من كل حائط بقنو للمساكين

حديث: من كل حائط بقنو للمساكين

عن عبد الله بن عمر، أنَّ رسول الله ﷺ أمر من كلّ حائط بقنو للمسجد.

صحيح: رواه ابن خزيمة (٢٤٦٦)، وابن حبَّان (٣٢٨٨)، والحاكم (١/ ٤١٧) كلّهم من حديث سعيد بن أبي مريم، عن الدّراورديّ، عن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عبد الله بن عمر، أنَّ رسول الله ﷺ أمر من كلّ حائط بقنو للمسجد.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
الحديث الذي تطلب شرحه هو:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَر مِن كلِّ حائطٍ بقَنوٍ للمسجدِ".
(رواه الإمام مالك في الموطأ، والإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني).

الشرح الوافي للحديث:

# 1. شرح المفردات:

* حائط: (جمعها: حيطان) هي البستان أو المزرعة التي فيها النخيل والأشجار المثمرة، ويحيط بها سور. والمقصود هنا مزارع النخيل الخاصة بأهل المدينة.
* قنو: (جمعها: قنوان) هو العذق أو العرجون الذي يحمل الشمراخ (أي الغصن الذي عليه البلح أو التمر)، ويُعلق في سقف المسجد. فهو غصن من النخلة عليه ثمره.
* للمسجد: المقصود به هنا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحاب البساتين والمزارع (حائط) في المدينة المنورة أن يقدموا تبرعاً طوعياً من ثمارهم، وذلك بأن يقطعوا غصناً عليه تمر (قنو) من كل بستان، ويُعلَّق في سقف مسجده الشريف.
كان الهدف من هذا الأمر النبوي الكريم أن يتخذ المسجد مكاناً لتوزيع الصدقات، فيأكل منه الفقراء والمساكين وابن السبيل من المارة والوافدين على المسجد، فيشبع ويقوى على العبادة، ويكون ذلك عوناً لهم على طاعة الله.

# 3. الدروس المستفادة منه:

هذا الحديث العظيم يحمل في طياته العديد من الفوائد والعبر:
* الاهتمام بشؤون المسلمين المعيشية: يظهر حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تلبية الحاجات الأساسية للمسلمين، ومنها الطعام، وربط ذلك بالمسجد كمؤسسة شاملة لجميع مناحي الحياة، وليس للصلاة والعبادة فقط.
* تشجيع الصدقة والعطاء: أمر النبي صلى الله عليه وسلم كان تشجيعاً لأصحاب الأموال والثمار على البذل والعطاء للفقراء، وتنمية روح التكافل الاجتماعي بين المسلمين.
* التيسير وعدم المشقة: لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج كل الثمرة أو جزء كبير منها، بل أمر بـ "قنو" من كل بستان، وهو شيء يسير لا يضر صاحب البستان، ولكنه يعود بفائدة كبيرة على المجتمع عندما يتبرع الجميع.
* الحكمة في طريقة جمع الصدقة: تعليق القنوان في المسجد كان طريقة عملية ذكية، حيث يصبح الطعام ظاهراً للجميع، فيأكل منه المحتاج دون أن يضطر إلى سؤال أو إحراج، فهو صدقة معلقة.
* مكانة المسجد في الإسلام: المسجد هو قلب المجتمع المسلم، وهو المكان الأنسب لجمع الصدقات وتوزيعها على المستحقين.
* السعي في تحقيق التكافل: على ولاة الأمر وأهل الخير أن يبحثوا عن الطرق المبتكرة التي تشجع على الصدقة وتجعل وصولها إلى المحتاجين سهلاً وميسراً.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الأمر النبوي كان خاصاً بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت، وليس حكماً عاماً لازماً في كل زمان ومكان، ولكنه يبقى سنة وسيرة نبوية ندب إليها صلى الله عليه وسلم.
* الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على جواز تعليق الصدقة في المسجد وتوزيعها منه، وأن المسجد يمكن أن يكون مركزاً للخدمات الاجتماعية.
* يعد هذا الحديث من أوائل أشكال التكافل الاجتماعي المنظم في التاريخ الإسلامي.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الفقه في دينه والعمل بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن خزيمة (٢٤٦٦)، وابن حبَّان (٣٢٨٨)، والحاكم (١/ ٤١٧) كلّهم من حديث سعيد بن أبي مريم، عن الدّراورديّ، عن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وقرن ابن خزيمة وابن حبَّان عبد الله بأخيه عبيد الله.
وقال ابن حبَّان: «عبد الله هذا: هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب من عُبَّاد أهل المدينة، قد غلب عليه التَّقشف والعبادة حتّى كان يقلب الأخبار ولا يعلم، فلمّا كثر ذلك منه في أخباره بطل الاحتجاج بآثاره واعتمادنا في هذا الخبر على أخيه عبيد الله دونه». انتهى.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
وأورده الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٧٧) وعزاه إلى الطبرانيّ في الأوسط وقال: رجاله رجال الصَّحيح.
والقنا: كالقنو وهو العذق بما فيه من الرطب.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 230 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كل حائط بقنو للمساكين

📜 حديث: من كل حائط بقنو للمساكين

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من كل حائط بقنو للمساكين

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من كل حائط بقنو للمساكين

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من كل حائط بقنو للمساكين

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية