حديث: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ

عَن الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ - يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ الآخر - قَالَ: خرج رسول الله ﷺ زمن الحديبية، فذكرا الحديث، وفيه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابا، فدعا النبي ﷺ الكاتب، فقال النبي ﷺ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». فقال سهيل: أما الرحمن فوالله! ما أدري ما هي؟، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله! لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبي ﷺ: «اكتب باسمك اللهم». ثم قال: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله». فقال سهيل: والله! لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي ﷺ: «والله! إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله». قال الزهري: وذلك لقوله: «لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها». فقال له النبي ﷺ: «على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به». فقال سهيل: والله! لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما، فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد! أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي ﷺ: «إنا لم نقض الكتاب بعد». قال: فوالله! إذا لم أصالحك على شيء أبدا، قال النبي ﷺ: «فأجزه لي». قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: «بلى فافعل». قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله. قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله ﷺ فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: «بلى». قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: «بلى». قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: «إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري». قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟». قال: قلت: لا،
قال: «فإنك آتيه ومطوف به». قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقا؟، قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل! إنه لرسول الله ﷺ، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله! إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله ﷺ لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا». قال: فوالله! ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يانبي الله! أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل غما، ثم جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ حتى بلغ ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ فطلق عمر يومئذ امرأتين، كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي ﷺ إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله! إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله! إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله ﷺ حين رآه: «لقد رأى هذا ذعرا». فلما انتهى إلى النبي ﷺ قال: قتل والله! صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير: فقال: يا نبي الله! قد والله! أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم نجاني الله منهم، قال النبي ﷺ: «ويل أمه، مسعر حرب، لو كان له أحد». فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله! ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى
الشأم إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي ﷺ تناشده بالله والرحم: لما أرسل: فمن آتاه فهو آمن، فأرسل النبي ﷺ إليهم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ حتى بلغ ﴿الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [الفتح: ٢٤ - ٢٦]. وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت.
وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ: فأخبرتني عَائِشَةُ، أن رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ، وَبَلَغَنَا انَّهُ لَمَّا انْزَلَ اللهُ تَعَالَى أن يَرُدُّوا إلى الْمُشْرِكِينَ مَا أنفقوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أزواجهم، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، انْ لَا يُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، أن عُمَرَ طَلَّقَ امرأتين قَرِيبَةَ بِنْتَ أبي أمية، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأخرى أبو جَهْم، فَلَمَّا أبى الْكُفَّارُ أن يُقِرُّوا بأداء مَا انْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أزواجهم، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ﴾ [الممتحنة: ١١] وَالْعَقبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إلى مَنْ هَاجَرَتِ امرأته مِنَ الْكُفَّارِ، فأمر أن يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أحدا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إيمانها ... الحديث.

صحيح: رواه البخاري في الشروط (٢٧٣١، ٢٧٣٣، ٢٧٣٢) عن عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، قال: أخبرني الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان - يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه - قالا: فذكراه في حديث طويل.

عَن الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ - يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ الآخر - قَالَ: خرج رسول الله ﷺ زمن الحديبية، فذكرا الحديث، وفيه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابا، فدعا النبي ﷺ الكاتب، فقال النبي ﷺ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». فقال سهيل: أما الرحمن فوالله! ما أدري ما هي؟، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله! لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبي ﷺ: «اكتب باسمك اللهم». ثم قال: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله». فقال سهيل: والله! لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي ﷺ: «والله! إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله». قال الزهري: وذلك لقوله: «لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها». فقال له النبي ﷺ: «على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به». فقال سهيل: والله! لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما، فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد! أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي ﷺ: «إنا لم نقض الكتاب بعد». قال: فوالله! إذا لم أصالحك على شيء أبدا، قال النبي ﷺ: «فأجزه لي». قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: «بلى فافعل». قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله. قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله ﷺ فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: «بلى». قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: «بلى». قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: «إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري». قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟». قال: قلت: لا،
قال: «فإنك آتيه ومطوف به». قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقا؟، قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل! إنه لرسول الله ﷺ، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله! إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله ﷺ لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا». قال: فوالله! ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يانبي الله! أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل غما، ثم جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ حتى بلغ ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ فطلق عمر يومئذ امرأتين، كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي ﷺ إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله! إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله! إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله ﷺ حين رآه: «لقد رأى هذا ذعرا». فلما انتهى إلى النبي ﷺ قال: قتل والله! صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير: فقال: يا نبي الله! قد والله! أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم نجاني الله منهم، قال النبي ﷺ: «ويل أمه، مسعر حرب، لو كان له أحد». فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله! ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى
الشأم إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي ﷺ تناشده بالله والرحم: لما أرسل: فمن آتاه فهو آمن، فأرسل النبي ﷺ إليهم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ حتى بلغ ﴿الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [الفتح: ٢٤ - ٢٦]. وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت.
وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ: فأخبرتني عَائِشَةُ، أن رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ، وَبَلَغَنَا انَّهُ لَمَّا انْزَلَ اللهُ تَعَالَى أن يَرُدُّوا إلى الْمُشْرِكِينَ مَا أنفقوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أزواجهم، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، انْ لَا يُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، أن عُمَرَ طَلَّقَ امرأتين قَرِيبَةَ بِنْتَ أبي أمية، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأخرى أبو جَهْم، فَلَمَّا أبى الْكُفَّارُ أن يُقِرُّوا بأداء مَا انْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أزواجهم، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ﴾ [الممتحنة: ١١] وَالْعَقبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إلى مَنْ هَاجَرَتِ امرأته مِنَ الْكُفَّارِ، فأمر أن يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أحدا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إيمانها ... الحديث.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث صلح الحديبية من الأحاديث العظيمة التي تحوي دروساً جليلة في السيرة النبوية، وسأشرحه لكم جزءاً جزءاً مع بيان الدروس المستفادة منه.

أولاً. شرح المفردات:


● يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ الآخَر: أي أن كلاً من المسور بن مخرمة ومروان يروي الحديث ويؤكد رواية الآخر.
● يَرْسِفُ فِي قُيُودِهِ: أي يمشي متثاقلاً بسبب القيود التي في رجليه.
● الدَّنِيَّة: унижение أو إذلال.
● اسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ: تمسك بأمره واثبت على طاعته، والغرز: الحبل الذي يشد به البعير.
● مِسْعَر حَرْب: أي مُوقِد للحرب ومثير لها.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا هذا الحديث عن قصة صلح الحديبية الذي وقع في السنة السادسة للهجرة، حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى مكة لأداء العمرة، فمنعتهم قريش ودخلوا في مفاوضات انتهت بصلح الحديبية.
أهم نقاط الصلح:
1- رفض كتابة "بسم الله الرحمن الرحيم": عندما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب أن يبدأ الكتابة بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، اعترض سهيل بن عمرو وقال: "أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب: باسمك اللهم"، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
2- رفض كتابة "محمد رسول الله": عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله"، اعترض سهيل قائلاً: "لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله"، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أيضاً.
3- شرط إرجاع من يأتي مسلماً من قريش: اشترطت قريش أن يرد النبي صلى الله عليه وسلم أي شخص يأتيه من قريش حتى لو كان مسلماً، بينما لا يردون من يذهب إليهم من المسلمين.
4- قصة أبي جندل: جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو مسلماً وهو في قيوده، فطلب أبوه أن يرده وفقاً للصلح، فامتعض المسلمون من ذلك، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أوفى بالعهد.
5- استياء الصحابة وموقف عمر: استشاط عمر بن الخطاب غضباً واستاء من هذه الشروط التي رأها унизиانية، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم إلى أبي بكر يسألهما، فطمأنه كل منهما بأن هذا هو أمر الله ورسوله.
6- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنحر والحلق: عندما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالنحر والحلق تأخروا في الاستجابة، فدخل على أم سلمة فأشارت عليه أن يبدأ هو بنفسه، فلما رأوه فعل ذلك، قاموا ينحرون ويحلقون.
7- نتيجة الصلح: بعد الصلح، أسلم أبو بصير وفر من قريش، واجتمعت حوله مجموعة من المسلمين، فكانوا يعترضون قوافل قريش، مما اضطر قريش إلى طلب إلغاء شرط رد المسلمين منهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- وجوب الوفاء بالعهود: كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في الوفاء بالعهد حتى مع المخالفين.
2- الحكمة والمرونة في التفاوض: قبل النبي صلى الله عليه وسلم التعديل في صيغة الكتابة مراعاةً للموقف وحرصاً على تحقيق المصالح العليا.
3- الصبر على الشدائد: تحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه استياءهم من شروط الصلح القاسية طاعة لله ورسوله.
4- حسن الظن بالله ورسوله: موقف أبي بكر الصديق حين طمأن عمر بأن النبي صلى الله عليه وسلم على حق، وأنه لا يعصي ربه.
5- القدوة الحسنة: عندما تأخر الصحابة عن التنحير والحلق، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه فاقتدوا به.
6- أن الله ينصر دينه حتى من حيث لا نحتسب: بعد الصلح، تحولت الشروط التي بدت صعبة إلى نصر للمسلمين، حيث ألغي شرط رد المسلمين، وانتشر الإسلام.

رابعاً. معلومات إضافية:


- يعتبر صلح الحديبية نصراً مبيناً للمسلمين، حيث قال الله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} [الفتح: 1].
- كان هذا الصلح تمهيداً لفتح مكة فيما بعد.
- من الدروس أن المؤمن قد يرى الأمر شراً وهو فيه خير كبير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الشروط (٢٧٣١، ٢٧٣٣، ٢٧٣٢) عن عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، قال: أخبرني الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان - يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه - قالا: فذكراه في حديث طويل.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1662 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي

  • 📜 حديث: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب