حديث: النبي ﷺ يقول: "اصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة"
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)﴾
صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (٣٧٩٤) عن عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3790) ومسلم (رقم 1062) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو يحمل معاني سامية في الأخوة والعدل والإيثار.
أولاً. شرح المفردات:
● يُقْطِعَ لهم البحرين: أي يمنحهم أرض البحرين (وهي منطقة واسعة غنية بالخيرات والمعادن في شرق الجزيرة العربية) قَطْعِيَّةً، أي تمليكاً تاماً يخصصهم به دون غيرهم.
● إخواننا من المهاجرين: يقصدون إخوانهم المهاجرين الذين تركوا أموالهم وديارهم في مكة وهاجروا إلى الله ورسوله.
● أثرة: الأثرة هي الاستئثار، أي أن يُؤْثَر شخص على آخر بحقه، فيُعطى من لا يستحق ويُحرم من يستحق. وهي من الظلم.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فتحت البحرين وأصبحت غنائمها تحت سلطة الدولة الإسلامية، أراد أن يكافئ الأنصار – وهم أهل المدينة الذين ناصروا الرسول واستضافوه – على إحسانهم وصبرهم، فدعاهم ليمنحهم أرض البحرين تمليكاً خاصاً لهم وحدهم تكريماً لهم.
فكان رد الأنصار رضي الله عنهم عظيماً يدل على كمال إيمانهم وأخوتهم، فقالوا: "لا، إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها". أي أنهم رفضوا أن ينالوا هذا العطاء وحدهم، واشترطوا أن يُعطى إخوانهم المهاجرين نفس العطاء، مساواةً وعدلاً، ورفضوا أن يتميزوا عنهم بشيء.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الموقف النبيل من الإيثار والترفع عن الأنانية، قال لهم كلمته التي تحمل بشارة وتحذيراً في آن واحد: "إما لا فاصبروا حتى تلقوني، فإنه سيصيبكم بعدي أثرة".
ومعنى كلامه صلى الله عليه وسلم: إذا كنتم ترفضون هذا العطاء الخاص الآن وتفضلون المساواة، فاصبروا على ما سيحدث لكم في المستقبل. فستأتِي عليكم أيامٌ بعد وفاتي، سيستأثر فيها بعض الناس بالمناصب والغنائم والأموال دون حق، ويُحْرَم منها من هو أحق بها، وسيُؤْثَر غيركم عليكم، فاصبروا على هذا الظلم والجور.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- رفعة الأخلاق والإيثار: الموقف يمثل ذروة الكمال في الأخوة الإسلامية والإيثار، حيث فضل الأنصار إخوانهم على أنفسهم ورفضوا أي تمييز مادي قد يفسد هذه الأخوة.
2- العدل والمساواة: من أعظم قيم الإسلام، والأنصار رضي الله عنهم طلبوها ورفضوا ما يخالفها.
3- الصبر على الظلم والأثرة: الحديث يعلّم المسلم أن من سنن الحياة وقدر الله أن يقع الظلم والاستئثار، وأن الواجب على المسلم الصبر وعدم الاندفاع بردود الأفعال التي تفرق الجماعة، طالما لم تصل إلى حد الكفر البواح. والصبر هنا ليس استسلاماً، بل هو حكمة وقوة، مع السعي للإصلاح بالطرق المشروعة.
4- صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم: فقد أخبر بأمر غيبي وقع بعده، حيث حدثت الأثرة في عصور متعددة من تاريخ الأمة.
5- الحكمة النبوية في التعامل: النبي صلى الله عليه وسلم لم يجبرهم على أخذ العطاء، بل قبل اختيارهم ونصحهم بما هو خير لهم في الدنيا والآخرة.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر جانباً من الأسباب التي جعلت الأنصار هم أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث: «...وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ».
- الأثرة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم هي من علامات ضعف الوازع الديني وغلبة حب الدنيا، وهي من أسباب الفتن والخلاف بين المسلمين.
- الصبر المأمور به في الحديث هو الصبر المشروع، الذي لا يعني السكوت عن الظلم مطلقاً، بل السعي لإزالته بالحكمة والموعظة الحسنة، مع الصبر على الأذى الذي قد يلحق المسلم أثناء ذلك.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على الصبر والعدل والإيثار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1648 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 1623 سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقْرَأُ فَرُوْحٌ وَرَيْحَانٌ بِرَفْعِ الرَّاءِ
- 1624 أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت
- 1625 كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن
- 1626 من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في...
- 1627 اللهم اقض عنا الدين وأغننا من الفقر
- 1628 عتاب الله للمؤمنين بعد أربع سنين من إسلامهم
- 1629 أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب...
- 1630 جاءت خولة بنت ثعلبة إلى رسول الله ﷺ تشكو زوجها،...
- 1631 قصة خولة بنت ثعلبة
- 1632 عليكم السام واللعنة
- 1633 السام عليك يا أبا القاسم فقال وعليكم
- 1634 قد سمعت، فرددت عليهم، وإنا نجاب عليهم، ولا يجابون علينا
- 1635 سام عليك
- 1636 عن علي بن أبي طالب: فبي خفف الله عن هذه...
- 1637 علام تشتمني أنت وأصحابك
- 1638 ثلاثة في قرية لا يؤذنون ولا تقام فيهم الصلاة
- 1639 سورة التوبة هي الفاضحة ما زالت تنزل ومنهم ومنهم
- 1640 سورة الحشر تسمى سورة النضير
- 1641 كفار قريش يهددون المسلمين ويطلبون قتل النبي أو إخراجه.
- 1642 سبب نزول: ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على...
- 1643 قد قطعنا بعضا وتركنا بعضا
- 1644 أموال بني النضير فيء لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا...
- 1645 المتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله
- 1646 دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم
- 1647 أوصي الخليفة بالمهاجرين الأولين والأنصار
- 1648 النبي ﷺ يقول: "اصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة"
- 1649 ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم
- 1650 اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل
- 1651 ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله
- 1652 الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم،...
- 1653 أُمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي فسبوهم
- 1654 ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر...
- 1655 الله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة
- 1656 بعث النبي ﷺ عليا والزبير والمقداد لأخذ كتاب من ظعينة
- 1657 من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه
- 1658 النبي ﷺ ينادي قريش على الصفا: إني نذير لكم بين...
- 1659 لقاء إبراهيم أباه آزر يوم القيامة
- 1660 إن أبي وأباك في النار
- 1661 آصلها؟ قال: نعم
- 1662 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما...
- 1663 المؤمنات يبايعن النبي ولا تمس يده يد امرأة
- 1664 صلاة العيد قبل الخطبة ثم يخطب بعدها
- 1665 بايعنا النبي ﷺ فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا
- 1666 أخذ علينا النبي عند البيعة أن لا ننوح فما وفت...
- 1667 من أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له
- 1668 بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا...
- 1669 البيعة على ترك الكبائر والوفاء بالعهد
- 1670 عن ابن عباس في قوله تعالى: ولا يعصينك في معروف
- 1671 أي الأعمال أحب إلى الله
- 1672 إذا حدَّث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا وعد أخلف
معلومات عن حديث: النبي ﷺ يقول: "اصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة"
📜 حديث: النبي ﷺ يقول: "اصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة"
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: النبي ﷺ يقول: "اصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة"
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: النبي ﷺ يقول: "اصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة"
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: النبي ﷺ يقول: "اصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة"
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








