه هو أول من مات من المهاجرين في المدينة، وكان من السابقين الأولين.
- هذا الحديث أصل في باب "الخوف والرجاء" وأن المسلم يجمع بينهما.
- فيه رد على من يتساهل في الشهادة لأشخاص معينين بالجنة أو يقطع لهم بذلك دون دليل صحيح.
أسأل الله أن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن يتوفانا وهو راض عنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وعثمان بن مظعون توفي بعد شهوده بدرًا في السنة الثانية من الهجرة، وهو أول من مات من
المهاجرين بالمدينة، وأوّل من دُفن بالبقيع.
وقوله: «والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي». قال الحافظ في الفتح (٣/ ١١٥، ١١٦): «وإنّما قال رسول الله ﷺ ذلك موافقة لقوله تعالى في سورة الأحقاف ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾ [الأحقاف: ٩]، وكان ذلك قبل نزول قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] لأنّ الأحقاف مكية، وسورة الفتح مدنية بلا خلاف فيهما، وقد ثبت أنه ﷺ قال: «أوّل من يدخل الجنة«وغير ذلك من الأخبار الصّريحة في معناه» اهـ.
قال الأعظمي: ولعله قال ذلك تواضعا منه ﷺ لله تعالى، وهناك أقوال أخرى راجع نواسخ القرآن لابن الجوزي وغيره.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1393 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 1368 لم يكن النبي ﷺ سبابا ولا فحاشا ولا لعانا
- 1369 إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثًا
- 1370 إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها في الدنيا...
- 1371 أما ترضى أن تكون لهم في الدُّنيا ولنا في الآخرة؟
- 1372 لا تشربوا في إناء الذهب والفضة ولا تلبسوا الديباج والحرير
- 1373 الدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها
- 1374 ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل
- 1375 ما يصدون قومك من مثل ابن مريم
- 1376 «أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل»
- 1377 منزلك في الجنة ومنزلك في النار
- 1378 النبي يقرأ على المنبر نداء أهل النار لمالك
- 1379 تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان
- 1380 أن قريشا لما استعصت على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين...
- 1381 خمس قد مضين: اللزام والروم والبطشة والقمر والدخان.
- 1382 إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وصار أهل النار إلى...
- 1383 ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا
- 1384 أهل الجنة لا ينامون لأن النوم أخو الموت
- 1385 كان الرجل من العرب يعبد الحجر، فإذا وجد أحسن منه...
- 1386 ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل...
- 1387 يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره
- 1388 لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر
- 1389 تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين
- 1390 فإني أنساك كما نسيتني
- 1391 العز إزاره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذبته
- 1392 الخط أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ
- 1393 من يكرمه الله؟
- 1394 يا معشر اليهود أروني عشرة رجال يشهدون أن لا إله...
- 1395 من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام
- 1396 الذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني
- 1397 ما يؤمني أن يكون فيه عذاب
- 1398 عنوان الحديث: النبي ﷺ إذا عصفت الريح كان يقول اللهم...
- 1399 حملت عجوزًا ولا أشعر أنها خصمي
- 1400 استماع الجن للقرآن وأنصاتهم له
- 1401 ما قرأ رسول الله على الجن وما رآهم
- 1402 كان ابن مسعود شهد مع رسول الله ﷺ ليلة الجن؟
- 1403 ابغني أحجارا أستنفض بها، ولا تأتني بعظم ولا بروثة
- 1404 أعجب ما جاءتك به جنيتك
- 1405 الشهيد: يرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن...
- 1406 ست خصال يمنحها الله للشهيد عند استشهاده
- 1407 الشهيد يغفر له كل ذنب الا الدين
- 1408 المؤمنون يُحبسون على قنطرة بين الجنة والنار
- 1409 لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا
- 1410 الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد
- 1411 يأكل المسلم في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء
- 1412 المؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء
- 1413 المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء
- 1414 أكل المومن معتدل
- 1415 المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء
- 1416 الكافر يأكل في سبعة أمعاء
- 1417 المؤمن يأكل في مِعًى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء
معلومات عن حديث: من يكرمه الله؟
📜 حديث: من يكرمه الله؟
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من يكرمه الله؟
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من يكرمه الله؟
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من يكرمه الله؟
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








