حديث: لا هامة ولا عدوى ولا طيرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إنْ كانت الطيرة (الشؤم) ففي ثلاث

عن سعد بن مالك، أن رسول الله ﷺ كان يقول: «لا هامة ولا عدوى، ولا طيرة، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس، والمرأة، والدار».

حسن: رواه أبو داود (٣٩٢١)، واللفظ له، وأحمد (١٥٠٢)، وأبو يعلى (٧٦٦)، وصحّحه ابن حبان (٦١٢٧) كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك (أبي وقاص)، فذكره.

عن سعد بن مالك، أن رسول الله ﷺ كان يقول: «لا هامة ولا عدوى، ولا طيرة، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس، والمرأة، والدار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تزيل الوهم وتُقَوِّم العقيدة، وسأشرحه لك على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


* لا هامة: الهامَةُ (بفتح الهاء) هي طائر يُصادفُه الإنسان فيُتشاءم به. وقيل هي بمعنى "نَعْلَة" أي البومة، كانوا في الجاهلية إذا قُتِل رجلٌ وترك دماً لم يُدرَك ثأره، يزعمون أن روحه تصير طائراً يسمى "الهامة" تَصِيحُ ليلاً فتطلب ثأرها وتقول: "اسقوني اسقوني". فجاء النبي صلى الله عليه وسلم لينفي هذا الوهم والخرافة.
* ولا عدوى: العدوى هي انتقال المرض من المريض إلى السليم بمجرد المخالطة، وكانوا في الجاهلية يعتقدون أن المرض ينتقل بطبعه دون تقدير الله تعالى، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد الجبري.
* ملاحظة مهمة: هذا لا يعني إنكار الاحتراز من الأمراض المعدية، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ» (رواه البخاري). فالنفي هنا لنفي اعتقادهم أن العدوى تؤثر بذاتها دون مشيئة الله، أما الأسباب الظاهرة فأمرنا بالأخذ بها.
* ولا طيرة: الطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع، كالتشاؤم بلقاء أعور أو بعير أعْزَب، أو بصوت غراب. وهي من الشرك الأصغر كما ورد في الحديث.
* وإن تكن الطيرة في شيء: أي إن كان هناك شيء يُتَطَيَّرُ به ويتشاءم منه حقيقةً بسبب ما جُبِل عليه من الشر.
* ففي الفرس، والمرأة، والدار:
* الفرس: يُتَطَيَّرُ بالفرس إذا كان كسلاناً أو جباناً لا يُنتَظَر منه نصر في الحرب، أو إذا كان شِرِّساً لا يُستطاع ترويضه.
* المرأة: يُتَطَيَّرُ بها إذا كانت سيئة الخُلُق، تُؤذي زوجها وتشق عليه في معيشته، وتُفسد بيته.
* الدار: يُتَطَيَّرُ بها إذا كانت ضيقة، أو جيرانها سوء، أو بعيدة عن الخيرات، فيتطير ساكنها ويتشاءم منها.

ثانياً. شرح الحديث:


يُبَيِّنُ النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة أمور باطلة كانت منتشرة في الجاهلية، وينفيها نفياً قاطعاً:
1. نفي اعتقاد "الهامة" وما شابهها من الخرافات والأوهام التي لا حقيقة لها.
2. نفي اعتقاد "العدوى" بمعنى أن الأمراض تعدي بذاتها دون تقدير الله وقضائه، فهو ينفي التفويض والجبرية.
3. نفي "الطيرة" وهي التشاؤم بالمخلوقات، لأن ذلك ينافي كمال التوكل على الله ويوقع القلب في التعلّق بغير الله.
ثم بيَّن صلى الله عليه وسلم أن التشاؤم الحقيقي ليس بما يتوهمه الناس من الطيور والأصوات، بل إنما يكون من أمور حقيقية تضر الإنسان في دينه ودنياه، وهي:
* الفرس الرديء الذي يخذل صاحبه في الحرب.
* المرأة السيئة الخُلُق التي تعكّر صفو الحياة الزوجية وتُهلك مال زوجها وتُضيِّق عليه عيشه.
* الدار السيئة التي تكون سبباً في شقاء ساكنها ومصدراً للهموم.
فهذه أمور يتشاءم منها الإنسان لضررها الملموس، لا لمجرد وهم أو خرافة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تصحيح العقيدة: الحديث يرسخ عقيدة التوحيد وينفي كل أشكال الخرافات والأوهام التي تضعف التوكل على الله تعالى.
2- التحذير من التطير: التطير من الأمور المحرمة التي تُضعف القلب وتقيد الإنسان عن فعل الخير والسعي في مناكب الأرض.
3- الأخذ بالأسباب مع التوكل: لا ينفي الحديث الأسباب الحسية، كالاحتراز من الأمراض المعدية، بل ينهى عن الاعتقاد الفاسد بأنها تؤثر بذاتها.
4- الحث على اختيار الصالح: الحديث يحث المسلم على أن يختار الزوجة الصالحة، والمسكن المناسب، وكل ما يعينه على طاعة الله، ويحذره من كل ما يكون سبباً في شقائه وضرره.
5- التفاؤل والاستعاذة من التطير: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويستعيذ من التطير. فعلى المسلم أن يكون متفائلاً ويستعيذ بالله من شر ما يتشاءم منه.

رابعاً. معلومات إضافية:


* الفرق بين الفأل والطيرة: الفأل هو hearing الكلمة الطيبة أو رؤية ما يسُر فيتفاءل به خيراً، وهو محبوب. أما الطيرة فهي التشاؤم بمشهد أو صوت، وهي مذمومة.
* حكم الطيرة: محرمة وهي من الشرك الأصغر، لأنها تعلق القلب بغير الله.
* العلاج من التطير: قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لاَ يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلاَّ أَنْتَ، وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلاَّ أَنْتَ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُ
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٩٢١)، واللفظ له، وأحمد (١٥٠٢)، وأبو يعلى (٧٦٦)، وصحّحه ابن حبان (٦١٢٧) كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك (أبي وقاص)، فذكره.
زاد أحمد (١٥٥٤) وأبو يعلى: «إذا كان الطاعون بأرض فلا تهبطوا عليه، وإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تفروا منه».
وإسناده حسن من أجل الحضرمي بن لاحق قال عنه النسائي: «لا بأس به.
ومن هذا الطريق رواه أيضا الإمام أحمد (١٥٥٤) عن سعد بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا عدوى ولا طيرة ولا هام إن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 946 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا هامة ولا عدوى ولا طيرة

  • 📜 حديث: لا هامة ولا عدوى ولا طيرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا هامة ولا عدوى ولا طيرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا هامة ولا عدوى ولا طيرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا هامة ولا عدوى ولا طيرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب