حديث: يُشفَّع الأذان ويُوتَر الإقامة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب بدء الأذان

عن أنس بن مالك قال: ذكروا النارَ والناقوس، فذكروا اليهودَ والنصارىَ، فأمر بلالا أن يشفع الأذان، وأن يُوتر الإقامة.

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٦٠٣)، ومسلم في الصلاة (٣٧٨) كلاهما من طريق عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذَّاء، عن أبي قلابة، عن أنس فذكره واللفظ للبخاري، وفي لفظ المسلم: وذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه، فذكروا أن يُنَوِّروا نارًا، أو يضربوا ناقوسًا.

عن أنس بن مالك قال: ذكروا النارَ والناقوس، فذكروا اليهودَ والنصارىَ، فأمر بلالا أن يشفع الأذان، وأن يُوتر الإقامة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "ذكروا النارَ والناقوس، فذكروا اليهودَ والنصارىَ، فأمر بلالا أن يشفع الأذان، وأن يُوتر الإقامة."
رواه البخاري في صحيحه.


1. شرح المفردات:


* ذكروا النار: أي تحدث الصحابة رضي الله عنهم عن نار المجوس أو غيرهم، التي كانوا يوقدونها للعبادة أو للإعلام بوقت الصلاة.
* والناقوس: هو الجرس الخشبي أو المعدني الذي كان تضربه النصارى في كنائسهم للإعلام بدخول وقت الصلاة.
* فذكروا اليهود والنصارى: أي أن هذا الحديث أدى إلى ذكر عادات اليهود في استخدام البوق أو النفخ في القرن (البوق) للإعلام بالصلاة، وعادات النصارى في استخدام الناقوس.
* أن يشفع الأذان: يشفع من الشفع، وهو الزوج. أي أن يكون الأذان مثنى مثنى، فيقول كل جملة مرتين. فالتثنية هي الشفع.
* أن يوتر الإقامة: يوتر من الوتر، وهو الفرد. أي أن تكون الإقامة فرادى، فيقول كل جملة مرة واحدة، إلا "قد قامت الصلاة" فتردد مرتين. فالإفراد هو الوتر.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن الصحابة كانوا في مجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا وسائل الإعلام بالصلاة عند الأمم الأخرى، فذكروا نار المجوس التي يوقدونها، وناقوس النصارى الذي يضربونه.
وكان المقصود من هذا الذكر هو البحث عن وسيلة مميزة للمسلمين للإعلام بدخول وقت الصلاة، تكون مغايرة لوسائل غير المسلمين، حتى لا تشبههم الأمة الإسلامية في عباداتها وشعائرها.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح رضي الله عنه، مؤذن الإسلام الأول، أن يجعل الأذان مثنى مثنى (أي يشفعه)، وأن يجعل الإقامة فرادى (أي يوترها)، ليكون هذا الصوت المميز – صوت الأذان – هو شعار الإسلام، وعلامة على دخول وقت الصلاة، بديلاً عن نار المجوس وناقوس النصارى.


3. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- مشروعية الأذان والإقامة: الحديث أصل في مشروعية الأذان والإقامة، وأنهما كانا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.
2- مخالفة الكفار: من أعظم الحكم في تشريع الأذان هو المخالفة لأهل الكتاب والمشركين في عباداتهم وشعائرهم. فالأمة الإسلامية مأمورة بالتميز في هويتها وشعائرها.
3- كمال الشريعة وسماحتها: الشريعة الإسلامية لم تأتِ بنسخ عادات الآخرين بلا بديل، بل أتت بالبديل الأمثل والأفضل؛ فبدل النار المدمرة والصوت المادي للناقوس، جاء بصوتٍ ندّيٍ جميل يملأ الآفاق بتكبير الله تعالى وتوحيده.
4- صيغة الأذان والإقامة: الحديث يدل على كيفيتها الشرعية الثابتة، وهي أن الأذان مثنى (كل جملة مرتين)، والإقامة مرة مرة (إفراد)، إلا "قد قامت الصلاة" فتردد مرتين. وهذه هي السنة في أدائهما.
5- الحكمة من التشريع: يبين الحديث أن كثيرًا من أحكام الإسلام شرعت لحكم عظيمة، قد تكون ظاهرة لنا وقد تكون خفية، ومنها مخالفة أهل الكفر.
6- الشورى والمبادرة للخير: يدل على أن الصحابة كانوا يفكرون في أمور دينهم ويبحثون عن الأفضل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستمع لهم ويأخذ برأيهم إذا كان صوابًا، ثم يقرره بالوحي أو بتوقيفه هو.


4. معلومات إضافية:


* السياق التاريخي: كان هذا الحديث بعد أن شرع الأذان في المدينة بعد الهجرة، حيث كان المسلمون قبل ذلك يجتمعون للصلاة بلا نداء معين، ثم بحثوا عن طريقة للإعلام بالوقت، فاهتدوا إلى مشروعية الأذان كما في روايات أخرى.
* فضل بلال رضي الله عنه: اختيار بلال خاصة للأمر بتنفيذ هذه الصيغة يدل على مكانته كمؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وثقته به.
* حكمة التغاير: الحكمة من جعل الأذان شفعًا والإقامة وترًا هي التغاير بين النداءين ليعلم الناس أن الأول (الأذان) هو الإعلام بالدخول في الوقت، والثاني (الإقامة) هو الإعلام بالشروع في الصلاة فعلًا.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأذان (٦٠٣)، ومسلم في الصلاة (٣٧٨) كلاهما من طريق عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذَّاء، عن أبي قلابة، عن أنس فذكره واللفظ للبخاري، وفي لفظ المسلم: وذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه، فذكروا أن يُنَوِّروا نارًا، أو يضربوا ناقوسًا. فأُمر بلال أن يشفع الأذان ويُوتر الإقامة.
وفي رواية: «أن يورُوا نارًا».
وقوله: «أن يوروا نارًا» أي يوقدوا ويشعلوا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 119 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يُشفَّع الأذان ويُوتَر الإقامة

  • 📜 حديث: يُشفَّع الأذان ويُوتَر الإقامة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يُشفَّع الأذان ويُوتَر الإقامة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يُشفَّع الأذان ويُوتَر الإقامة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يُشفَّع الأذان ويُوتَر الإقامة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب