حديث: كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن الإسراف في الملابس
حسن: رواه النسائي (٢٥٦٠)، وابن ماجه (٣٦٠٥)، وأحمد (٦٦٩٥) كلهم من طريق يزيد بن هارون، أنا همام، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح فيه المنهج الوسط للأمة في التعامل مع النعم الدنيوية. وها هو الشرح المفصل له:
الحديث بلفظه:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني).
١. شرح المفردات:
* كُلُوا: الأمر بالأكل من الطيبات والحلال.
* وَتَصَدَّقُوا: الأمر بإنفاق المال في وجوه الخير والبر، وإعطاء الفقراء والمحتاجين.
* وَالبَسُوا: الأمر بلبس الثياب التي تستر الجسم وتزينه.
* إِسْرَافٍ: التجاوز للحد في الإنفاق، وهو صرف المال في غير فائدة حقيقية، أو تجاوز الحد المعقول في المباحات. وهو التبذير والإفراط.
* مَخِيلَةٍ: (بفتح الميم وكسر الخاء) وهي الكبر والخيلاء والتفاخر، بأن يفعل ذلك ليراه الناس فيتعاظم في نفوسهم وليتباهى به عليهم.
٢. شرح الحديث:
يجمع هذا الحديث بين إباحة التمتع بنعم الله تعالى والتحذير من آفتين تعترضان طريق هذا التمتع.
* جواز التمتع بالطيبات (كُلُوا... وَالْبَسُوا): يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الإسلام لا يدعو إلى الرهبانية أو حرمان النفس من اللذات المباحة، بل يحث على الأكل والشرب واللباس من الحلال الطيب، شكراً لله على نعمه. قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32].
* الأمر بالإنفاق (وَتَصَدَّقُوا): هذا أمر بالجمع بين حظ النفس وحظ الغير. فليس المطلوب أن تنفق كل ما لديك على نفسك، بل أن توازن بين حاجتك وحاجة المحتاجين من حولك. التصدق هو سبب لبركة المال ونمائه، وسبب لمحبة الله للنعمة على عبده.
* التحذير من الإسراف: وهو القيد الأول. فالأكل والشرب واللباس والإنفاق يجب أن يكون ضمن حدود الحاجة والمنفعة المعقولة، دون تجاوز إلى التبذير. الإسراف هو إضاعة للمال واستخفاف بالنعمة، وهو من صفات إبليس وأتباعه. قال تعالى: {وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141]. ومثال الإسراف: شراء ملابس فوق الحاجة لا تلبس، أو إعداد طعام كثير يُرمى، أو الإنفاق على الكماليات بأسعار باهظة دون داعٍ حقيقي.
* التحذير من المخيلة (الكبر والتفاخر): وهو القيد الثاني والأخطر، لأنه يتعلق بالقلب والنية. فحتى لو لم يكن هناك إسراف في المال، لكن قصد الشخص من أكله أو لبسه أو إنفاقه أن يتكبر على الناس ويُظهر التفوق عليهم، فإن هذا العمل يحرمه نيته الفاسدة. فالثوب نفسه قد يكون مباحاً، ولكن إذا قصد به الفخر والخيلاء أصبح مذموماً. النعمة يجب أن تذكر العبد بالمنعم (الله) لا أن تنسيه وتجعله يتعالى على الخلق.
٣. الدروس المستفادة منه:
1- الوسطية والاعتدال: هذا الحديث قاعدة عظيمة في منهج الإسلام الوسط، فهو يبيح التمتع بالحلال وينهى عن الإفراط والتفريط.
2- شكر نعم الله: أفضل شكر للنعمة هو استخدامها في طاعة الله، والاعتراف بأنها منه سبحانه، والإنفاق منها على المحتاجين.
3- تزكية النية: يُعلّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نصحح نياتنا في أبسط أمور حياتنا كالأكل واللباس، فلا يكون قصدنا الرياء أو الكبر.
4- التوازن بين الحقوق: يوازن الحديث بين حق النفس في التمتع بالطيبات، وحق المجتمع في المشاركة والتصدق.
5- ذم الإسراف: وهو تحذير واضح من ظاهرة الإسراف والتبذير التي تهدر الأموال وتُذهب البركة.
6- ذم الكبر والخيلاء: وهو مرض قلبي خطير يمحق الحسنات ويدمر العلاقات الاجتماعية.
٤. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث من "جوامع الكلم" التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في كلمات قليلة معاني كثيرة.
* يربط بعض العلماء بين هذا الحديث وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]، فالقوام هو الاعتدال والتوازن.
* المخيلة (الخيلاء) من الكبائر التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى، فقال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (متفق عليه).
نسأل الله أن يرزقنا القصد في الإنفاق، ويطهر قلوبنا من الكبر والخيل
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل الكلام في عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده.
وعلّقه البخاري في أول كتاب اللباس عن النبي ﷺ بصيغة الجزم.
وأتبعه بقول ابن عباس -معلقا أيضًا-: «كُلْ ما شئتَ، والبس ما شئتَ، ما أخطأتك اثنتان: سرف ومخيلة».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 12 من أصل 337 حديثاً له شرح
- 1 الكبر يمنع دخول الجنة
- 2 من الكبر بطر الحق وغمط الناس
- 3 لقد رأيت على رسول الله أحسن ما يكون من الحلل
- 4 ليُرَ أثر نعمة اللَّه عليك وكرامته
- 5 من أنعم الله عليه نعمة فإن الله يحب أن يرى...
- 6 ظهور اثر نعمة الله على العبد مستحب
- 7 إن الله إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى...
- 8 البذاذة من الإيمان
- 9 من ترك اللباس تواضعًا لله وهو يقدر عليه
- 10 عليه بردان له قد خلقا، قال: فنظر رسول الله ﷺ...
- 11 أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره
- 12 كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة
- 13 من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة...
- 14 أخرج النبي يده من أسفل الجبة لضيق كمها
- 15 أتى النبي عبد الله بن أبي بعد ما أدخل قبره
- 16 أحب الثياب إلى النبي ﷺ القميص
- 17 لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل...
- 18 البسوا من ثيابكم البيض فإنها من خير ثيابكم
- 19 عليكم بهذا البياض فليلبسه أحياؤكم وكفنوا فيه موتاكم
- 20 لم أر شيئًا قط أحسن منه
- 21 خرج النبي ﷺ عليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بياض...
- 22 رسول اللَّه ﷺ يخطب على بغلة وعليه برد أحمر
- 23 رسول الله ﷺ ينزل من المنبر لأجل الحسن والحسين
- 24 أحرقهما إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسهما
- 25 ما فعلت الريطة؟ فإنه لا بأس به للنساء
- 26 نهي النبي عن لبس القسي والمعصفر وتختم الذهب وقراءة القرآن...
- 27 وعليك السلام ورحمة الله
- 28 ما رأيت مثل ما يلقى المؤمنات لجلدها أشد خضرة من...
- 29 أُتي النبي بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة
- 30 الله هو الطبيب الحقيقي
- 31 صنعت لرسول الله بردة سوداء فلما عرق فيها وجد ريح...
- 32 كنت أمشي مع النبي ﷺ وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية
- 33 أخذ النبي البردة وكفن فيها
- 34 أهدى أبو جهم للنبي خميصة فشهد فيها الصلاة فكادت تفتنه
- 35 صلى النبي في خميصة لها أعلام فألهته عن صلاتي
- 36 كانت للنبي خميصة لها علم فتشاغل بها في الصلاة
- 37 صوم رجب كله وتحريم العلم في الثوب وميثرة الأرجوان
- 38 الحبرة أحب الثياب إلى النبي ﷺ
- 39 أدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة
- 40 سُجّي رسول الله ﷺ حين مات بثوب حبرة
- 41 صلى رسول الله في خميصة لها أعلام فألهته عن صلاته
- 42 غدُو بالغلام إلى النبي ﷺ ليحنكه
- 43 عبد الله بن عمر يصف أربع خصال رأها من فعل...
- 44 نعم كان النبي ﷺ يصلي في نعليه
- 45 استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل
- 46 نعل النبي ﷺ كان لها قبالان
- 47 عن عبد اللَّه بن عباس قال: كان لنعل رسول اللَّه...
- 48 عن أبي هريرة: كان لنعل رسول الله قبالان ولنعل أبي...
- 49 نعل النبي ﷺ كانت لها قبالان
- 50 نعل رسول الله ﷺ مخصوفة
معلومات عن حديث: كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة
📜 حديث: كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








