حديث: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جواز البكاء على الميت وإظهار الحزن عليه

عن جابر بن عَتيك أن رسول الله ﷺ جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غُلب عليه، فصاح به، فلم يُجبه، فاسترجع رسول الله ﷺ وقال: «غُلبنا عليك يا أبا الربيع» فصاح النسوةُ ويبكين، فجعل جابر يسكتهنَّ، فقال رسول الله ﷺ: «دعهن، فإذا وجب، فلا تَبْكِيَنَّ باكية» قالوا: يا رسول الله! وما الوجوب؟ قال: «إذا مات» فقالت ابنتُه: والله إن كنتُ لأرجو أن تكون شهيدًا، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله قد أوقع أجره على قدر نيِته. وما تعدون الشهادة؟» قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله ﷺ: «الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنْب شهيد، والمبطون شهيد، والحَرِقُ شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمْعٍ شهيد».

حسن: رواه أبو داود (٣١١١)، والنسائي (١٨٤٦) كلاهما من طريق مالك (وهو في الموطأ - الجنائز- ٣٦) عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث، وهو جد عبد الله بن عبد الله بن جابر أبو أمه، أنه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره فذكره.

عن جابر بن عَتيك أن رسول الله ﷺ جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غُلب عليه، فصاح به، فلم يُجبه، فاسترجع رسول الله ﷺ وقال: «غُلبنا عليك يا أبا الربيع» فصاح النسوةُ ويبكين، فجعل جابر يسكتهنَّ، فقال رسول الله ﷺ: «دعهن، فإذا وجب، فلا تَبْكِيَنَّ باكية» قالوا: يا رسول الله! وما الوجوب؟ قال: «إذا مات» فقالت ابنتُه: والله إن كنتُ لأرجو أن تكون شهيدًا، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله قد أوقع أجره على قدر نيِته. وما تعدون الشهادة؟» قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله ﷺ: «الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنْب شهيد، والمبطون شهيد، والحَرِقُ شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمْعٍ شهيد».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده ودروسه.

الحديث بلفظ آخر واضح:


عن جابر بن عَتِيك رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَتَى يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ (أي اشتد به المرض وغلب على وعيه)، فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون)، وَقَالَ: «غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ». فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَلَ جَابِرٌ يَسْكِتُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ، فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا الْوُجُوبُ؟ قَالَ: «إِذَا مَاتَ». فَقَالَتِ ابْنَتُهُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا، فَإِنَّكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جِهَازَكَ (أي أعددت عدتك للجهاد)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ. وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟» قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ».
رواه أبو داود والنسائي وأحمد، وصححه الألباني.


1. شرح المفردات:


● غُلِبَ عَلَيْهِ: اشتد به المرض حتى غاب وعيه.
● اسْتَرْجَعَ: قال "إنا لله وإنا إليه راجعون" عند المصيبة.
● وَجَبَ: سقط ومات. ويقال "وجب" للشيء إذا سقط، ويُقصد به هنا خروج الروح.
● بِجُمْعٍ: قال الشراح: هي التي تموت وفي بطنها ولد (حامل)، أو التي تموت بسبب الولادة.
● ذَاتِ الْجَنْبِ: مرض شديد يصيب جانب الإنسان، وهو ما يعرف اليوم بالتهاب الغشاء المحيط بالرئتين (الجنب).
● الْمَبْطُونُ: الذي يموت بسبب مرض في بطنه، كالإسهال أو التيفوئيد.
● الْمَطْعُونُ: الذي يموت بالطاعون، وهو وباء معدي.


2. شرح الحديث:


يحكي لنا الصحابي جابر بن عتيك رضي الله عنه قصة زيارة النبي ﷺ لصحابي مريض هو عبد الله بن ثابت، الذي كان في حالة احتضار وقد غلب عليه المرض حتى لم يستطع الرد على النبي ﷺ. فحزن النبي ﷺ وقال: "غلبنا عليك يا أبا الربيع"، أي انتصر الموت علينا فأخذك منا.
ثم بدأ النساء يبكين، فجعل جابر بن عتيك يسكتهن، لكن النبي ﷺ أرشده إلى تركهن يبكين في هذه اللحظات، لكنه نهاهن عن البكاء بعد خروج الروح (الوجوب)، لأن النياحة بعد الموت من الأمور المنهي عنها.
ثم بينت ابنة الرجل سبب أملها في أن يكون والدها شهيدًا، لأنه كان قد أعد عدته للجهاد في سبيل الله، فأخبرها النبي ﷺ بأن أجر الإنسان يكون على قدر نيته، فمن نوى الجهاد وأعد له لكن حال بينه وبينه الموت، فإن الله يكتب له أجر المجاهد.
ثم سألهم النبي ﷺ عن مفهوم الشهادة عندهم، فأجابوا بأنها القتل في سبيل الله، فبين لهم ﷺ أن الشهادة لا تقتصر على ذلك، بل هناك أنواع أخرى من الموت يعد صاحبها شهيدًا ويأخذ أجر الشهيد.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل عيادة المريض: زيارة النبي ﷺ لعبد الله بن ثابت تدل على فضل عيادة المريض ومواساته وأهله.
2- التسليم بقضاء الله: قول النبي ﷺ "إنا لله وإنا إليه راجعون" عند رؤية المصيبة يعلمنا الاسترجاع عند المصائب.
3- النهي عن النياحة على الميت: النهي عن البكاء بصياح وندب بعد خروج الروح، أما البكاء بدون نياحة فجائز.
4- قاعدة "إنما الأعمال بالنيات": تأكيد النبي ﷺ على أن الأجر على قدر النية، فمن نوى الخير وعجز عنه، كتب الله له أجر ما نوى.
5- توسيع مفهوم الشهادة: بيان أن الشهادة لا تقت
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣١١١)، والنسائي (١٨٤٦) كلاهما من طريق مالك (وهو في الموطأ - الجنائز- ٣٦) عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث، وهو جد عبد الله بن عبد الله بن جابر أبو أمه، أنه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره فذكره.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (٢٣٧٥٣) من طريق مالك إلا أنه اختصره.
وصحَّحه ابن حبان (٣١٨٩)، والحاكم (١/ ٣٥١ - ٣٥٢) وروياه من طريق مالك. قال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، رواته مدنيون قرشيون ....».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل عتيك بن الحارث وهو ابن عتيك بن قيس بن هيشة المعاوي الأوسي الأنصاري من أهل المدينة، يروي عن جابر بن عتيك وجماعة من الصحابة، روى عنه عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عنك والناس كذا في ثقات ابن حبان (٥/ ٢٨٦) وهو وإن لم أقف على من وثَّقه ولكن كونه من رواة مالك في الموطأ اكتسب قوة، لأن مالكًا كان أدرى الناس بأهل المدينة.
وأما من اضطرب في رواية هذا الحديث فلا يضر من أقامه.
فقد رواه ابن ماجه (٢٨٠٣) من وجه آخر عن أبي العُميس، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن أبيه، عن جده، أنه مرض، فأتاه النبي ﷺ يعوده، فقال قائل من أهله إن كنا لنرجو أن تكون وفاته قتلَ شهادة في سبيل الله ... فأخطأ في الإسناد.
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (١٩/ ٢٠٦): «هكذا يقول أبو العُميس في إسناد هذا الحديث، والصواب ما قاله مالك فيه، ولم يُقِمْه أبو العميس».
قولها: «قد قضيت جهازَك» أي قد أعددت ما تحتاج إليه في سفرك للغزو، أو رحيلك إلى الآخرة من عُدة أو عمل صالح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 225 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله

  • 📜 حديث: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب