حديث: لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب إنْ كانت الطيرة (الشؤم) ففي ثلاث
متفق عليه: رواه البخاري في الطب (٥٧٧٢)، ومسلم في السلام (٢٢٢٥: ١١٦) كلاهما من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله، وحمزة، أن عبد الله بن عمر، قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ التي تزيل الوهم وتُقرر التوحيد، وقد رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:
أولاً. شرح المفردات:
● لا عدوى: نفي للاعتقاد الجاهلي بأن الأمراض تنتقل بطبعها من المريض إلى السليم دون إرادة الله تعالى وقدره.
● ولا طيرة: نفي للتشاؤم بمرئي أو مسموع، كالتشاؤم بالغراب أو البوم مثلاً.
● الشؤم: في الأصل: الشر والنحس، وهو هنا كناية عن سبب الشقاق والشر والفتنة.
● في الفرس: المراد به الدابة التي يعدها الرجل للجهاد أو الغزو، فإذا لم تُطعه أو كثرت نفقتها كانت سبباً في شؤمه وهمه.
● والمرأة: التي تكون عُقَدة في نفس زوجها، إما لسوء خلقها أو لأنفقتها الكثيرة أو لعقمها، فيتشاءم بها.
● والدار: التي تكون ضيقة على ساكنها، أو جيرانها سوء، أو بعيدة عن الخيرات، فيتشاءم بها.
ثانياً. شرح الحديث:
معنى الحديث أن النبي ﷺ ينفي ويبطل معتقدين فاسدين كانا شائعين في الجاهلية:
1- نفي العدوى: كان أهل الجاهلية يعتقدون أن الأمراض المعدية (كالجذام والبرص) تنتقل بطبعها من الشخص المريض إلى السليم بمجرد الاختلاط، دون مشيئة الله تعالى. فجاء النبي ﷺ لينفي هذا الاعتقاد الجبري القاضي بنفي القدر، ويؤكد أن كل شيء بقدر الله تعالى. وهذا لا ينافي الأخذ بالأسباب كاجتناب المريض خوفاً من انتقال المرض، لأن ذلك من الأسباب التي يأذن الله بها، فالأمراض لا تنتقل بذاتها بل بإذن الله وقدره. كما في الحديث الآخر: «وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ» (رواه البخاري)، فهذا أمر بالأخذ بالسبب مع الاعتقاد الجازم أن القدرة والتفويض لله وحده.
2- نفي الطيرة: والطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع، كمن يتشاءم إذا رأى غراباً أو سمع اسمًا قبيحاً فيترك عمله أو عزمه. وهذا من الشرك الأصغر لأنه اعتماد على غير الله وتعلّق بوهمٍ يصد عن فعل الخير. والنبي ﷺ جاء ليحرر الإنسان من هذه الأوهام ويرده إلى التوكل على الله وحده.
3- قوله: «إنما الشؤم في ثلاث...»: هذا ليس إثباتاً للشؤم على الحقيقة في هذه الأشياء، بل هو من باب الذم لها إذا كانت سبباً في حصول الشر والفتنة للإنسان، وهو كلام على عادة العرب في خطابهم. والمعنى: إذا وجد الشر والنحس فسببه غالباً يتعلق بواحدة من هذه الثلاث:
● الفرس: إذا كان الرجل يعد فرسه للجهاد في سبيل الله فتقصّر أو تعجز أو تكلفه النفقة الكثيرة دون فائدة، فهذا شؤم عليه.
● المرأة: إذا كانت سيئة الخلق، ثقيلة على زوجها، كثيرة الشكوى والنفقة، تمنعه من الخير، فتكون سبباً في شقائه.
● الدار: إذا كانت ضيقة، أو جيرانها أشرار، أو بعيدة عن المسجد والخير، فتشقى بها وتكون سبباً في همك وغمك.
فالمقصود أن الشؤم الحقيقي هو ما كان سبباً في صدك عن طاعة الله، أو حصول الشقاق والضرر المادي والمعنوي، وليس تشاؤماً بوهم لا حقيقة له.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- إبطال المعتقدات الجاهلية: الحديث يرسخ عقيدة التوحيد وينفي كل سبب وهمي لا حقيقة له في جلب الضر أو النفع، ويؤكد أن الأمر كله لله.
2- التفريق بين التوكل والأسباب: الأخذ بالأسباب الحسية المشروعة (كاجتناب المريض) لا ينافي التوكل، بل هو من التوكل. أما الاعتقاد بأنها تؤثر بذاتها فهو الشرك.
3- الحث على اختيار الصاحب والمسكن: الحديث يحث الرجل على اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين والخلق، التي تكون سبب بركة لا شؤم، واختيار الدار المناسبة التي تعينه على الطاعة.
4- النهي عن التطير والتشاؤم: يجب على المسلم أن يكون إيجابياً متفائلاً، متوكلاً على الله، ولا يلتفت لتشاؤم الجاهلية.
5- أن الشر الحقيقي هو ما يصد عن الله: أعظم الشؤم هو ما كان سبباً في المعصية والبعد عن الله تعالى، سواء كان من زوجة أو دار أو مال.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من الأحاديث التي ترد على القدرية والجبرية، فهو يقرر أن الله هو الفاعل الحقيقي، والأسباب لا تأثير لها بذاتها.
- بعض العلماء كالإمام أحمد بن حنبل يستحب أن يقول المسلم إذا تطير من شيء: «اللَّهُمَّ لاَ طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلاَ خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ» (أخرجه أحمد في المسند).
- الحديث يدل على أن الإسلام يريد للمسلم أن يعيش حياة مطمئنة، بعيدة عن الخرافات والأوهام التي تعكر صفو الحياة وتقيد حركته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ففي هذا الحديث إثبات الشؤم في ثلاث، وأكثر الروايات عن ابن عمر بلفظ: «إنْ كان الشؤم في شيء» وذهب أهل العلم إلى مذهبين:
أحدهما: أن الراوي رواه بالمعنى فوهم فيه لأنه جاء النهي عن الطيرة في الأحاديث الصحيحة
المتواترة، ويرد عليه أيضا حديث عائشة وسعد بن أبي وقاص.
والثاني: على فرض صحة هذه الرواية قالوا: فإن كانت لأحدكم دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بأن ينتقل عن الدار، ويطلق المرأة، ويبيع الفرس لئلا يقع في وهم الشؤم المحرمة.
وقيل: إن شؤم الدار ضيقُها وسوءُ جارها، وشؤم المرأة أن لا تلد، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها فالأفضل أن يفارقها.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 945 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 920 كنت ردف النبي على حمار يقال له عفير
- 921 ما رأينا من فزع وإن وجدناه لبحرا
- 922 قتل الكلب الاسود البهيم ذي النقطتين
- 923 اقتلوا الأسود البهيم من الكلاب
- 924 أمر رسول الله ﷺ بقتل الكلاب
- 925 أمر النبي بقتل الكلاب إلا كلب الصيد والماشية والحرث.
- 926 اقتلوها فابتدرناها لنقتلها فسبقتنا
- 927 أمر محرما بقتل حية بمنى.
- 928 إذا رأيتم في بيوتكم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام
- 929 أمر النبي ﷺ بقتل ذي الطفيتين لأنه يلتمس البصر ويصيب...
- 930 اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يطمسان البصر
- 931 نهى رسول الله ﷺ عن قتل الجنان التي في البيوت...
- 932 من ترك شيئا منهن خيفة فليس منا
- 933 من ترك الحيات خيفتهن فليس منا
- 934 من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا
- 935 شيطان يتبع شيطانة
- 936 الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم
- 937 الطيرة من الشرك
- 938 أقروا الطير على مكناتها
- 939 الطير تجري بقدر وكان يعجبه الفأل الحسن
- 940 رسول الله ﷺ كان يكره الطيرة ويبغضها
- 941 يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة
- 942 الشؤم في الفرس والمرأة والمسكن
- 943 إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس
- 944 إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس
- 945 لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
- 946 لا هامة ولا عدوى ولا طيرة
- 947 الطيرة على من تطير
- 948 الطيرة من الدار والمرأة والفرس
- 949 دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقل العدد وذهب المال
- 950 من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك
- 951 عقوبة من قال لأخيه يا كافر
- 952 لا ترم أخاك بالفسوق ولا بالكفر
- 953 ليس أحد أحب إليه المدح من الله
- 954 إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم...
- 955 إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان
- 956 الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب بالكذبة تحمل عنه حتى...
- 957 لا تكذبوا على أولادكم
- 958 ويل للذي يحدث القوم ثم يكذب ليضحكهم
- 959 لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما
- 960 الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته
- 961 الألد الخصم
- 962 من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة...
- 963 إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها
- 964 اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة
- 965 عاقبة الظلم
- 966 المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة
- 967 إملاء الله للظالمين
- 968 العنوان: قال رسول الله ﷺ: إن الرجل يصدق حتى يكتب...
- 969 العَضْهُ نَقْلُ الْحَدِيثِ لِإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ
معلومات عن حديث: لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
📜 حديث: لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








