حديث: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الأذان قبل الفجْرِ

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «إن بلالًا يؤذِّن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم»، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا يُنادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ.

متفق عليه: رواه مالك في الصلاة (١٤) عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر فذكر الحديث.

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «إن بلالًا يؤذِّن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم»، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا يُنادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو يوضح أحد الأحكام المتعلقة بعلامة دخول وقت صلاة الفجر وبداية الصيام.

أولاً. شرح المفردات:


* بلال: هو بلال بن رباح رضي الله عنه، مؤذن رسول الله ﷺ وأحد السابقين إلى الإسلام.
* يؤذِّن بليلٍ: أي يؤذن للفجر في وقت مبكر من الليل، قبل طلوع الفجر الصادق.
* ابن أم مكتوم: هو عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، وهو صحابي كريم كان أعمى، وكان مؤذناً أيضاً في عهد النبي ﷺ.
* لا يُنادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ: لأنه أعمى لا يبصر الضوء، فكان الناس ينبهونه إلى طلوع الفجر فيقولون له: "أصبحت" أي دخل وقت الصباح (الفجر).

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا النبي ﷺ أن مؤذنه بلالاً رضي الله عنه كان يؤذن لصلاة الفجر في وقت مبكر من الليل، قبل طلوع الفجر الحقيقي. وهذا الأذان كان بمثابة تنبيه للمسلمين أن وقت الفجر قد اقترب، ليتجهزوا للصلاة والصيام، وليس إعلاماً بدخول الوقت. لذلك أمر النبي ﷺ المسلمين بأنه يبقى مباحاً لهم الأكل والشرب حتى يسمعوا أذان عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، لأنه كان لا يؤذن إلا بعد أن يتأكد من طلوع الفجر الصادق ويُخبَر بذلك.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- بيان وقت بداية الصيام ونهايته: الحديث أصل عظيم في تحديد وقت الإمساك للصائم. فالإمساك يكون عند طلوع الفجر الصادق (الذي هو البياض المعترض في الأفق)، وليس عند سماع الأذان إذا كان قبل الوقت. فمن سمع أذاناً ولم يتحقق من طلوع الفجر، فلا يجب عليه الإمساك حتى يتيقن.
2- التيسير على الأمة ورفع الحرج: في الحديث تيسير كبير على الصائمين، حيث أباح لهم الأكل والشرب حتى يتحقق دخول الوقت، ولم يوجب عليهم الإمساك بمجرد سماع الأذان إذا كان قبل الوقت. وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة.
3- الفارق بين الأذان الأول (الترقب) وأذان الإعلام: كان في زمن النبي ﷺ أذانان للفجر:
* أذان بلال: وهو قبل الفجر، وكان الغرض منه إيقاظ النائم وتنبيه القائم ليتجهزوا ويُنهوا سحورهم.
* أذان ابن أم مكتوم: وهو بعد طلوع الفجر الصادق، وهو الإعلام الرسمي بدخول وقت الصلاة ووجوب الإمساك.
4- حكمة التشريع والعمل باليقين: لأن ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان أعمى، لم يكن يؤذن إلا بعد أن يخبره المبصرون الذين يثق بهم أن الفجر قد طلع. فهذا يعلمنا العمل باليقين والتحري في العبادات، وعدم الاعتماد على مجرد السماع إذا خالفه البينة واليقين.
5- مكانة أصحاب الهمم والعطاء في الإسلام: يشير الحديث إلى أن ابن أم مكتوم، رغم إعاقته، كان له دور عظيم ومهمة جليلة في المجتمع الإسلامي، وهي الأذان، مما يدل على أن الإسلام ينتفع بكل طاقة مهما كانت.
6- التنوع في المهام حسب القدرات: النبي ﷺ وزع المهام حسب ما يناسب كل شخص. فبلال كان يؤذن للتنبيه، وابن أم مكتوم كان يؤذن للإعلام، كلٌ في الوقت الذي يناسب حاله وقدرته.

رابعاً. التطبيق المعاصر:


في زماننا، يؤذن المؤذنون مرة واحدة عند طلوع الفجر الصادق. لذلك، يجب على الصائم أن يمسك بمجرد سماع الأذان، *إلا إذا علم يقيناً* أن هذا الأذان يُقال قبل الوقت (كما في بعض البلدان التي تعتمد التوقيتات التقويمية دون مراعاة الرؤية الفعلية). فمن كان يعلم أن الأذان في منطقته قبل الوقت، فله أن يأكل ويشرب حتى يتيقن من طلوع الفجر.
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، ويجعلنا من عباده الصالحين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الصلاة (١٤) عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر فذكر الحديث.
ورواه أيضًا (١٥) عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله مرسلًا.
قال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك في الإسناد الأول أنه موصول، وأما هذا فرواه يحيى وأكثر الرواة مرسلًا، ووصله القعنبي فقال: عن أبيه. انتهى.
قال الأعظمي: ومن طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي رواه البخاري في الأذان (٦١٧) كما رواه أيضًا (٦٢٠) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن عبد الله بن دينار به مثله.
وأما مسلم فرواه في الصوم (١٠٩٢) من أوجه عن ابن شهاب وغيره ولم يخرج من طريق مالك.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا البخاري في الأذان (٦٢٣) عن إسحاق، وفي الصوم (١٩١٨) عن عبيد بن إسماعيل - كلاهما عن أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله، وبهذا الإسناد أخرجه أيضًا من مسند عائشة الذي سيأتي.
وإسحاق هو: ابن راهويه على القول الراجح عند الحافظ ابن جحر.
تنبيه: حديث ابن عمر رواه الإمام أحمد (٥٤٢٤) عن عفان، حدثنا شعبة، قال: عبد الله بن دينار أخبرني قال: سمعتُ ابن عمر يقول: قال رسول الله ﷺ: إن بلالًا ينادي بليل - أو ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم«، هكذا رواه عفان عن شعبة على الشك، ورواه أبو داود الطيالسي عنه جازمًا بالأول، ورواه أبو الوليد عنه جازمًا بالثاني. ولشعبة فيه إسناد آخر فإنه رواه عن خبيب بن عبد الرحمن، عن عمته أنيسة على الشك أيضًا. وسيأتي حديثه، ولذا تجنب الشيخان رواية شعبة. هذا هو الصحيح من حديث ابن عمر.
وأما ما رواه حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: «أن بلالًا أذَّن بليلٍ فأمره النبي ﷺ أن ينادي: إن العبد نام«فهو ضعيف لم يثبت انظر: «المنة الكبرى (٢/ ٣٨٥) فقد رواه
أبو داود (٣٦٤)، والطحاوي (١/ ١٣٩)، والدارقطني (١/ ٢٤٤)، قال أبو داود: هذا الحديث لم يروه عن أيوب إِلَّا حمّاد بن سلمة، وقال الترمذيّ (١/ ٣٩٤)، «هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روي عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع، عن ابن عمر أن النَّبِيّ ﷺ قال: فذكر الحديث كما سبق، وقال: وروى عبد العزيز بن أبي روَّاد، عن نافع أن مؤذنا لعمر أذَّن بليل، فأمره عمر أن يُعيد الأذان، وهذا لا يصح أيضًا، لأنه عن نافع، عن عمر منقطع، ولعل حمّاد بن سلمة أراد هذا الحديث».
وقال: «والصحيح رواية عبد الله وغير واحد عن نافع عن ابن عمر، والزهريّ، عن سالم، عن ابن عمر أن النَّبِيّ ﷺ قال: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل».
وقال: «ولو كان حديث حمّاد صحيحًا لم يكن لهذا الحديث معنًى، إذ قال رسولُ الله ﷺ: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ» فإنما أمرهم فيما يستقبلُ، فقال: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ»، ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذَّن قبل طلوع الفجر لم يقل: إن بلالَّا يؤذِّن بليل«قال عليّ بن المديني: حديث حمّاد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ ﷺ غير محفوظ، وأخطأ فيه حمّاد بن سلمة». انتهى.
وروى البيهقيّ في «الكبري (١/ ٣٨٣) عن شيخه أبي عبد الله الحاكم، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: سمعت أبا بكر المطرز، يقول: سمعتُ محمد بن يحيى يقول: حديث حمّاد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن بلالًا أذَّن قبل طلوع الفجر شاذ غير واقع على القلب، وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر».
وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا شعيب بن حرب، قال: قلت لمالك بن أنس: إن الصبح ينادي لها قبل الفجر فقال: قال رسول الله ﷺ «إن بلالًا يؤذن بليلٍ فكلوا واشربوا» قلت: أليس قد أمره النَّبِيّ ﷺ أن يعيد الأذان؟ قال: لا، لم يزل الأذان عندنا بليلٍ، وقال ابن بكير: قال مالك: لم يزل الصبح ينادي بها قبل الفجر، فأما غيرها من الصّلاة فإنا لم نر ينادي لها إِلَّا بعد أن يحل وقتها».
»نصب الراية (١/ ٢٨٥).
قال الترمذيّ: «وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل، فقال بعض أهل العلم: إذا أذَّن المؤذِّن بالليلِ أجزأه، ولا يعبده، وهو قول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: إذا أذَّن بليلٍ أعاد. وبه قال سفيان الثوري». انتهى.
وممن ذهب إلى أن الأذان قبل الفجر لا يجوز: أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأحسن ما استدل له حديث حمّاد بن سلمة، وقد عرفت أنه لا يصح، ومن أدلته ما رواه أبو داود (٥٣٤) قال: حَدَّثَنَا زهير بن حرب، حَدَّثَنَا وكيع، حَدَّثَنَا جعفر بن بُرقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال أن رسول الله ﷺ قال له: «لا تؤذِّن حتَّى يستبين لك الفجر هكذا» ومدَّ يديه عرضًا.
قال أبو داود: شداد مولى عياض لم يدرك بلالًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 137 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم

  • 📜 حديث: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب