حديث: الطيرة على من تطير
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب إنْ كانت الطيرة (الشؤم) ففي ثلاث
حسن: رواه الطحاوي في شرح المعاني (٤/ ٣١٤)، وصحّحه ابن حبان (٦١٢٣)، والضياء في المختارة (٢٢٦٩) كلهم من طرق عن مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن عتبة بن حميد، قال: حدثني عبيد الله بن أبي بكر أنه سمع عن أنس بن مالك يقول: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الشريف:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال رسول الله ﷺ: «لَا طِيَرَةَ، وَالطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ، وَإِنْ تَكُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ».
1. شرح المفردات:
* لا طيرة: "الطيرة" هي التشاؤم بشيء يُرى أو يُسمع، كالتشاؤم بمرور غراب أو سماع كلمة معينة. فالنفي "لا" هنا ليس لنفس الفعل، بل لكونه مؤثرًا في تقدير الله تعالى. أي: لا تأثير حقيقي للطيرة في جلب ضرر أو منع نفع، فالأمر كله بيد الله.
* والطيرة على من تطير: أي أن ضرر التشاؤم ووباله يعود على الشخص المتطير نفسه، بسبب سوء ظنه بالله وتسليط الشيطان عليه.
* وإن تك في شيء: أي وإن كان التشاؤم يحصل لبعض الناس بسبب شيء معين.
* ففي الدار والفرس والمرأة: هذه ثلاثة أمور كان العرب يتشاءمون منها بشكل شائع في الجاهلية.
2. شرح الحديث:
يُبين النبي ﷺ في هذا الحديث حكم "الطيرة" أو التشاؤم، ويضع لها ضوابط مهمة:
* نفي التأثير الشرعي للطيرة: قوله «لَا طِيَرَةَ» هو نفي للتأثير الحقيقي لهذه الأمور في القدر، فليس لها قدرة على جلب النفع أو الضرر، إذ أن ذلك كله بيد الله تعالى وحده. وهذا تصحيح لعقيدة التوحيد، وإبطال لخرافات الجاهلية.
* تحميل المسؤولية للمتطير: قوله «وَالطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ» يعني أن الضرر الحاصل ليس بسبب الشيء المُتطير به، بل بسبب فعل الشخص نفسه؛ حيث يستسلم للوساوس، ويُسيء الظن بربه، فيحرم نفسه من الخير ويقع في الحيرة والتردد، فيصيبه ما خافه بسبب ضعفه وتشاؤمه، لا بسبب الشيء نفسه. كما قال بعض السلف: "يعاقب بسوء ظنه".
* تحديد أكثر مواضع التشاؤم شيوعًا: ذكر النبي ﷺ ثلاثة أمور كان التشاؤم بها منتشرًا لدى العرب:
* الدار: كانوا يتشاءمون من دار يسكنونها إذا حدث فيها مكروه أو لم يتحقق لهم فيها مراد.
* الفرس: كانوا يتشاءمون من خيلهم إذا عثرت أو لم تكن سريعة، ظنًا أنها لن تنفعهم في الغزو.
* المرأة: كانوا يتشاءمون باسم المرأة (كاسم "ضباعة" أو "شهاب") أو بشخصها، فربما طلقوها بسبب ذلك.
والمقصود ليس حصر الطيرة في هذه الثلاثة، بل بيان أنها إن وقعت فغالبًا ما تكون في هذه الأمور، كما يقول الإمام النووي: "ليس المراد حصر الطيرة فيها، ولكنها أكثر ما كانت الطيرة فيها في ذلك الزمان".
3. الدروس المستفادة منه:
1- إبطال الخرافات والتصديق بالأوهام: الإسلام يدعو إلى التفكير العقلي والمنطقي والاستسلام للقدر والتوكل على الله، لا إلى الخضوع للخزعبلات والتفكير الأسود.
2- تقوية التوكل على الله تعالى: المؤمن الحقيقي يتوكل على الله ويستعين به، ولا يلتفت إلى هذه الأمور. كان من دعاء النبي ﷺ: «وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ».
3- محاربة الوسوسة: الحديث علاج قوي لمن يعانون من الوساوس والتشاؤم، بتذكيرهم أن الضرر على من يستسلم لهذه الأفكار.
4- أن الإسلام جاء لمحاربة عادات الجاهلية: حيث أبطل النبي ﷺ العديد من المعتقدات الباطلة، ومنها الطيرة.
5- الفرق بين الطيرة والتفاؤل: النهي عن الطيرة (التشاؤم) لا يعني النهي عن التفاؤل (الاستبشار بالخير)، بل كان النبي ﷺ يعجبه الفأل الحسن. والفرق أن الطيرة هي إساءة الظن بالله، أما الفأل فهو حسن الظن به تعالى.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* الفرق بين الطيرة والفأل:
* الطيرة (مذمومة): هي التشاؤم بمرئي أو مسموع، وتؤدي إلى التوقف عن العمل والعزم، وسوء الظن بالله.
* الفأل (محمود): هو استبشار القلب وخاطر الخير، وهو من حسن الظن بالله، ويحث على المضي قدمًا في العمل. قال ﷺ: «... وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ».
* علاج من يعاني من الوسوسة في الطيرة: بالإكثار من ذكر الله والتوكل عليه، والاستعاذة من الشيطان، وعدم الاستسلام للخواطر السيئة، والاستمرار في العمل متوكلًا على الله.
* حكم العمل بالطيرة: إنكار الطيرة وعدم الالتفات إليها من تمام التوكل، والاستمرار فيها من الشرك الأصغر كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء، لأنه اعتماد على غير الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل عتبة بن حميد فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخطئ ولم يأت في حديثه ما ينكر عليه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 947 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 922 قتل الكلب الاسود البهيم ذي النقطتين
- 923 اقتلوا الأسود البهيم من الكلاب
- 924 أمر رسول الله ﷺ بقتل الكلاب
- 925 أمر النبي بقتل الكلاب إلا كلب الصيد والماشية والحرث.
- 926 اقتلوها فابتدرناها لنقتلها فسبقتنا
- 927 أمر محرما بقتل حية بمنى.
- 928 إذا رأيتم في بيوتكم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام
- 929 أمر النبي ﷺ بقتل ذي الطفيتين لأنه يلتمس البصر ويصيب...
- 930 اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر
- 931 نهى رسول الله ﷺ عن قتل الجنان التي في البيوت...
- 932 من ترك شيئا منهن خيفة فليس منا
- 933 من ترك الحيات خيفتهن فليس منا
- 934 من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا
- 935 شيطان يتبع شيطانة
- 936 الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم
- 937 الطيرة من الشرك
- 938 أقروا الطير على مكناتها
- 939 الطير تجري بقدر وكان يعجبه الفأل الحسن
- 940 رسول الله ﷺ كان يكره الطيرة ويبغضها
- 941 يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة
- 942 الشؤم في الفرس والمرأة والمسكن
- 943 إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس
- 944 إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس
- 945 لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
- 946 لا هامة ولا عدوى ولا طيرة
- 947 الطيرة على من تطير
- 948 الطيرة من الدار والمرأة والفرس
- 949 دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقل العدد وذهب المال
- 950 من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك
- 951 عقوبة من قال لأخيه يا كافر
- 952 لا ترم أخاك بالفسوق ولا بالكفر
- 953 ليس أحد أحب إليه المدح من الله
- 954 إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم...
- 955 إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان
- 956 الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب بالكذبة تحمل عنه حتى...
- 957 لا تكذبوا على أولادكم
- 958 ويل للذي يحدث القوم ثم يكذب ليضحكهم
- 959 لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما
- 960 الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته
- 961 الألد الخصم
- 962 من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة...
- 963 إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها
- 964 اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة
- 965 عاقبة الظلم
- 966 المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة
- 967 إملاء الله للظالمين
- 968 العنوان: قال رسول الله ﷺ: إن الرجل يصدق حتى يكتب...
- 969 العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
- 970 لا يدخل الجنة قتات
- 971 لا يستتر من بوله ويمشي بالنميمة
معلومات عن حديث: الطيرة على من تطير
📜 حديث: الطيرة على من تطير
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الطيرة على من تطير
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الطيرة على من تطير
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الطيرة على من تطير
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








