رسول الله ﷺ مستقبلا بيت المقدس لحاجته

حديث: رسول الله ﷺ مستقبلا بيت المقدس لحاجته

عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: إن ناسا يقولون: إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس، فقال عبد الله بن عمر: لقد ارتقيت يوما على ظهر بيتٍ لنا، فرأيتُ رسول الله ﷺ على لَبِنَتَيْن مستقبلا بيت المقدس لحاجته، وقال: لعلك من الذين يُصلّون على أوراكهم؟ فقلت: لا أدري والله!
قال مالك: يعني يصلِّي ولا يرتفع عن الأرض؛ يسجد وهو لاصِقٌ بالأرض.

متفق عليه: رواه مالك في القبلة (٣) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبْان، عن عمه واسع بن حَبّان، عن عبد الله بن عمر، فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي طلبت شرحه حديثٌ عظيمٌ، ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو يرد على من يشدد في مسألة استقبال القبلة أو بيت المقدس أثناء قضاء الحاجة. وإليك الشرح الوافي لهذا الحديث وفق الكتب المعتمدة عند أهل السنة والجماعة:

1. شرح المفردات:

● ارتقيت: صعدت.
● ظهر بيت: سطح البيت.
● لَبِنَتَيْن: قِطعتين من الطين المُجفف (أي كان جالسًا عليهما لقضاء الحاجة).
● يُصلّون على أوراكهم: أي يصلون وهم لا يرفعون أجسادهم عن الأرض بشكل صحيح في السجود، بل يلتصقون بالأرض.
● لا أدري والله: تعبير عن التواضع وعدم الجزم بشيء لم يتأكده.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن بعض الناس كانوا ينهون عن استقبال القبلة أو بيت المقدس أثناء قضاء الحاجة، ولكنه شهد بنفسه رسول الله ﷺ وهو يقضي حاجته (داخل الأبنية ذات الجدران) مستقبلًا بيت المقدس (وكانت القبلة الأولى قبل تحويلها إلى الكعبة)، فدل هذا على أن النهي ليس على إطلاقه، بل هناك استثناءات أو تفصيل. ثم يُعلق ابن عمر على سؤالٍ عن صلاة من لا يرفع عن الأرض في سجوده، معترفًا بعدم علمه بالحكم في ذلك، مما يدل على ورعه.

3. الدروس المستفادة منه:

● الرد على التشديد غير المدعوم بدليل: الحديث يُظهر أن بعض الناس قد يبالغون في التحريم دون دليل صريح، والأصل في العبادات والمنهيات التوقيف على النص.
● اتباع السنة العملية: فعل النبي ﷺ هنا يدل على جواز استقبال القبلة أو بيت المقدس في قضاء الحاجة في بعض الأحوال، كوجود حاجز أو في الأبنية ذات الجدران العالية.
● تواضع العالم: قول ابن عمر "لا أدري" مع مكانته العلمية يدل على وجوب التواضع في العلم وعدم القول بغير علم.
● أهمية الهيئة في الصلاة: التعليق على صلاة "الذين يصلون على أوراكهم" تحذير من عدم إتمام السجود بالشكل الصحيح، وهو من أسباب بطلان الصلاة أو نقصانها.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● الخلاف الفقهي في الاستقبال: ذهب جمهور العلماء (بما فيهم المالكية والشافعية والحنابلة) إلى كراهة استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة في الفضاء دون حاجز، بينما أجازوه مع وجود حاجز (كجدار أو حفرة). وهذا الفعل النبوي يُحمل على أنه كان في مكان له جدار أو حاجز (كالبيت)، كما في روايات أخرى.
● بيت المقدس: كان قبلة المسلمين الأولى، فاستقباله له حكم استقبال القبلة في بعض الأحكام.
● الصلاة على الأوراك: هي من أخطاء السجود الشائعة، حيث لا يرفع المصلي بطنه عن فخذيه، فيفسد خشوع الصلاة ويخل بهيئتها الواجبة. والسنة أن يرتفع في سجوده معتمدا على راحتيه وركبتيه وأطراف قدميه.
وفي الختام، فإن هذا الحديث يُعلمنا الاعتماد على الدليل في الأمور الشرعية، والابتعاد عن التشدد غير المبرر، والاقتداء بهدي النبي ﷺ في كل صغيرة وكبيرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في القبلة (٣) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبْان، عن عمه واسع بن حَبّان، عن عبد الله بن عمر، فذكر الحديث. ورواه البخاري في الوضوء (١٤٥) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك به مثله. ورواه مسلم في الطهارة (٢٦٦) عن عبد الله بن مسلمة، ثنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى، عن عمه واسع بن حَبّان قال: «كنت أصلي في المسجد وعبد الله بن عمر مُسند ظهره إلى القِبلة، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من
شِقِّي، فقال عبد الله: يقول ناس: إذا قعدت للحاجة تكون لك، فلا تعقد مستقبل القبلة ولا بيت المقدس، قال عبد الله: ولقد رقيتُ على ظهر بيتٍ فرأيتُ رسول الله ﷺ قاعدا على لَبِنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته». وفي رواية عندهما - البخاري (١٤٨) ومسلم - عن عبيد الله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حَبّان به، وفيها: «ارتقيتُ فوق بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيتُ رسول الله ﷺ يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام».
وعبيد الله بن عمر هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، تابعي صغير من فقهاء أهل المدينة.
وقوله: «لعلّك من الذين يُصلون على أوراكهم!» أي: من يلصق بطنه بوركيه إذا سجد، وهو خلاف هيئة السجود المشروعة، وهي التجافي والتجنح. انظر ما ذكره الحافظ من مناسبة هذه الجملة بما قبله من الحديث.
وفي الحديث دليل على أن خروج النساء للبراز لم يستمرّ، ثم اتخذت الأخلية في البيوت.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 88 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رسول الله ﷺ مستقبلا بيت المقدس لحاجته

📜 حديث: رسول الله ﷺ مستقبلا بيت المقدس لحاجته

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رسول الله ﷺ مستقبلا بيت المقدس لحاجته

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رسول الله ﷺ مستقبلا بيت المقدس لحاجته

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رسول الله ﷺ مستقبلا بيت المقدس لحاجته

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية