خلود لا موت لأهل الجنة والنار

حديث: خلود لا موت لأهل الجنة والنار

عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال في حديث طويل: «فإذا أدخل اللَّه أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، قال: أُتِي بالموت مُلَبّبًا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار، ثم يقال: يا أهل الجنة فيطّلِعون خائفين، ثم يقال: يا أهل النار فيطّلعون مستبشرين يرجون الشّفاعة، فيقال لأهل الجنة وأهل النار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون هؤلاء وهؤلاء: قد عرفناه، هو الموت الذي وُكِّل بنا، فيضجع فيذبح ذبحا على السُّور الذي بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود لا موت، ويا أهل النّار خلود لا موت».

حسن: رواه الترمذيّ (٢٥٥٧)، وابن خزيمة في التوحيد (١٥٠) كلاهما من طريق عبد العزيز بن محمد الدّراوردي، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تصور مشهدًا من مشاهد القيامة، فيه من العبر والعظات ما ينبغي للمسلم أن يتأمل فيه.

أولاً. شرح المفردات:

● مُلَبَّبًا: أي مُجَعَّدًا أو مُعَقَّدًا في صورة كبش، كأنه حيوان قد شُدَّ وقُيِّدَ للذبح.
● السُّور: الجدار أو الحاجز الفاصل بين الجنة والنار.
● يُطّلِعون: يرفعون رؤوسهم وينظرون.
● خائفين: خائفين من أن يكون هذا الأمر يعنيهم أو يمسهم بسوء.
● مستبشرين: فرحين، ظانين أن هذا المنادي جاءهم بالفرج والخلاص.
● يُرْجُونَ الشَّفَاعَة: يطمعون في شفاعة الشافعين لهم ليخرجوا من النار.
● يُضْجَعُ: يُسْقَط على الأرض استعدادًا للذبح.
● يُذْبَحُ ذَبْحًا: يُقتل قتلاً كما تذبح الشاة.

ثانيًا. شرح الحديث:

يصف النبي صلى الله عليه وسلم مشهدًا عظيمًا بعد انقضاء الحساب ودخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. فيأتي بالموت -الذي هو ملك من ملائكة الله- وقد جُعِلَ على صورة كبش (أي مُجسَّدًا في صورة محسوسة) ويُوقَف على الحاجز بين الجنة والنار.
ثم ينادي منادٍ:
● يا أهل الجنة: فينظر أهل الجنة من فوقهم (من أبواب الجنة أو من خلال السور) وهم في حالة خوف، لأنهم يعيشون في نعيم ويخافون أن يُسْلَبوه أو أن يصيبهم مكروه.
● يا أهل النار: فينظر أهل النار وهم فرحون مستبشرون، لأنهم يظنون أن هذا النداء جاء برحمة أو بشفاعة تخرجهم من العذاب.
ثم يُسأل الفريقان: هل تعرفون هذا؟ فيجيبون جميعًا: نعم، هذا هو الموت الذي كان مفروضًا علينا في الدنيا، والذي قبض أرواحنا.
ثم يُؤْمَر به فيُسْقَط على الأرض ويُذْبَح ذبحًا بين الجنة والنار. وبعد أن يُذبح، يُنادى:
● يا أهل الجنة، خلود فلا موت: أي أنتم ستبقون في نعيمكم أبدًا لا موت بعد اليوم لينقضه.
● يا أهل النار، خلود فلا موت: أي أنتم ستبقون في عذابكم أبدًا لا موت بعد اليوم لتستريحوا منه.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- حقيقة الموت: الموت ليس عدمًا محضًا، بل هو خلق من خلق الله، له وجود وحقيقة، ويقبض الأرواح بأمر الله.
2- انقطاع أمل أهل النار: هذه اللحظة هي نهاية كل رجاء لأهل النار، حيث يُذبح الموت ويُعلن أن العذاب أبدي لا انقطاع له. وهذا من أشد أنواع العذاب النفسي.
3- اطمئنان أهل الجنة: يؤكد لهم أن نعيمهم دائم لا زوال له، ولا ينغصه خوف من انقطاع.
4- العدل الإلهي: المشهد يجسّد عدل الله تعالى، فكما أن أهل الجنة خالدون في النعيم، فأهل النار خالدون في العذاب، ولا موت يقطع عنهم العذاب.
5- الحث على العمل للآخرة: هذا المشهد ينبغي أن يحرك في القلب الخوف من الله، والمسارعة إلى طاعته، والابتعاد عن معصيته، فالمصير إما إلى جنة خالدة أو نار خالدة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث صحيح، رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- الموت الذي يُذبح هو رمزية لفكرة انقطاع الموت إلى الأبد، وإعلان الخلود للفريقين.
- السور بين الجنة والنار مذكور في القرآن في سورة الحديد: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الحديد: 14]، وهذا السور هو الذي يحول بينهم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة، ويبعدنا عن النار وأهلها، وأن يوفقنا لفهم سنة نبيه والعمل بها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٢٥٥٧)، وابن خزيمة في التوحيد (١٥٠) كلاهما من طريق عبد العزيز بن محمد الدّراوردي، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد العزيز بن محمد الدراوردي فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف الثقات.
وقال الترمذيّ: «حسن صحيح».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 269 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خلود لا موت لأهل الجنة والنار

📜 حديث: خلود لا موت لأهل الجنة والنار

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: خلود لا موت لأهل الجنة والنار

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: خلود لا موت لأهل الجنة والنار

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: خلود لا موت لأهل الجنة والنار

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية