حديث: من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجي برجيع دابة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب لا يُستنجى بِرَوْثٍ ولا عظمٍ
حسن: أخرجه أبو داود (٣٦) عن عَيَّاش بن عباس القِتْباني، أن شُيَيْم بن بَيْتان أخبره، عن شَيبان القِتْباني، فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحاً وافياً وفق منهج أهل السنة والجماعة:
الحديث وسنده:
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والنسائي في سننهما، عن شيبان القتباني، عن رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا رُويفع! لعل الحياة ستطول بك بعدي، فأَخبرِ الناس أنه من عقد لحيته، أو تقلد وَتَرًا، أو استنجي برجيع دابة أو عظمٍ فإن محمدا منه بريء».
1. شرح المفردات:
● عقد لحيته: أي جعلها حلقات أو ضفائر (يشبكها ويعقدها)، أو أنه يحلق بعضها ويترك بعضها.
● تقلد وتراً: أي جعل وتر القوس (خيطها) قلادة في عنقه تعويذاً أو تميمة.
● استنجى: أي تنظف بعد قضاء الحاجة.
● برجيع دابة: الروث والفضلات.
● بعظم: العظام اليابسة.
● فإن محمداً منه بريء: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم بريء من فعلته هذه، وأنها منافية لتعاليم الإسلام.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر الصحابي الجليل رويفع بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبره أنه سيعيش طويلاً بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يبلغ الناس أن من فعل واحدة من هذه الأمور الثلاثة (عقد اللحية، أو تعليق الوتر تميمة، أو الاستنجاء بروث أو عظم) فإنه قد خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي بريء من هذه الأفعال المخالفة للشريعة.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من التشبه بالكفار: فتعليق الوتر تميمة من أفعال الجاهلية، وعقد اللحية من تشبه بأهل الكتاب والمشركين، والاستنجاء بالعظم والروث من أفعال الشياطين.
2- النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث: وذلك لأن الاستجمار (التنظف بالأحجار) أو الاستنجاء بالماء يكون بأشياء طاهرة، أما العظم والروث فنجسان، أو لأن العظام طعام الجن، كما ورد في حديث آخر.
3- النهي عن تعليق التمائم: والوتر هنا من جملة التمائم التي كان أهل الجاهلية يعلقونها على أولادهم أو أنفسهم لدفع الشر، وهذا منافٍ للتوكل على الله تعالى.
4- النهي عن عقد اللحية: وهو من التشبه بالكفار، أو من فعل المجوس، وقد جاء النهي عن حلق اللحية أو قصها بشكل مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
5- بيان براءة النبي صلى الله عليه وسلم من المخالفين لشريعته: فمن خالف أمره وهديه فإن النبي بريء منه، وهذا وعيد شديد.
6- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الأمة: حتى بعد وفاته، فقد أوصى رويفعاً أن يبلغ الناس وينهاهم عن هذه المنكرات.
4. معلومات إضافية مفيدة:
● رويفع بن ثابت رضي الله عنه: من الصحابة الذين عاشوا طويلاً بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شارك في الفتوحات الإسلامية.
● الاستنجاء بالعظم والروث: نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه طعام الجن، كما في حديث جابر رضي الله عنه: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتمسح بعظم أو روث».
● حكم تعليق التمائم: إذا كانت من القرآن أو الأدعية المشروعة، فاختلف العلماء فيها، أما إذا كانت من غير القرآن كالودع أو الخيوط فهي محرمة.
● عقد اللحية: هو من التشبه بالكفار، وقد جاء النهي عن حلق اللحية أو تخفيفها، فكيف بعقدها وتشكيلها على هيئة مخالفة للفطرة.
الخلاصة:
هذا الحديث يحذر من ثلاث مخالفات:
● عقد اللحية (تشبه بالكفار).
● تعليق التمائم (من أفعال الجاهلية).
● الاستنجاء بالعظم أو الروث (خالف الهدي النبوي في الطهارة).
وهو يدل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على نقاء العقيدة، والبعد عن كل ما يشوب التوحيد، والحفاظ على الفطرة الإسلامية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وشيبان - وهو ابن أمية، يكنى أبا حذيفة، كما قال أبو داود وسكت عنه - وقال الحافظ في التقريب: «مجهول»، وقال في تهذيب التهذيب: «روى عنه شُيَيم بن بيتان وبكر بن سوادة».
وعلى هذا فهو على شرط ابن حبان، إلا أنه لم يذكره في الثقات على قاعدته في توثيق المجاهيل، كما لم يذكره أيضًا في المجروحين.
ولكن رواه النسائي (٥٠٦٧) عن عياش بن عباس القتباني، أن شُيَيم بن بينان حدثه أنه سمع رويفع بن ثابت يقول، فذكر الجزء المرفوع.
وشُيَيْم بن بيتان قد صحّ سماعه من رويفع، ووثقه ابن معين وغيره، فصحّ الإسناد بدون شيبان القتباني، فلعله سمع منه أولًا، ثم سمع من رويفع مباشرة، إلا أن البزار قال في «مسنده»: «شُيَيْم غير مشهور» ذكره الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمته.
ثم روى أبو داود رواية ثانية من حديث عبد الله بن عمرو، قال: حدثنا يزيد بن خالد، ثنا مفضل عن عيّاش، أن شُيَيْم بن بيتان أخبره بهذا الحديث أيضًا عن أبي سالم الجيشاني، عن عبد الله بن عمرو، يذكر ذلك وهو معه مرابطٌ بِحصن باب أليون.
وقد حكم بعض أهل العلم على الحديث بالاضطراب؛ لأجل الخلاف في الإسناد؛ فإنه مرة جُعل الحديث من مسند رويفع بن ثابت، وأخرى من مسند عبد الله بن عمرو، ثم الراوي عن رويفع مرة شيبان بن أمية، وأخرى شُيَيْم بن بيتان.
ويمكن دفع هذا الاضطراب بأن يجعل الحديث من مسندي رويفع وعبد الله، ثم أن شُيَيْم سمع أولًا من شيبان فروى عنه عن رويفع، ثم سمع مباشرة عن رويفع فروى عنه، كما في رواية النسائي، وأحمد (٤/ ١٠٨).
فإن شُيَيْم ثقة لا يحكم عليه بالاضطراب ما أمكن الجمع.
ضبط الأسماء وشرح الأماكن:
- حصن أليون: على جبل بالفسطاط. قاله أبو داود.
- القِتْباني - بكسر القاف وسكون المثناة الفرقانية ونون - نسبة إلى قتبان بن رومان.
- شُيَيْم - بضم أوله وفتح تحتانيته وسكون مثلها مصغرا، وقيل: بكسر أوله، ابن بيتان، بلفظ تثنية بيت.
- ومُخلَّد - على وزن محمد - ومسلمة بن مخلد الأنصاري الزرقي، كان واليا على مصر أيام معاوية، قال البخاري: كان له صحبة، مات سنة ٦٢ هـ، وكانت ولايته على مصر وإفريقية ست عشرة سنة.
- وقوله (استعمل) أي: جعل رويفع بن ثابت عاملًا وأميرًا على أسفل الأرض، أي: أرض مصر، وهو الوجه البحري، وقيل: الغربي.
- كُوم شريك: وشريك هو ابن سمي المرادي الغطيفي، صحابي، شهد فتح مصر، وإنما
أضيف له كوم إذ إن عمرو بن العاص لما سار لفتح الإسكندرية، وشريك على مقدمته خرج عليهم جمع عظيم من الروم، فخافهم على أصحابه، فلجأ إلى الكوم ودافعهم، وهو في طريق الإسكندرية.
- علقماء - بفتح العين وسكون اللام ثم القاف مفتوحة - موضع من أسفل ديار مصر.
- وقوله (أو من علقماء إلى كوم شريك): هذا شك من شيبان، والمراد به: أنّ ابتداء السير كان من كوم شريك أو من علقماء، وعلى كل تقدير فمن أحد الموضعين كان ابتداء السير، وإلى الآخر انتهاؤه.
- قوله (يريد علقام): وهو موضع آخر غير علقماء، ويقال له: كوم علقام.
- والنضو: البعير المهزول، يقال: بعير نضو، وناقة نضو ونضوة، وهو الذي أنفاه العمل وهزله الكدّ والجهد. وفي هذا حجة لمن أجاز أن يعطي الرجل فرسه أو بعيره على شطر ما يصيبه المستأجر من الغنيمة.
- وقوله (وإن كان أحدنا ليطير له النصل) أي: يصيبه في القسمة، يقال: (طار لفلان النصف، ولفلان الثلث) إذا وقع له ذلك في القسمة.
- والقدح: خشب السهم قبل أن يراش ويركب فيه النصل.
وغرض رويفع رضي الله عنه من هذا الكلام بيان حال ابتداء الإسلام بأنه كان إذ ذاك خفيفا، وفيه إعلام بأنه كان قديم الإسلام
- وقوله ﷺ: «أخبر الناس أنه من عقد لحيته» قال الخطابي: يفسر ذلك على وجهين: أحدهما: ما كانوا يفعلونه من ذلك في الحروب؛ كانوا في الجاهلية يعقدون لحاهم، وذلك من زيّ الأعاجم، يفتلونها ويعقدونها.
وقيل معناه: معالجة الشعر ليتعقد ويتجعد، وذلك من فعل أهل التوضيع والتأنيث. انتهى.
- وقوله عليه الصلاة السلام: «أو تقلد وَتَرًا» وهو: خيط فيه تعويذ، أو خرزات لدفع العين، والحفظ عن الآفات، كانوا يعلقونها على رقبة الولد والفرس، فأبطل النبي ﷺ ذلك من فعلهم ونهاهم عنه.
وقال أبو عبيدة: الأشبه أنه نهى عن تقليد الخيل أوتار القسي، نُهُوا عن ذلك إما لاعتقادهم أن تقليدها بذلك يدفع عنها العين، أو مخافة اختناقها به، لا سيما عند شدة الركض، بدليل ما روي أنه ﷺ أمر بقطع الأوتار عن أعناق الخيل.
- وقوله: «فإن محمدًا منه بريء» من باب الوعيد والمبالغة في الزجر الشديد.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 75 من أصل 119 حديثاً له شرح
- 50 أكثرت عليكم في السواك
- 51 أتسوك بسواك فجاءني رجلان فناولت الأصغر فقيل لي كبر
- 52 أعط السواك أكبرهما
- 53 النبي ﷺ ينظر إلى السماء ويتلو آيات آل عمران
- 54 كان يوضع له وضوءه وسواكه فإذا قام من الليل تخلّى...
- 55 السواك عند كل صلاة
- 56 السواك مطهرة للفم مرضاة للرب
- 57 السواك مع كل صلاة
- 58 السواك مع كل وضوء
- 59 أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرًا وغير طاهر
- 60 والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد
- 61 عبد الله بن مسعود رقي في شجرة يجتني منها سواكًا
- 62 أمر النبي ابن مسعود فصعد على شجرة
- 63 عائشة تمضغ السواك لرسول الله ﷺ
- 64 من استجمر فليوتر
- 65 إذا استجمر أحدكم فليوتر
- 66 إذا استجمر أحدكم فليستجمر بتو
- 67 إذا توضأت فانثر، وإذا استجمرت فأوتر.
- 68 نهى عن استقبال القبلة بغائط أو بول
- 69 إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء
- 70 يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه
- 71 أتى النبي الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار
- 72 لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم...
- 73 لا تأتني بعظم ولا روث
- 74 نهى رسول الله ﷺ أن يتمسح بعظم أو ببعر
- 75 من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجي برجيع دابة
- 76 إذا خرج لحاجته أجيء أنا وغلام معنا إداوة من ماء
- 77 استحباب الاستطابة بالماء من السنة النبوية
- 78 احجُبْ نساءَك
- 79 أذن النبي ﷺ للنساء بالخروج لقضاء الحاجة
- 80 إذا ذهب المذهب أبعد
- 81 إذا أراد الحاجة أبعد
- 82 كان النبي يذهب لحاجته إلى المغمس
- 83 إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد
- 84 مسح النبي ﷺ على الخفين بعد الوضوء.
- 85 لا تستقبل القبلة ولا تولها ظهرك في قضاء الحاجة
- 86 لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها عند قضاء الحاجة
- 87 لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة
- 88 رسول الله ﷺ مستقبلا بيت المقدس لحاجته
- 89 نهى رسول الله عن استقبال القبلة ببول.
- 90 لا بأس بالبول إلى القبلة إذا كان بينك وبينها ساتر
- 91 من لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها في الغائط كتب له...
- 92 إذا أراد الحاجة تنحى ولا يرفع ثيابه حتى يدنو من...
- 93 دعا النبي بالطست ليبول فيها فانخنثت نفسه
- 94 لا تبل في الجحر فإنها مساكن الجن
- 95 لا تَبُولَنَّ في الماء الدائم ثم تغتسل منه
- 96 لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب
- 97 اتقوا اللَّعّانين: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم
- 98 لا تَبُلْ في الماء الراكد
- 99 أما إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير
معلومات عن حديث: من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجي برجيع دابة
📜 حديث: من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجي برجيع دابة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجي برجيع دابة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجي برجيع دابة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجي برجيع دابة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








