حديث: ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)﴾

عن أبي هريرة قال: أتى رجل رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله! أصابني الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا، فقال رسول الله ﷺ: «ألا رجل يضيِّفه هذه الليلة، يرحمه الله؟» فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله! فذهب إلى أهله، فقال لامرأته: ضيف رسول الله ﷺ، لا تدخريه شيئا. قالت: والله! ما عندي إلا قوت الصبية. قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالى، فأطفئي السراج، ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت، ثم غدا الرجل على رسول الله ﷺ، فقال: «لقد عجب الله عز وجل أو ضحك من فلان وفلانة» فأنزل الله عز وجل: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾.

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٨٨٩)، ومسلم في الأشربة (٢٠٥٤) كلاهما من طريق فضيل بن غزوان، حدثنا أبو حازم الأشجعي، عن أبي هريرة، قال: فذكره.

عن أبي هريرة قال: أتى رجل رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله! أصابني الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا، فقال رسول الله ﷺ: «ألا رجل يضيِّفه هذه الليلة، يرحمه الله؟» فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله! فذهب إلى أهله، فقال لامرأته: ضيف رسول الله ﷺ، لا تدخريه شيئا. قالت: والله! ما عندي إلا قوت الصبية. قال: فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالى، فأطفئي السراج، ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت، ثم غدا الرجل على رسول الله ﷺ، فقال: «لقد عجب الله ﷿ أو ضحك من فلان وفلانة» فأنزل الله ﷿: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبيه الكريم.
الحديث الشريف:
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُظهر أخلاق الصحابة الكرام وتضحيتهم في سبيل الله ورسوله.
شرح المفردات:
● أصابني الجهد: الجهد هنا يعني المشقة والفقر الشديد والجوع.
● لا تدخريه شيئاً: أي لا تمنعي ضيفنا شيئاً من الطعام، بل قدمي كل ما عندك.
● قوت الصبية: طعام الأطفال.
● نوميهم: اجعليهم ينامون.
● نطوي بطوننا: أي نجوع ونصبر على الجوع.
● غدا الرجل: أي ذهب في الصباح.
● عجب الله أو ضحك: العجب والضحك هنا من صفات الله تعالى التي تليق بجلاله، ومعناها الرضا والقبول والاستحسان، لا تشبيهًا بخلقه.
● خصاصة: فقر وحاجة شديدة.
شرح الحديث:
يحدثنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه شدة الجوع والفقر. فتحرّك النبي صلى الله عليه وسلم لمساعدته، فسأل نساءه إن كان عندهن طعام يقدم له، فلم يجد. عندها، لم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم بالتعاطف، بل نادى في الصحابة مستثيراً هممهم للخير، قائلاً: «ألا رجل يضيِّفه هذه الليلة، يرحمه الله؟».
فما كان من رجل من الأنصار – وهم معروفون بكرمهم ونبلهم – إلا أن بادر قائلاً: "أنا يا رسول الله!". ذهب الرجل إلى بيته وأخبر زوجته بأن الضيف هو ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحثها على أن تقدم كل ما لديها دون بخْل. فأخبرته الزوجة الصالحة بحقيقة الحال: أنها لا تملك إلا الطعام القليل المعد لأطفالها. هنا تظهر روعة التضحية والإيثار، حيث قرر الزوج أن يُطعم الضيف ويجوع هو وأهل بيته، فأمر زوجته أن تُعطي الضيف الطعام، وتُطفئ السراج (المصباح) عندما يأكل، وتُدخل الأطفال إلى الفراش لتجعلهم ينامون قبل أن يجوعوا ويطلبوا الطعام. ووافقته زوجته على هذه الخطة تطييباً لقلب الضيف وطاعة لزوجها وإيثاراً لما عند الله.
وفي الصباح، أخبر الأنصاري النبي صلى الله عليه وسلم بما حدث، فبشّره النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله قد عَجِب أو ضَحك (أي رضي واستحسن) من فعل هذا الرجل وزوجته. ثم نزل القرآن الكريم مصدقاً ومثنياً على هذه الأخلاق العظيمة، حيث قال الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [سورة الحشر: 9].
الدروس المستفادة والعبر:
1- الإيثار والتضحية: الحديث أعظم مثال على الإيثار، وهو تقديم حاجة الآخرين على الحاجة الشخصية حتى في أقصى حالات الحاجة والفقر. وهذا من أعلى درجات الإيمان.
2- إكرام الضيف: hospitality هو خلق إسلامي عظيم، وقد ضرب الأنصاري وزوجته المثل الأعلى في إكرام الضيف، حتى ولو كان على حساب جوعهم وجوع أطفالهم.
3- التعاون على البر والتقوى: النبي صلى الله عليه وسلم لم يساعد الرجل بنفسه فقط، بل حث المجتمع كله على المشاركة في فعل الخير، مما ينشر روح التكافل الاجتماعي.
4- دور المرأة الصالحة: الزوجة كانت شريكة في الخير والتضحية، وموافقتها وتعاونها كانا أساسيين في نجاح هذه الصورة النبيلة، مما يظهر المكانة الرفيعة للمرأة في الإسلام.
5- الرضا بقضاء الله: الرجل وزوجته لم يتذمرا من فقرهما، بل استغلا ما لديهما في فعل الخير، فكان الجزاء من جنس العمل، ثناء الله تعالى ورسوله عليهما.
6- أن أفعال الخير لا تخفى على الله: الله تعالى يرى عباده ويستحسن فعلهم، وقد أنزل قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة يخلد ذكرى هذه التضحية.
خاتمة:
هذا الحديث ليس مجرد قصة من الماضي، بل هو نبراس يضيء لنا طريقنا في حياتنا. فهو يحثنا على أن نكون متسامحين، متعاطفين، ومستعدين للتضحية من أجل الآخرين، خاصة في أوقات الشدة. نسأل الله أن يمنحنا قلوباً كقلوب هؤلاء الصحابة الكرام، وأن نكون ممن يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٨٨٩)، ومسلم في الأشربة (٢٠٥٤) كلاهما من طريق فضيل بن غزوان، حدثنا أبو حازم الأشجعي، عن أبي هريرة، قال: فذكره. واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه.
وفي رواية عند مسلم: «فقام رجل من الأنصار، يقال له: أبو طلحة».
وقوله: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ والشُحّ - بضم الشين - هو غزيرة في النفس يصعب فراقها، قال تعالى: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾ [النساء: ١٢٨] أي لا يسلم منها نفس، فمن يريد وقاية النفس من الشح فعليه تهذيبها على الخصال الجميلة والفضائل، فإن البخل هو أثر الشح، فإذا هذبت النفس على الجود والكرم ذهب الشح وانتفى عنه البخل، ومن لم يهذّبها يقع في شح النفس، وقد يحمل صاحبه على ارتكاب المحارم ومنها أخذ أموال الناس بالباطل كما رُوي أن رجلا قال لعبد الله بن مسعود: إني أخاف أن أكون قد هلكت، فقال: وما ذاك؟ قال: اسمع الله يقول: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدي شيء، فقال عبد الله: ليس ذاك بالشح الذي ذكر الله عز وجل في القرآن، ولكن الشح أن تأكل مال أخيك ظلما، ولكن ذلك البخل، وبئس الشيء البخل.
رواه ابن جرير في تفسيره (٢٢/ ٥٢٩) عن ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا المسعودي، عن أشعث، عن أبي الشعثاء، عن أبيه قال: جاء رجل إلى ابن مسعود، فذكره. والمسعودي مختلط.
ولكن رواه هو والحاكم (٢/ ٤٩٠)، والبيهقي في الشعب (١٠٣٤٧) كلهم من وجه آخر عن جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال، قال: جاء رجل إلى ابن مسعود، فذكر نحوه.
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
ورُويَ مثل هذا عن ابن عمر وسعيد بن جبير وغيره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1651 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله

  • 📜 حديث: ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب