حديث: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كفارة من قال بالطيرة

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: «من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك» قالوا: يا رسول الله! ما كفارة ذلك؟ قال: «أن يقول أحدهم: اللهم! لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك».

حسن: رواه أحمد (٧٠٤٥) عن حسن، حدثنا ابن لهيعة، أخبرنا ابن هبيرة، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو قال: فذكره.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: «من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك» قالوا: يا رسول الله! ما كفارة ذلك؟ قال: «أن يقول أحدهم: اللهم! لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح خطر أمرٍ شائع بين الناس، وهو الطيرة أو التشاؤم. ودعونا نشرحه شرحاً وافياً على النحو التالي:

### أولاً. نص الحديث ومصدره
● رواه الإمام أحمد في مسنده، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
- عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ! لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ».

### ثانياً. شرح المفردات
1- رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ: أي منعته وصدته عن فعل شيءٍ كان ينوي فعله (كسفر أو تجارة أو زواج) بسبب تشاؤمه بشيء رآه أو سمعه.
2- الطِّيَرَةُ: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع، كالتشاؤم بالغراب أو البومة، أو برقم أو تاريخ معين. وكانوا في الجاهلية يتشاءمون بها، فجاء الإسلام ليبطل هذا الاعتقاد.
3- فَقَدْ أَشْرَكَ: أي وقع في نوع من الشرك الأصغر، لأنه اعتمد على غير الله، وجعل لهذه الأمور تأثيراً مستقلاً، مع أن المؤمن يعلم أن الخير والشر بيد الله وحده.
4- كفَّارَةُ ذَلِكَ: ما يُكفّر به هذا الذنب ويُمحى.
5- لا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ: "الطير" هنا بمعنى القدر والخير والشر الذي يقدره الله، وليس المقصود الطير بمعنى الحيوان. أي لا حظ ولا قدر إلا ما قدرته يا الله.

### ثالثاً. شرح الحديث
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من ترك حاجته أو تغيرت نيته بسبب التشاؤم (مثل أن يتشاءم من طائر أو صوت أو كلمة)، فإنه يكون قد وقع في إشراكٍ بالله، لأنه جعل لهذه الأشياء قوة وتأثيراً لم يجعلها الله لها، واعتمد عليها في تغيير قراره، مع أن المؤمن الحق يعلم أن الأمر كله لله، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
ولما سأل الصحابة رضي الله عنهم عن كفارة هذا الذنب، علمهم النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً عظيماً يجمع بين التوحيد والتفويض لله تعالى، وهو أن يقول العبد:
> اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
فيه إقرار بأن الخير كله من الله، وأن القدر كله بيده، وأنه لا معبود بحق سواه. وهذا الدعاء يمحو أثر تلك الوسوسة، ويعيد القلب إلى التوكل الصحيح على الله.

### رابعاً. الدروس المستفادة
1- الطيرة (التشاؤم) من الأمور المنهي عنها شرعاً، وهي من الشرك الأصغر إذا غيرت في فعل المرء.
2- التوكل على الله وحده هو سبيل النجاة، فلا يجوز للمسلم أن يعلق أفعاله بأمور وهمية لا أصل لها.
3- الدعاء والذكر علاج ناجع للوساوس والضعف الإيماني، فما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء إلا ليكون سلاحاً للمؤمن.
4- سؤال العلماء والاستفتاء من سنن الصحابة الكرام، فلما استشكلوا المعنى سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الكفارة.


خامساً:

معلومات إضافية
- الفرق بين الطيرة والفأل:
● الطيرة (التشاؤم) مذمومة.
● الفأل (التفاؤل) محبوب، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل.
- لا حرج في أن يترك الإنسان شيئاً لسبب حقيقي (كترك سفر بسبب عاصفة)، ولكن الحرج هو أن يتركه بسبب تشاؤم لا حقيقة له.
- من أصيب بهذه الوساوس فليكثر من قول: "اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك".

أسأل الله أن يعيذنا من الشرك كله ظاهره وباطنه، وأن يرزقنا التوكل عليه حق التوكل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٧٠٤٥) عن حسن، حدثنا ابن لهيعة، أخبرنا ابن هبيرة، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو قال: فذكره.
وابن لهيعة فيه كلام معروف ولكن رواه عبد الله بن وهب في جامعه من ثلاثة أسانيد أحدها (٦٥٨) عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن هبيرة بإسناده ولم يذكر لفظه وإنما أحال على لفظ فضالة بن عبيد الأنصاري كما يأتي وهو مختصر.
ولكن ساق ابن السني في عمل اليوم والليلة (٢٩٢) لفظه كاملا من هذا الوجه، وابن وهب ممن سمع ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، ولذا حسّن إسناده أهل العلم، وإنما الضعف في حديث ابن لهيعة
في غير رواية العبادلة عنه.
وروي من فضالة بن عبيد الأنصاري صاحب النبي ﷺ أنه قال: «من ردّتْه الطيرة فقد قارف الشركَ».
حسن: رواه ابن وهب في جامعه (٦٥٦) عن ابن لهيعة، عن عياش بن عباس، عن أبي الحصين، عن فضالة بن عبيد، فذكره موقوفا.
ورواه أيضا (٦٥٧) عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن فضالة بن عبيد مثله.
وهذا الموقوف إسناده حسن، وحكمه الرفع كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 950 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك

  • 📜 حديث: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب