حديث: الطيرة من الدار والمرأة والفرس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إنْ كانت الطيرة (الشؤم) ففي ثلاث

عن أبي حسان قال: دخل رجلان من بني عامر على عائشة فأخبراها أن أبا هريرة يحدث عن النبي ﷺ أنه قال: «الطيرة من الدار والمرأة والفرس»، فغضبت فطارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض، وقالت: والذي أنزل الفرقان على محمد ما قالها رسول الله ﷺ قط، إنما قال: «كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك».
وفي رواية: ثم قرأت عائشة ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي
كِتَابٍ﴾ [الحديد: ٢٢].

حسن: رواه أحمد (٢٦٠٣٤، ٢٦٠٨٨)، والحاكم (٢/ ٤٧٩) مختصرا، وعنه البيهقي (٨/ ١٤٠) من طريق قتادة، عن أبي حسان الأعرج، فذكره.

عن أبي حسان قال: دخل رجلان من بني عامر على عائشة فأخبراها أن أبا هريرة يحدث عن النبي ﷺ أنه قال: «الطيرة من الدار والمرأة والفرس»، فغضبت فطارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض، وقالت: والذي أنزل الفرقان على محمد ما قالها رسول الله ﷺ قط، إنما قال: «كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك».
وفي رواية: ثم قرأت عائشة ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي
كِتَابٍ﴾ [الحديد: ٢٢].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الشريف وفق منهج أهل السنة والجماعة:

الحديث باختصار:


يروي الحديث أن رجلين من بني عامر زارا السيدة عائشة -رضي الله عنها- وأخبراها أن أبا هريرة -رضي الله عنه- يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا يفيد أن التشاؤم (الطيرة) يكون من ثلاثة أشياء: الدار والمرأة والفرس. فغضبت السيدة عائشة غضبًا شديدًا وأنكرت ذلك، وأكدت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك، بل قال: "كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك"، ثم استشهدت بآية من القرآن الكريم.


1. شرح المفردات:


● الطيرة: التشاؤم بمرئي أو مسموع، وهو من أفعال الجاهلية المحرمة في الإسلام.
● من الدار: يعني التشاؤم بالسكنى في دار معينة أو شرائها.
● والمرأة: التشاؤم بالمرأة (كالتشاؤم باسمها أو خَلقها).
● والفرس: التشاؤم بالفرس (أي الدابة) ظنًا أنها تجلب سوء الحظ.
● غضبت فطارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض: كناية عن شدة غضبها وانفعالها العظيم لدرجة أن جسدها -كما في الوصف- كأنه تشقق من شدة الغضب.
● الفرقان: القرآن الكريم.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث يروي موقفًا وقع بين السيدة عائشة -رضي الله عنها- وبعض الصحابة حول رواية حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في موضوع "الطيرة". والطيرة من الأمور التي حاربها الإسلام لأنها تنافي التوكل على الله وتعلق القلب بغير الله.
● الرواية التي نقلها الرجلان عن أبي هريرة: تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن مصادر التشاؤم (الطيرة) هي الدار والمرأة والفرس. وهذا -لو صح- لكان معناه أن هذه الأمور مما يتشاءم منها الناس عادة، ولكنه لم يقر ذلك، بل بين واقع حال الناس في الجاهلية.
● رد السيدة عائشة: أنكرت بشدة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك بهذا اللفظ، وأكدت أن ما قاله صلى الله عليه وسلم هو: "كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك"، أي أنه أخبر عن فعل أهل الجاهلية وليس أنه أقر الطيرة أو جعلها من هذه الأمور. وهذا توضيح عظيم من أم المؤمنين لمعنى الحديث.
● استشهادها بالقرآن: ثم قرأت قوله تعالى:
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22]
وهذا تأكيد على أن كل شيء بقدر الله، ولا دخل للطيرة أو التشاؤم في تغيير القدر، فالأمر كله لله.


3. الدروس المستفادة:


1- تحريم الطيرة والتشاؤم: الطيرة محرمة في الإسلام وهي من الشرك الأصغر، لأنها تعلق القلب بغير الله.
2- الدقة في نقل الحديث: هذا الموقف يعلمنا حرص الصحابة -رضوان الله عليهم- على دقة نقل الحديث وعدم التحريف أو التغيير ولو بكلمة، لأن الكلمة قد تغير المعنى.
3- جرأة الصحابة في تصحيح الخطأ: موقف السيدة عائشة -رضي الله عنها- يظهر شجاعتها في إنكار الخطأ ولو صدر من صحابي جليل مثل أبي هريرة -رضي الله عنه-، وهذا من أجل الحفاظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
4- الرد على المخالف بالحكمة والبيان: لم تكتفِ السيدة عائشة بالإنكار فقط، بل بينت الصواب واستشهدت بالقرآن.
5- التوكل على الله واليقين بقضائه: الاستشهاد بالآية يؤكد أن كل شيء بقدر الله، فلا ينبغي للمسلم أن يتشاءم بل يتوكل على الله ويحتسب كل أمره له.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
- اختلف العلماء في التوفيق بين رواية أبي هريرة ورواية عائشة، والصحيح أن أبا هريرة -رضي الله عنه- أراد أن يبين أن هذه الأمور هي مما يتشاءم منها الناس غالبًا، ولم يقصد إقرار الطيرة، ولكن السيدة عائشة -رضي الله عنها- خشيت أن يفهم الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الطيرة فبينت المعنى الصحيح.
- الطيرة من الأمور التي كان عليها أهل الجاهلية، وقد جاء الإسلام لمحاربة هذه الخرافات وتحرير العقول من الأوهام.

أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يحفظنا من الشرك والبدع. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٦٠٣٤، ٢٦٠٨٨)، والحاكم (٢/ ٤٧٩) مختصرا، وعنه البيهقي (٨/ ١٤٠) من طريق قتادة، عن أبي حسان الأعرج، فذكره. واللفظ لأحمد.
وإسناده حسن من أجل أبي حسان الأعرج - وهو مسلم بن عبد الله البصري - فإنه صدوق. قال أحمد: «مستقيم الحديث أو مقارب الحديث»، وقال أبو زرعة: لا بأس به، ووثقه ابن معين.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
ومع حسن إسناده يُحمل هذا على أن أبا هريرة لم يحفظ أول حديث فإن النبي ﷺ كان يحدث عن أهل الجاهلية بأنهم كانوا يتطيرون في الدار والمرأة والفرس، فسمع آخر الحديث ولم يسمعْ أوله.
روي نحو هذا عن مكحول عن عائشة، رواه الطيالسي في مسنده (١٦٤١) إلا أن مكحولا لم يسمع من عائشة.
فإن الروايات المتواترة كلها تنفي الشؤم، وعائشة ممن أنكرت على أبي هريرة، فالخلاصة فيه أن الروايات المخالفة كلها شاذة أو منكرة.
ومن هذه الروايات ما رواه البزار (٩٦٦٠)، والطبراني في الأوسط (٩٤٧٣) من طريق الصباح بن محارب، حدثنا داود الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: «الشؤم في المرأة والدار والفرس».
وفي لفظ الطبراني: «إنْ كان الشؤم في شيء ...» وفي إسناده داود بن يزيد الأودي وهو ضعيف.
وفي معناه ما روي عن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «الشؤم في ثلاثة: في الدابة والمسكن والمرأة».
رواه أبو يعلى (٢٢٩) عن أبي هشام (هو الرفاعي) حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عبد الله بن بديل بن ورقاء، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر، فذكره.
وفي إسناده عبد الله بن بديل بن ورقاء وهو المكي، قال عنه ابن معين: صالح، وقال ابن عدي: له أحاديث مما تنكر عليه الزيادة في متنه أو إسناده، وقال الدارقطني: ضعيف. وقد تفرد بهذا الحديث عن الزهري المحدث المكثر المشهور.
وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ١٠٤): «رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح خلا عبد الله بن بديل بن ورقاء وهو ثقة، ولكن أبا هشام الرفاعي وهو شيخ أبي يعلى قال: إنه خطاء».
وكذلك لا يصح ما روي عن حكيم بن معاوية قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «لا شؤم، وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس».
رواه الترمذي (٢٨٢٤) عن علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر الطائي، عن معاوية بن حكيم، عن عمه حكيم بن معاوية، فذكره.
ومعاوية بن حكيم مجهول تفرد بالرواية عنه يحيى بن جابر الطائي.
ورواه ابن ماجه (١٩٩٣) من وجه آخر عن إسماعيل بن عياش وفيه: عن حكيم بن معاوية، عن
عمه مخمر بن معاوية، وهذا خطأ والصحيح أنه حكيم بن معاوية كما قال أبو حاتم. علل الحديث (٢٤٠٩).
وضعّفه أيضا الحافظ في الفتح (٦/ ٦٢) فقال: في إسناده ضعف مع مخالفته للأحاديث الصحيحة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 948 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الطيرة من الدار والمرأة والفرس

  • 📜 حديث: الطيرة من الدار والمرأة والفرس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الطيرة من الدار والمرأة والفرس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الطيرة من الدار والمرأة والفرس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الطيرة من الدار والمرأة والفرس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب