حديث: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب حزن النبي ﷺ على موت ابنه إبراهيم
وعد صادق وموعود جامع، وأن الآخر تابع للأول، لوجدنا عليك يا إبراهيم أفضلَ مما وجدنا، وإنا بك لمحزونون».
حسن: رواه ابن ماجه (١٥٨٩) حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن سُلَيم، عن ابن خُثَيْم، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، عن الصحابية الجليلة أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، يحمل في طياته موقفاً عظيماً يجمع بين الفطرة الإنسانية والإيمان الراسخ، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً إن شاء الله.
أولاً. شرح المفردات:
● توفي: مات وانتقل إلى رحمة الله.
● المعزي: من يعزّي المصاب ويواسيه ويذكر له ما يخفف حزنه.
● عظّم الله حقّه: أي أنت أعلم الناس بحق الله تعالى وأكثرهم تعظيماً له.
● تدمع العين: تسيل دموعها حزناً.
● يُسخط الرب: يقول قولاً يغضب الله تعالى.
● وعد صادق: أي الوعد الحق من الله بالبعث واللقاء.
● موعود جامع: يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين.
● الآخر تابع للأول: أي أن من مات بعد سيبعث ويتبع من مات قبله.
● لوجدنا عليك: لوجدنا من الحزن والأسى عليك.
● محزونون: حزانى، مغمومون.
ثانياً. شرح الحديث:
يصف هذا الحديث الموقف المؤثر عند وفاة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية رضي الله عنها. فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم حزناً على فراق ولده، مما أثار دهشة من حضر من الصحابة، إذ كيف يبكي وهو النبي الذي يدعو إلى الصبر والرضا بقضاء الله؟
فبادر أحد الخليفتين الراشدين (أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما) يعزيه قائلاً: "أنت أحق من عظّم الله حقّه"، أي أنت أعلم الناس بالله وأعلم بأن البكاء على الميت قد يكون منافياً للصبر والرضا بقضاء الله وقدره.
فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم رداً يوضح التوازن العجيب بين الفطرة البشرية والإيمان، فقال:
● "تدمع العين": هذا أمر فطري لا مفر منه، فالعين تذرف الدمع حزناً على الفراق.
● "ويحزن القلب": وهذا أيضاً شعور قلبي طبيعي يحدث عند فقد الأحبة.
● "ولا نقول ما يُسخط الرب": لكن مع هذا الحزن الفطري، نحن نضبط ألسنتنا فلا نتفوه بما يعبر عن السخط على قضاء الله أو الاعتراض على قدره، كالنياحة أو قول "وا مصيبتاه" أو ما شابه ذلك من كلمات الجاهلية.
ثم بيّن سبب هذا الرضا والتسليم، فقال:
● "لولا أنه وعد صادق": أي لولا أن الله قد وعدنا بالبعث بعد الموت، وهذا وعد حق لا ريب فيه.
● "وموعود جامع": وأن هذا اليوم (يوم القيامة) هو موعد سنجتمع فيه جميعاً.
● "وأن الآخر تابع للأول": وأن من مات بعدنا سيلحق بنا، ونحن سنلحق بمن مات قبلنا، فالكل ذاهب إلى هذا المصير.
ثم خاطب ابنه الراحل قائلاً:
● "لوجدنا عليك يا إبراهيم أفضل مما وجدنا": أي لو لم يكن هناك هذا الرجاء في اللقاء مرة أخرى في الجنة، واليقين بالبعث، لكان حزننا عليك أشد وأعظم مما هو عليه الآن.
● "وإنا بك لمحزونون": ولكن مع هذا كله، فنحن لا نزال نحزن عليك فراقاً، فهذا من طبيعة البشر.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- البكاء على الميت ليس منافياً للصبر: فالصبر هو حبس النفس عن التسخط والاعتراض، وليس منعها من إظهار المشاعر الفطرية. وهذا منهج وسط بين الإفراط (النياحة والجزع) والتفريط (قسوة القلب وعدم التأثر).
2- الفصل بين مشاعر القلب وكلام اللسان: يجوز للحزن أن يملأ القلب وتذرف له العين، ولكن يجب ضبط اللسان عن قول ما يغضب الله.
3- الإيمان بالآخرة هو مصدر العزاء الحقيقي: يقين المؤمن بالبعث واللقاء في جنة الله هو الذي يخفف مصابه ويهون عليه فراق أحبته.
4- عظم حق الله تعالى: يتجلى في الرضا بقضائه وقدره، حتى في أحلك اللحظات وأصعبها.
5- القدوة العملية من النبي صلى الله عليه وسلم: فهو يعلمنا كيف نتعامل مع المصائب، فلا نكبت مشاعرنا完全اً، ولا نطلق لها العنان完全اً، بل نحتويها بإطار الإيمان والرضا.
6- حسن العزاء: ينبغي للمعزّي أن يكون رفيقاً حكيماً، يذكر المصاب بما يخفف عنه ويصرفه إلى ما يرضي الله، كما فعل الصديق أو الفاروق رضي الله عنهما.
رابعاً. معلومات إضافية:
- توفي إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وهو رضيع في المدينة المنورة، وقيل كان عمره حوالي سنة ونصف أو أكثر قليلاً.
- هذا الحديث أصل كبير في باب الصبر على المصيبة والفرق بين البكاء الذي هو من الرحمة وبين النياحة المحرمة.
- يستحب عند المصيبة الاسترجاع، أي قول "إنا لله وإنا إليه راجعون"، والدعاء للميت بالمغفرة والرحمة.
أسأل الله أن يرزقنا حسن الصبر واليقين، وأن يجمعنا بأحبابنا في جنات النعيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل الكلام في شهر بن حوشب غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف. وقد حسّنه أيضا البوصيري.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 229 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 204 لا تُصلي الملائكة على نائحة ولا على مرنَّة
- 205 الميت يعذب في قبره بما نيح عليه
- 206 من نيح عليه يعذب بما نيح عليه
- 207 الميت يعذَّب ببكاء أهله عليه
- 208 الميت يعذب ببكاء الحي
- 209 الميت يُعذب ببكاء الحي إذا قالوا: وا عضداه وا كاسياه
- 210 الميت يعذَّبُ بما نيح عليه
- 211 الميت يعذب ببكاء أهله
- 212 الميت يعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه
- 213 مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه
- 214 إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه
- 215 الميت يعذب بسبب بكاء اهله عليه
- 216 لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع
- 217 إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل...
- 218 إن الله لا يعذب بدمع العين، وبحزن القلب
- 219 النبي جلس يعرف فيه الحزن عند قتل ابن حارثة وجعفر...
- 220 قنت رسول الله شهرًا حين قُتل القراء
- 221 هل منكم رجل لم يقارف الليلة؟
- 222 يا أبتاه أجاب ربًا دعاه
- 223 عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا بُنَيَّةُ إِنَّهُ...
- 224 ليس لصارخ حظ، القلب يحزن والعين تدمع
- 225 الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله
- 226 رسول الله يامر النساء بعدم البكاء على الموتى
- 227 المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من...
- 228 العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
- 229 تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
- 230 انكساف الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا لموت أحد
- 231 اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم
- 232 التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن
- 233 الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة
- 234 توفي النبي ﷺ وسجي ببرد حبرة
- 235 أبو بكر يدخل على النبي ﷺ مسجى في بردة حبرة
- 236 عثمان بن مظعون جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير
- 237 من غسل ميتًا فكتم عليه غفر له أربعين مرة
- 238 من غسل ميتًا فستره ستره الله من الذنوب
- 239 اغسلوا النبي وعليه ثيابه
- 240 وا رأساه بل أنا يا عائشة
- 241 وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيئتك ودفنتك
- 242 اغسِلْنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك
- 243 ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها
- 244 ضفرنا شعر بنت النبي ﷺ ثلاثة قرون
- 245 اغسلنها وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا
- 246 اغسِلْنَها بالسِدر وترًا ثلاثًا أو خمسًا
- 247 غسل الميت ثلاثا او خمسا او اكثر
- 248 ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة
- 249 كفنالنبي ﷺ في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص...
- 250 كفن رسول الله ﷺ في ثلاث رباط بيض سحولية
- 251 كفن رسول الله حمزة في نمرة في ثوب واحد
- 252 امرأة تسعى حتى كادت أن تشرِف على القتلى
- 253 يكفن في ثوب حبرة
معلومات عن حديث: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
📜 حديث: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








