حديث: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فيمن استقاء عمدًا

عن أبي هريرة، أنّ النبيّ ﷺ قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقضِ».

حسن: وله طريقان عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.

عن أبي هريرة، أنّ النبيّ ﷺ قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقضِ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأشرح لكم هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبيّ ﷺ قال: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ».
(رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني)


١. شرح المفردات:


● ذَرَعَهُ: غلبه وقهره فخرج من غير اختياره.
● الْقَيْءُ: ما يخرج من المعدة عن طريق الفم.
● فليس عليه قضاء: لا يجب عليه أن يعيد الصيام.
● اسْتَقَاءَ عمدًا: تعمد إخراج القيء بفعله وإرادته.
● فليقضِ: فليصم يومًا مكانه.


٢. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حكمين مهمين يتعلقان بالصائم إذا تقيأ:
أولاً: من ذرعه القيء (أي غلبه وخرج بغير اختياره):
فهذا لا يؤثر على صيامه، وصومه صحيح، ولا يجب عليه قضاء ذلك اليوم. وذلك لأن خروج القيء كان بغير إرادته، فهو معذور، والله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
ثانياً: من استقاء عمداً (أي تعمد إخراج القيء بفعله):
فهذا قد أفطر بفعله المتعمد، ويجب عليه قضاء ذلك اليوم. وذلك لأن التعمد في إخراج القيء يشبه الأكل والشرب عمدًا، فهو مفطر لأنه أزال شيئًا من جوفه باختياره.


٣. الدروس المستفادة منه:


١- يَسْرُ الشريعة الإسلامية ورحمتها: حيث راعت الظروف الطارئة التي لا اختيار للعبد فيها، كالقيء غير المتعمد، فلم توجب عليه القضاء تخفيفًا عنه.
٢- الفعل المتعمد يترتب عليه الإثم والواجب: التعمد في الإفطار أثناء الصيام يبطل الصوم ويوجب القضاء، مما يدل على أهمية النية واحترام حرمة الصوم.
٣- ضبط الأعمال بالنيات والاختيار: العبرة في التكليف بالنية والاختيار، فما كان بغير إرادة العبد فلا مؤاخذة عليه، وما كان باختياره فهو محاسب عليه.
٤- الحث على حفظ الصوم: النهي عن كل ما يمكن أن يفسد الصوم باختيار الصائم، كتعمد القيء، حفاظًا على كمال العبادة وأجرها.


٤. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يدخل في باب "مفسدات الصوم"، ويُعتبر القيء من المسائل التي يكثر السؤال عنها في رمضان.
- جمهور العلماء من السلف والخلف على العمل بهذا الحديث وتفصيله بين المتعمد和非المتعمد.
- إذا شك الصائم هل خرج القيء باختياره أو لا، فالأصل صحة صومه حتى يتبين له يقينًا أنه تعمده.
- من ابتلع ريقه أو بلغمه ولم يخرجه عمدًا فصومه صحيح، ولكن إذا تعمد إدخال شيء إلى جوفه بعد خروجه فإنه يفطر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

وله طريقان عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
أحدهما: عن عيسي بن يونس، عنه.
ومن طريقه رواه أبو داود (٢٣٨٠)، والترمذي (٧٢٠)، وابن ماجه (١٦٧٦)، والدارقطني (٢٢٧٣)، والبيهقي (٤/ ٢١٩) وصحّحه ابن خزيمة (١٩٦٠)، والحاكم (١/ ٤٢٧).
قال الدارقطني: «رواته كلهم ثقات».
وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
ولكن نقل الترمذي عن البخاري أنه قال: «لا أُراه محفوظًا».
وقال هو: حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ إلّا من حديث عيسي بن يونس. وقال: «وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ، ولا يصح إسناده» انتهى
وقال البيهقي: تفرّد به هشام بن حسان القردوسي. وقال: وبعض الحفاظ لا يراه محفوظًا (ولعله يقصد به البخاري).
وقال: قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: «ليس من ذا شيء».
قال الأعظمي: أما تفرد هشام بن حسان القردوسي الأزدي فلا يضرّ فإنه ثقة.
قال الحافظ في «التقريب»: «ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين» وهذا منه.
وأما عيسي بن يونس فهو ابن أبي إسحاق السبيعي وهو «ثقة مأمون»، ثم هو لم ينفرد به كما قال الترمذي، بل توبع، وهو الآتي.
وثانيهما: ما رواه حفص بن غياث، عن هشام بن حسان، ومن طريقه رواه ابن ماجه، وابن خزيمة (١٩٦١)، والحاكم، والبيهقي، وأشار إليه أبو داود.
قال الحاكم: وتابعه عيسي بن يونس (أي تابع حفص بن غياث).
والبخاري ﵀ لم يخرج هذا الحديث في «صحيحه»، ولكن أعله بقوله -كما ذكره في صحيحه: باب الحجامة والقيء للصائم-: وقال لي يحيى بن صالح: حدّثنا معاوية بن سلام، حدّثنا يحيى عن عمر بن الحكم بن ثوبان سمع أبا هريرة رضي الله عنه: «إذا قاء فلا يفطر، إنما
يخرج ولا يولج». ويُذكر عن أبي هريرة أنه»يفطر«والأول أصحّ».
ونقل عنه الترمذي في «العلل الكبير» (١/ ٣٤٣): «سألت محمدًا عن هذا الحديث، فلم يعرفه إلّا من حديث عيسي بن يونس، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة. وقال: ما أراه محفوظًا. وقد روي يحيى بن أبي كثير عن عمر بن الحكم، أنّ أبا هريرة كان لا يرى القيء يُفطر الصّائم» انتهى.
قال الأعظمي: والذي قاله البخاري في «التاريخ الكبير» (١/ ٩١ - ٩٢): هو قال لي مسدّد، حدّثنا عيسي بن يونس، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ قال: «من استقاء فعليه القضاء».
قال: ولم يصح، وإنما يروى هذا عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، رفعه.
وخالفه يحيى بن صالح، قال: ثنا معاوية، قال: ثنا يحيى، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، سمع أبا هريرة، قال: «إذا قاء أحدكم فلا يفطر، فإنّما يخرج ولا يولج».
يفهم من قول البخاري أنه يقارن بين رواية عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة المرفوع.
وبين ما رواه يحيي بن صالح، عن معاوية ... من كلام أبي هريرة.
ولا شك أن رواية عبد الله بن سعيد المرفوع ضعيف لضعف عبد الله بن سعيد، فإنّ أهل العلم مطبقون على تضعيفه؛ ولذا تجنب أصحاب الصحاح مثل ابن خزيمة والحاكم، وأصحاب السنن من إخراج هذا الحديث من طريق عبد الله بن سعيد، وإنما أخرجوه من طريق عيسي بن يونس، وحفص بن غياث بإسنادهما. ونصَّ الدارقطني -وهو إمام في النقد- بأنّ رجاله كلّهم ثقات.
ثم ما رواه عيسي بن يونس، وحفص بن غياث، فإن الجزء الأول منه وهو قوله: «من ذرعه القيء فليس عليه القضاء»، موافق لفتوى أبي هريرة، فلا مخالفة بين ما رواه وبين ما أفتى به.
وأما قوله: «من استقاء فعليه القضاء» فهو مسكوت عنه في فتواه.
وحيث رواه ثقتان حافظان، ولا معارض لهما فهو صحيح حسب القواعد الحديثية؛ لأنه لا علّة فيه ولا شذوذ.
ولذا صححه كثير من الحفّاظ، قال النووي في «المجموع» (٦/ ٣١٦): «فالحاصل أن حديث أبي هريرة بمجموع طرقه وشواهده المذكورة حديث حسن. وكذا نص على حسنه غير واحد من الحفاظ، وكونه تفرد به هشام بن حسان لا يضر؛ لأنّه ثقة وزيادة الثقة مقبولة عند الجمهور من أهل الحديث والفقه والأصول».
وقال الترمذي عقب حديث أبي هريرة: «والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ أن الصائم، إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمدًا، فليقضِ، وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 296 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء

  • 📜 حديث: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب