حديث: دعا النبي بالطست ليبول فيها فانخنثت نفسه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في البول في الطَّست

عن عائشة قالت: يقولون: إن النبي ﷺ أوصى إلى عليّ، لقد دعا بالطست ليبول فيها، فانخنثتْ نفسه وما أشعر، فإلى من أوصي؟ ! .

صحيح: رواه النسائي (٣٣) عن عمرو بن علي، أخبرنا أزهر، قال: أخبرنا ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة فذكرت الحديث.

عن عائشة قالت: يقولون: إن النبي ﷺ أوصى إلى عليّ، لقد دعا بالطست ليبول فيها، فانخنثتْ نفسه وما أشعر، فإلى من أوصي؟ ! .

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الوصايا، باب قول النبي ﷺ: "ما تركنا صدقة")، ورواه الإمام مسلم في صحيحه (كتاب الوصايا، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه)، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
شرح المفردات:
* أوصى إلى علي: جعل عليًّا رضي الله عنه وصيًّا له بعد وفاته.
* الطست: إناءٌ واسعٌ يُغسل فيه أو يُبول فيه المريض.
* لَيْبُولَ فيها: ليتبول فيها (لشدة مرضه ﷺ).
* فانْخَنَثَتْ نَفْسُهُ: غُشِيَ عليه واشتدّ به المرض حتى لم يعد يُحسّ بما حوله. (والانخناث: الانكسار والذلّة، وهنا كناية عن شدة المرض وفقدان الوعي).
* وما أَشْعُر: وما شعرتُ أنا بهذا (أي بغشيته وفقدانه الوعي) في تلك اللحظة.
* فإلى مَن أوصى؟!: استفهام إنكاري، يعني أن الأمر لم يحدث أصلًا، فكيف يكون قد أوصى لأحد وهو في هذه الحالة؟!
المعنى الإجمالي للحديث:
تذكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما يقوله بعض الناس من أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عليًا رضي الله عنه وصيًا عليه بعد موته. فتُنكر هذا وتُبيّن كذب هذه الدعوى بأمرٍ حسيٍّ شهدته، وهو أنه في لحظات مرضه الشديد الأخير طلب إناءً ليبول فيه، ثم غُشي عليه وغاب عن الوعي وهو على هذه الحالة، حتى إنها لم تشعر بذلك في أول الأمر. فتبين أن النبي ﷺ كان في حالةٍ من الضعف والمرض الشديد الذي منعه حتى من التكلم أو إيصال أي وصية، فكيف يُدَّعى أنه أوصى إلى شخص معين وهو بهذه الحالة؟! فاستبعدت وقوع ذلك أصلًا.
الدروس المستفادة والفَوائد:
1- نفي ادعاء الوصية لعلي رضي الله عنه: الحديث من أقوى الأدلة عند أهل السنة والجماعة على نفي ما ادعاه بعض الطوائف من أن النبي ﷺ أوصى بالخلافة أو الإمامة من بعده لعلي رضي الله عنه نصًا. فلو كان هناك هذه a thing وصية كهذه لَعلمتها أم المؤمنين عائشة وحفظتها وبلغتها، وهي التي كانت ترعاه في مرضه وتفصّل لنا أدق تفاصيل أيامه الأخيرة.
2- بيان شدة مرض النبي ﷺ وثقله عليه: الحديث يصور اللحظات الأخيرة من حياة النبي ﷺ ويبين شدة معاناته من المرض، حتى إنه غاب عن وعيه.
3- حرص الصحابة رضي الله عنهم على نقل الحق ودحض الباطل: فقد أنكرت عائشة رضي الله عنها هذه المقولة بشدة وبيَّنت الدليل على بطلانها، دفاعًا عن الحقيقة ونصيحة للأمة.
4- أن النبي ﷺ لم يوصِ لأحد بخلافة أو ولاية: بل ترك الأمر شورى بين المسلمين، كما هو ثابت في الأحاديث الصحيحة وأجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم.
5- قوة حجة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: فهي تخبر عن أمر كانت شاهدته بنفسها في بيتها وفي لحظات المرض، مما يجعل روايتها قطعية الثبوت في هذه النقطة.
6- الرد على الروايات الضعيفة والموضوعة: التي تروي نصوصًا في الوصية لعلي، فهي تُعارض هذا الحديث الصحيح الثابت في أصح الكتب بعد القرآن.
معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تبين آخر أيام النبي ﷺ ومرضه، وهي ثابتة في الصحيحين وغيرهما.
* موقف أهل السنة والجماعة هو محبة علي رضي الله عنه واعتقاد فضله ومناقبه العظيمة التي أثبتها النصوص الصحيحة، ولكنهم ينفون ما اختُلِقَ ونُسِبَ إليه أو إلى النبي ﷺ كذبًا وزورًا، كمسألة "الوصية" هذه.
* استدل العلماء بهذا الحديث على أن من ادعى أن النبي ﷺ أوصى إلى علي فقد كذب على الله ورسوله وخالف الحق الثابت بالأدلة القاطعة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٣٣) عن عمرو بن علي، أخبرنا أزهر، قال: أخبرنا ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة فذكرت الحديث.
قال النسائي: أزهر هو ابن سعد السمان.
وأصله في الصّحيحين بدون قولها: «ليبول فيها، البخاريّ في المغازي (٤٤٥٩) عن عبد الله بن محمد، عن أزهر ولفظه: ذكر عند عائشة أن النبي ﷺ أوصى إلى عليٍّ، فقالت: من قاله، لقد رأيت النبي ﷺ وإني لمُسنِدَته إلى صدري، فدعا بالطست فانخنث، فمات فما شعرتُ، فكيف أوصى إلى عليٍّ؟
ورواه أيضًا هو في الوصايا (٢٧٤١) ومسلم في الوصية (١٦٣٦) كلاهما من طريق إسماعيل بن عليه، عن ابن عون، به مثله.
وقولها: انخنث - بالنون والخاء المعجمة ثم نون مثلثة، معناه كما في النهاية: انكسر وانثنى الاسترخاء أعضائه عند الموت.
وفي الباب ما رُوي عن حُكيمة بنت أُمَيْة بنت رُقَيْقة، عن أمِّها أنها قالت: «كان للنبي ﷺ قَدَح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل».
رواه أبو داود (٢٤) والنسائيّ (٣٢)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ١٨٩)، وابن حبان (١٤٢٦)، والحاكم (١/ ١٦٧) وعنه البيهقي (١/ ٩٩) كلّهم من حديث حجاج بن محمد، عن ابن جريح، عن حُكيمة بنت أميمة، عن أنها أميمة، فذكرته.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وسنّة غريبة، وأميمة بنت رقيقة صحابيّة مشهورة، مخرج حديثها في الوُحدان للأئمة، ولم يخرجاه».
قال الأعظمي: فيه حُكيمة لم يوثقها غير ابن حبان (٤/ ١٩٥)، ولم يذكر من الرّواة عنها غير ابن جريج، فهي مجهولة؛ ولذا ذكرها الذهبي في الميزان» في النسوة المجهولات، وقال الحافظ في التقريب: «لا تعرف» وكذلك قال ابن الملقن في «البدر المنير» (٢/ ٢٢٦).
وقد تعقّب ابن القطان في الوهم والإيهام (٥/ ٥١٤) عبد الحق فيما نقله عن الدارقطني من قوله: «أنّ هذا الحديث يلحق بالصحيح - أو كلامًا هذا معناه بأن الدارقطني لم يقضي فيه بصحة ولا ضعف، والخبر متوقف الصحة على العلم بحال الراوية، فإن ثبتت ثقتها صحّت روايتها، وهي لم تثبت».
هذه خلاصة ما نقله المناوي في «فيض القدير» (٥/ ١٧٨).
وفي «الوهم والإيهام»: ثم ذكر الدارقطني في هذه الترجمة أميمة بنت رقيقة، روى عنها محمد بن المنكدر وابنتها حكيمة، ولم يزد على هذا ولا عيّن ما رويا عنها، ولا قضى لحكيمة بثقة ولا ضعف، ولا لشيء مما روت».
ونقل المناوي في: فيض القدير«»من شهاب الدين صاحب كتاب «اقتفاء السنن»: هذا الحديث لم يضعّفوه، وهو ضعيف، ففيه حكيمة، وفيها جهالة فإنه لم يرو عنها إلا ابن جريج ولم يذكرها ابن حبان في «الثقات»».
قال الأعظمي: بل ذكرها ابن حبان في: الثقات«كما مضى، وروي لها في صحيحه ولم يذكر من الرّواة عنها غير ابن جريج.
ثم زاد الطبرانيّ: «فبال فيه، ثم جاء فأراده فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة كانت تخدم أمّ حبيبة، جاءت بها من أرض الحبشة: «أين البول الذي كان في القدح؟». قالت: شربته! فقال: القد احتظت من النار بحظار». وهذه زيادة شاذة أو منكرة رواها شيخ الطبراني أحمد بن زياد الحذّاء الرّقي، عن حجاج بن محمد وهو الأعور المصيصيّ.
وأحمد بن زياد الحذّاء هذا لم أقف على من وثقه، وكان من كبار شيوخ الطبراني كما قال الذّهبي في تاريخ الإسلام (٢١/ ٥٩) أي الكبار سنًّا لا علمًا ورتبة؛ فإنّ الحجاج بن محمد المصيصيّ توفي سنة (٢٠٦ هـ) وكان قد تغيّر في آخر حياته حين رجع إلى بغداد، فالظاهر أنه أدركهـ في حال اختلاطه.
ثم رواه الطبراني (٢٤/ ٢٠٥ - ٢٠٦) من وجه آخر عن حجاج بن محمد، بإسناده، وفيه: قالوا:
»شربته برّة خادم أمّ سلمة التي قدمت معها من أرض الحبشة .... وهذا كله يدل على أن حجاج بن محمد المصيصي روي هذه الزيادة في حال اختلاطه فلم يضبط اسم الخادم، ولا اسم المخدوم.
ولكن يعكّر على هذا أن هذه الزيادة رواها أيضًا يحيى بن معين عن الحجاج بن محمد. رواها
الطبرانيّ في الكبير (٢٤/ ٢٠٥ - ٢٠٦) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عنه. فلا أدري هل روي هو أيضًا هذا الحديث في حال اختلاطه أمّ قبله، ومن المعروف أنه كان مكثرًا عنه، كتب عنه نحو خمسين ألف حديث.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أمّ أيمن قالت: قام رسول الله ﷺ من اللّيل إلى فخارة في جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشانة فشربت ما فيها وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي ﷺ قال: «يا أمّ أيمن، قومي فأهريقي ما في تلك الفخارة«قلت: قد واللهِ شربتُ ما فيها! قال: فضحك النبيّ ﷺ حتى بدت نواجذه، ثم قال: «أما إنّك لا تتجعين بطنك أبدًا».
رواه الطبرانيّ في الكبير (٢٥/ ٨٩)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٦٣) كلاهما من حديث شبابة بن سوار، حدّثني أبو مالك النخعيّ، عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي، عن أمّ أيمن، قالت (فذكرته). وسكت عليه الحاكم.
وقال الهيثمي في: المجمع (٨/ ٢٧١): «وفيه أبو مالك النخعيّ وهو ضعيف.
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإنّ أبا مالك النخعيّ وهو الواسطيّ، واسمه عبد الملك بن حسين، أهل العلم مطبقون على تضعيفه، وبه ضعفه ابن حجر في «التلخيص» (١/ ٣١) وزاد أن نبيحًا لم يلق أمّ أيمن.
ثم إن عبد الملك قد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فمرة رواه كما مضى، وأخرى روى عن نافع بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن أمّ أيمن.
ومن هذا الطريق رواه ابن السكن، قال الحافظ في الإصابة في ترجمة أمّ أيمن (٤/ ٤٣٣): «فيحتمل أن تكون قصة أخرى غير القصة التي اتفقت لبركة خادم أمّ حبية، ولكن ادّعى ابن السكن أنّ بركة خادم أمّ حبيبة كانت تكنى أيضًا أمّ أيمن أخذًا من هذا الحديث، والعلم عند الله» انتهى قول الحافظ.
قال الأعظمي: ونافع بن عطاء هذا لم أعرف من هو؟ ولم يذكره المزّي في «تهذيب الكمال» في شيوخ عبد الملك بن الحسين أبي مالك النخعيّ، ولم يذكره ابن حبان في «الثقات» من يُسمّى بـ نافع بن عطاء. وكذلك أكد ذلك الحافظ ابن حجر في التهذيب (١٠/ ٤١٥) في ترجمة نافع عن عائشة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 93 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: دعا النبي بالطست ليبول فيها فانخنثت نفسه

  • 📜 حديث: دعا النبي بالطست ليبول فيها فانخنثت نفسه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: دعا النبي بالطست ليبول فيها فانخنثت نفسه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: دعا النبي بالطست ليبول فيها فانخنثت نفسه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: دعا النبي بالطست ليبول فيها فانخنثت نفسه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب