حديث: من قاء وهو صائم فليقض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فيمن استقاء عمدًا

عن فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاريّ، قال: خرج علينا رسول الله ﷺ في يوم كان يصومه، قال: فدعا بماء فشرب، فقلنا له: والله يا رسول الله، إن كان هذا اليوم كنت تصومه، قال: «أجل، ولكني قِئْتُ».

حسن: رواه الإمام أحمد (٣٢٩٦٣) عن يعقوب، قال: حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال:
حدثني يزيد بن أبي حيب، عن أبي مرزوق مولي تُجيب، عن حنش، عن فضالة بن عبيد، فذكره.

عن فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاريّ، قال: خرج علينا رسول الله ﷺ في يوم كان يصومه، قال: فدعا بماء فشرب، فقلنا له: والله يا رسول الله، إن كان هذا اليوم كنت تصومه، قال: «أجل، ولكني قِئْتُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
هذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن خزيمة في صحيحه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاري رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:


● خرج علينا: خرج إلينا وظهر بيننا.
● في يوم كان يصومه: في يوم معين كان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يصومه، كيوم الاثنين أو الخميس أو غيرها من الأيام التي كان يواظب على صيامها.
● دعا بماء: طلب إناءً فيه ماء.
● قِئْتُ: أي تقيأت واستفرغت ما في معدتي. والقيء هو خروج الطعام من المعدة عن طريق الفم.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه في يوم كان معتاداً على صيامه، فطلب ماءً وشربه أمامهم، أي أفطر بشكل علني.
فلما رآه الصحابة يشرب في نهار هذا اليوم، استغربوا وسألوه بأدب وحب: "يا رسول الله، إن كان هذا اليوم كنت تصومه (أي من عادتك صيامه)، فلم أفطرت الآن؟".
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم: «أجل، ولكني قِئْتُ»، أي: نعم، صحيح أن هذا اليوم كنت سأصومه، ولكنني تقيأت، فأفطرت لذلك.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- جواز الفطر للصائم إذا تقيأ عمداً: هذا هو أظهر دلالات الحديث. فقد أفطر النبي صلى الله عليه وسلم بسبب القيء العمد، مما يدل على أن القيء المتعمد يُفطر الصائم ويبطل صومه، ويجب عليه قضاء ذلك اليوم. وهذا مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة. أما القيء غير المتعمد (الغلط أو الغثيان) فلا يبطل الصوم عند الجمهور.
2- حكمة التشريع ورفع الحرج: الشرع الحكيم يراعي الظروف الطارئة والمشقة. فالصيام مع وجود القيء قد يسبب مشقةً شديدةً أو ضرراً بالجسم، فأباح الفطر رحمةً بالأمة ورفعاً للحرج عنها.
3- الشفافية وبيان الأحكام: النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرب سراً، بل شرب علناً وسُئل فأجاب وبيّن سبب فعله.这在 فيه درس عظيم للأمة في بيان الأحكام وعدم كتمانها، وتعليم الناس من خلال المواقف العملية.
4- أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم: نلاحظ في سؤالهم: "والله يا رسول الله، إن كان هذا اليوم كنت تصومه"، كيف جمعوا بين التعبير عن استغرابهم وبين أعلى درجات الأدب والاحترام في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم.
5- استحباب السؤال عن العلم: موقف الصحابة يدل على حرصهم على فهم أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأحكام دينهم، وهو ما ينبغي لكل مسلم أن يتحلى به.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الحديث دليل على أن القضاء واجب على من أفطر بسبب القيء المتعمد، كما قضى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم.
- يفهم من الحديث أن القيء غير المتعمد لا يبطل الصوم، وهو ما صرّح به الفقهاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ» (رواه الترمذي وحسنه).
- يظهر من الحديث أيضاً تواضع النبي صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عن حالته الصحية الخاصة دون تردد، ليعلم أصحابه حكماً شرعياً مهماً.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٣٢٩٦٣) عن يعقوب، قال: حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال:
حدثني يزيد بن أبي حيب، عن أبي مرزوق مولي تُجيب، عن حنش، عن فضالة بن عبيد، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه مدلس، ولكنه صرَّح، كما أنه توبع.
رواه أحمد أيضًا (٢٣٩٤٨) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به، نحوه.
ورواه الدارقطني (٢٢٥٩) من طريق المفضل بن فضالة وآخر، والبيهقي (٤/ ٢٢٠) منه ومن عبد الله بن لهيعة، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، بإسناده، نحوه مختصرًا.
قال البيهقي: وكذلك رواه يحيي بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب. وهو أيضًا محمول على العمد.
إذا صحَّ هذا فلا يضرّ ما رواه ابن ماجه (١٦٧٥) من حديث محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق، قال: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاريّ، فذكر الحديث.
وهذا الذي أعلَّه البوصيريّ، فقال: «هذا إسناد ضعيف، أبو مرزوق التجيبي لا يعرف اسمه، لم يسمع من فضالة بن عبيد، بينهما حنش ومحمد بن إسحاق مدلي وقد عنعنه».
قال الأعظمي: تدليس ابن إسحاق غير مؤثر كما رأيت لوجود التصريح منه، ومتابعة له. وأما أبو مرزوق فاسمه حبيب بن الشهيد التجيبي المصري، وقد ورد في بعض نسخ ابن ماجه «أبو روق» وهو تصحف.
وأما سماع أبي مرزوق من فضالة -كما في ابن ماجه- فلا يصح لوجود حنش بن عبد الله في الروايات الأخرى، ولذا الذي صحَّ لا يُعلّه الذي لم يصح.
وقد أكد ذلك أبو حاتم في «العلل» (١/ ٢٣٨) قال عبد الرحمن: سمعت أبي، وذكر حديثًا رواه حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق، عن فضالة ابن عبيد، فذكر الحديث.
قال: قال أبي: بين أبي مرزوق وفضالة حنش الصنعاني من غير رواية ابن إسحاق. انتهى.
قال الأعظمي: قد يكون كما قال أبو حاتم: وقد يكون أن محمد بن إسحاق روي من وجهين: في أحدهما لم يذكر حنش الصنعاني كما في رواية حماد بن سلمة عنه، وفي رواية محمد بن عبيد رواه عنه الإمام أحمد (٢٣٩٣٥) عن محمد بن إسحاق.
وفي ثانيهما ذكر الواسطة كما سبق، وبالله التوفيق.
وفي الباب ما رُوي عن ثوبان، قال: كان رسول الله ﷺ صائما في غير رمضان، فأصابه غمٌّ آذاه، فتقيّأ فقاء، فدعا بوضوء فتوضأ، ثم أفطر. فقلت: يا رسول الله، أفريضة الوضوء من القيء؟ قال: «لو كان فريضة لوجدته في القرآن». قال: ثم صام رسول الله ﷺ الغد، فسمعته يقول: «هذا مكان إفطاري أمس».
رواه الدارقطني (٢٢٧٢) من حديث عتبة بن السكن الحمصي، حدّثنا الأوزاعي، حدّثنا عبادة ابن نُسي، وهبيرة بن عبد الرحمن، قالا: حدّثنا أبو أسماء الرّحبي، قال: حدّثنا ثوبان، فذكره.
قال الدارقطني: عتبة بن السكن متروك الحديث.
ورواه الإمام أحمد (٢٢٣٧٢)، وأبو بكر بن أبي شيبة (٢/ ٤٥٥)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (٢/ ١٤٨)، والبيهقي (٤/ ٢٢٠) كلّهم من حديث شعبة، عن أبي الجودي، عن بلْج، عن أبي شيبة المهريّ، قال: وكان الناس بقسطنطينية، قال: قيل لثوبان: حدّثنا عن رسول الله ﷺ، قال: «رأيت رسول الله ﷺ قاء فأفطر»، وفيه بلج وشيخه أبو شيبة المهريّ مجهولان.
قال البخاري: «إسناده ليس بذاك». ذكره الذهبي في «الميزان» (١/ ٣٥٢) في ترجمة «بَلْج».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 298 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من قاء وهو صائم فليقض

  • 📜 حديث: من قاء وهو صائم فليقض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من قاء وهو صائم فليقض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من قاء وهو صائم فليقض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من قاء وهو صائم فليقض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب