حديث: من الكبر بطر الحق وغمط الناس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب اختيار اللباس الحسن

عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي ﷺ وكان رجلا جميلا، فقال: يا رسول اللَّه، إني رجل حُبِّبَ إليّ الجمالُ، وأعطيتُ منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحدٌ، إما قال: بشراك نعلي، وإما قال: بشسع نعلي، أفمن الكِبر ذلك؟ قال: «لا، ولكن الكبر من بطرَ الحق، وغمطَ الناسَ».

صحيح: رواه أبو داود (٤٠٩٢)، وصحّحه ابن حبان (٥٤٦٧)، والحاكم (٤/ ١٨١ - ١٨٢) كلهم من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي ﷺ وكان رجلا جميلا، فقال: يا رسول اللَّه، إني رجل حُبِّبَ إليّ الجمالُ، وأعطيتُ منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحدٌ، إما قال: بشراك نعلي، وإما قال: بشسع نعلي، أفمن الكِبر ذلك؟ قال: «لا، ولكن الكبر من بطرَ الحق، وغمطَ الناسَ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي ﷺ وكان رجلاً جميلاً، فقال: يا رسول اللَّه، إني رجل حُبِّبَ إليّ الجمالُ، وأعطيتُ منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحدٌ، إما قال: بشراك نعلي، وإما قال: بشسع نعلي، أفمن الكِبر ذلك؟ قال: «لا، ولكن الكبر من بطرَ الحق، وغمطَ الناسَ».
(رواه الإمام مسلم في صحيحه)


1. شرح المفردات:


● حُبِّبَ إليّ الجمالُ: أي جُعل محبوبًا لديّ وجعلت أُحبه.
● يفوقني أحدٌ: أي يزيد عليّ أو يكون أفضل مني.
● بشراك نعلي أو شسع نعلي: البُشراك والشِّساع هما السير الذي يُربط به النعل (الحذاء). والمقصود هنا التعبير عن الشيء التافه الحقير، أي أنه لا يحب أن يفضله أحد حتى في أصغر الأشياء.
● الكِبر: التكبر والتعاظم.
● بَطَرَ الحق: رده ودفعه تكبرًا واحتقارًا له.
● غمطَ الناسَ: احتقرهم وازدراهم.


2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن رجل وسيم جميل المظهر جاء إلى النبي ﷺ وهو قلق من شعوره الداخلي. كان هذا الرجل قد وهبه الله جمالاً في مظهره، وأحبه هو في نفسه، حتى وصل به الأمر إلى أنه لا يحب أن يسبقه أحد في أي شيء، حتى في أمور تافهة كرباط نعله (حذائه). فسأل النبي ﷺ: هل هذا الشعور من الكبر المحرم؟
فأجابه النبي ﷺ بالنفي القاطع: «لا»، أي أن هذا الشعور ليس هو الكبر المذموم في ذاته، بل هو غريزة إنسانية طبيعية.
ثم بين النبي ﷺ حقيقة الكبر الحقيقية التي يُذم عليها صاحبها، فقال: «ولكن الكبر من بطر الحق، وغمط الناس».
● بطر الحق: هو رفض الحق وعدم قبوله، سواء كان حقًا من الله كالأمر والنهي، أو حقًا من الخلق كالنصيحة أو الاعتراف بالفضل، بدافع الكبر والعناد.
● غمط الناس: هو احتقارهم وازدراؤهم والنظر إليهم بعين الدونية، وعدم إعطائهم حقوقهم أو تقديرهم.
فالكبر الحقيقي إذن هو تكبر القلب وعظمته، الذي يظهر في رفض الحق واحتقار الخلق.


3. الدروس المستفادة منه:


1- الفرق بين الغريزة والكبر: حب التميز والتفوق في أمور الدنيا كالجمال أو القوة أو المال غريزة فطرية، ما دامت لا تدفع صاحبها إلى احتقار الآخرين أو رفض الحق. وهي ليست كبرًا بمجرد وجودها في النفس.
2- حقيقة الكبر المحرم: الكبر المذموم شرعًا هو أمر قلبي يتعلق بالتعامل مع الحق والناس. فهو استكبار عن قبول الحق واحتقار للعباد.
3- حرص الصحابة على سلامة القلب: هذا الموقف يدل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على تطهير قلوبهم من أدنى أمراضها، وسؤال النبي ﷺ عن كل ما يخالج نفوسهم.
4- التواضع مع الله والناس: الحديث يوجه المسلم إلى أن يتواضع لله بقبوله للحق والانقياد له، وأن يتواضع للناس بإكرامهم وعدم احتقارهم.
5- جواز السؤال عن أمور النفس والقلب: من السنة أن يسأل المسلم العالم عما يجده في نفسه من وساوس أو مشاعر ليطمئن ويصحح مساره.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل عظيم في تعريف الكبر، وقد اعتمده العلماء في كتب العقائد والأخلاق.
- الكبر من كبائر الذنوب، وهو أول معصية عصي الله بها، حيث تكبر إبليس عن السجود لآدم عليه السلام.
- ينبغي للمسلم أن يجاهد نفسه ويحاسبها على احتقار الآخرين أو رفض النصيحة، فهذا من بذور الكبر.
- التواضع من أعظم صفات المؤمن، وقد مدح الله به عباده الصالحين، وكان نبينا ﷺ أشد الناس تواضعًا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٠٩٢)، وصحّحه ابن حبان (٥٤٦٧)، والحاكم (٤/ ١٨١ - ١٨٢) كلهم من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره. وإسناده صحيح.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
قوله: «ولكن الكبر من بطر الحق»: أي لكن الكبر كبرُ من بطر الحق، فأضمر كقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٧] أي لكن البر برُّ من آمن باللَّه.
وقوله: «غمط الناس» أي استخفّ الناس يقال: غَمِطَ بكسر الميم وفتحها. ذكره الخطابي.
وفي معناه ما رواه أبو ريحانة يقول: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لا يدخل شيء من الكبر الجنة». قال: فقال قائل: يا رسول اللَّه، إني أُحب أن أتجمل بسير سوطي، وشسع نعلي؟ فقال النبي ﷺ: «إن ذلك ليس بالكبر، إن اللَّه عز وجل جميل يحب الجمال، إنما الكبر من سفهَ الحق، وغمصَ الناس بعينيه».
رواه أحمد (١٧٢٠٦) عن أبي المغيرة قال: حدّثنا حريز، قال: سمعت سعد بن مرثد الرحبي، قال: سمعت عبد الرحمن بن حوشب، يحدث عن ثوبان بن شهر، قال: سمعت كريب بن أبرهة وهو جالس مع عبد الملك بدير المُرّان، وذكروا الكبر، فقال كريب: سمعت أبا ريحانة يقول: فذكره.
وعبد الرحمن بن حوشب، وشيخه ثوبان بن شهر مجهولان من رجال التعجيل، ولم يوثّقهما غير ابن حبان، واعتمده الهيثمي فقال في المجمع (٥/ ١٣٣): «رواه أحمد ورجاله ثقات».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 2 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من الكبر بطر الحق وغمط الناس

  • 📜 حديث: من الكبر بطر الحق وغمط الناس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من الكبر بطر الحق وغمط الناس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من الكبر بطر الحق وغمط الناس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من الكبر بطر الحق وغمط الناس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب