حديث: أرخص النبي في القبلة للصائم والحجامة للصائم.

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من الرّخصة في ذلك

عن أبي سعيد، قال: أرخص النبيّ ﷺ في القبلة للصائم والحجامة للصائم.

صحيح: رواه النسائي في «الكبرى» (٣٢٤١)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١٩٦٧)، والدارقطني (٢٢٦٨) وعنه البيهقي (٤/ ٢٦٤) كلهم من طريق المعتمر بن سليمان، عن حميد، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكره.

عن أبي سعيد، قال: أرخص النبيّ ﷺ في القبلة للصائم والحجامة للصائم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله ويهدينا إلى صراطه المستقيم.
الحديث الشريف:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "أَرَخَّصَ النبيُّ ﷺ فِي القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، وَالحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ".
(رواه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني في صحيح الجامع)


1. شرح المفردات:


* أَرَخَّصَ: أي أباحها وجوّزها ولم يُنكرها، مع أنها قد تُفضي إلى ما يُكره أو يُفطر.
* القُبْلَةِ: تقبيل الزوجة.
* لِلصَّائِمِ: للرجل الذي هو في حالة الصيام.
* الحِجَامَةِ: هي إخراج الدم الفاسد من الجسم بواسطة كؤوس هوائية، وهي من العلاجات النبوية.


2. شرح الحديث:


يبيّن هذا الحديث النبوي الشريف رحمة الله تعالى بعباده وتيسيره عليهم، حيث يُظهر أن الشريعة الإسلامية لا تأتي بالتشديد والعنت، بل بالتيسير ورفع الحرج.
* التَّرْخِيصُ فِي القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ:
كان الصحابة رضي الله عنهم يخشون أن تقبيل الزوجة للصائم قد يُفطِّر أو يُنقض الصوم، لأنها من دواعي الشهوة التي قد تخرج المني أو تُضعف الصائم. فجاءت الرخصة النبوية بأن القبلة للصائم جائزة ومباحة، خاصة لمن كان able to control himself (قادرًا على ضبط نفسه) ولا يخشى على نفسه من الإنزال أو الوقوع في المحظور. هذه الرخصة خاصة بالشيوخ (كبار السن) الذين تضعف شهوتهم، أو لمن يثق من نفسه القوة والضبط. أما من كان شابًا قوي الشهوة ويخاف على نفسه من الإنزال أو أن تتحرك شهوته فلا يجوز له ذلك، والأحوط له تركها.
* التَّرْخِيصُ فِي الحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ:
كان بعض الصحابة يظن أن الحجامة تُفطر الصائم لأنها تضعف البدن وتخرج الدم، وقد ورد في بعض الأحاديث أن "أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ"، ولكن هذا الحديث نَسَخَ ذلك الحكم أو خُصِّص به. فبيَّن النبي ﷺ أن الحجامة لا تفطر الصائم، وأباحها له. وهذا من رحمة الله، فقد يحتاج الصائم للعلاج بالحجامة ولا يجوز تأخير العلاج خوفًا من الإفطار.


3. الدروس المستفادة منه:


1- يُسْرُ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَرَفْعُ الحَرَجِ: الإسلام دين يسر لا عسر، وهو يرفع الحرج والمشقة عن الناس، ويأتي بالأحكام التي تناسب حالهم.
2- مَرَاعَاةُ حَالِ المُكَلَّفِ: الرخصة في القبلة تختلف باختلاف الأشخاص؛ فمن يخاف على نفسه لا تفعل، ومن يأمن على نفسه لا بأس بها. وهذا يدل على مراعاة الظروف والأحوال.
3- إِبَاحَةُ التَّدَاوِي فِي الصَّوْمِ: الحديث دليل على جواز التداوي والعلاج أثناء الصيام، ما دام أنه لا يدخل إلى الجوف شيء (كالحقن الوريدية المغذية)، فالحجامة لا تفطر.
4- الفَهْمُ الصَّحِيحُ لِلنُّصُوصِ: يجب جمع الأحاديث التي في الباب الواحد لفهم الحكم الشرعي بشكل صحيح، وعدم الأخذ بحديث واحد وإهمال الآخر. فحديث "أفطر الحاجم والمحجوم" منسوخ أو مخصص بهذه الرخصة.
5- الحَثُّ عَلَى العَفَافِ وَضَبْطِ النَّفْسِ: الرخصة في القبلة مشروطة بعدم الخوف من الوقوع في المحرم، مما يحث المسلم على تربية نفسه على العفاف والضبط.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث يدل على أن الحجامة لا تفطر، وهو قول جمهور العلماء (المالكية والشافعية والحنابلة)، خلافًا لأبي حنيفة الذي يرى أنها تفطر.
* الفقهاء قسموا الناس في حكم قبلة الصائم إلى ثلاثة أقسام:
1- الشيخ الكبير الذي لا تحركه الشهوة: فلا بأس له بالقبلة.
2- الشاب الذي تخاف عليه الشهوة: تكره له القبلة، والأولى تركها.
3- من يعلم من نفسه أنه لا يملكها وسينزل أو يجامع: تحرم عليه القبلة.
* الفطر بالحجامة كان في بداية الإسلام، ثم نُسخ، كما ذكر الإمام أحمد وابن قدامة وغيرهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي في «الكبرى» (٣٢٤١)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١٩٦٧)، والدارقطني (٢٢٦٨) وعنه البيهقي (٤/ ٢٦٤) كلهم من طريق المعتمر بن سليمان، عن حميد، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدريّ، فذكره.
قال الدارقطني: «كلهم ثقات، وغير معتمر يرويه موقوفًا».
وكذلك قال ابن خزيمة: بأن لفظ الحجامة للصائم إنما هو من قول أبي سعيد الخدري، لا عن النبيّ ﷺ أدرج في الخبر وأطال القول في ذلك.
ولكن لم ينفرد المعتمر بن سليمان في رفعه، فقد رواه النسائي (٣٢٤١)، والدارقطني (٢٢٦٢)، والبزار. - كما في كشف الأستار (١٠١٢) - من أوجه أخرى عن إسحاق الأزرق، حدثنا سفيان، عن خالد الحذّاء، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، قال: رخّص رسول الله ﷺ
في الحجامة للصائم.
وقال الدارقطني: «كلهم ثقات. ورواه الأشجعي أيضًا وهو من الثقات». ثم رواه من طريق الأشجعي عن سفيان، به. مع ذكر القُبلة.
وأشار البيهقي إلى هذه المتابعات، فقال: «وقد رُوي من وجه آخر عن أبي المتوكل مرفوعًا».
ثم رواه من طريق الدارقطني كما ذكرت.
ثم وقفت على كلام الدارقطني في العلل (٢٣٣٠)، فقال: «والذين رفعوه ثقات، وقد زادوا، وزيادة الثقة مقبولة».
إلّا أن أبا حاتم رجّح أن يكون موقوفًا، وخطَّأ كلَّ من رفعه حتى قال: «وهم فيه أيضًا معتمر وهو قد تُوبع». انظر: العلل (١/ ٢٣٢).
قال الأعظمي: على فرض صحة أنه موقوف على أبي سعيد، وأنه من قوله فحكمه الرفع؛ لأن الرخصة لا تكون من عنده، ولا من عند أصحاب النبيّ ﷺ، وإنما تكون من الشارع.
ولحديث أبي سعيد الخدري أسانيد أخرى إلا أنها كلَّها ضعيفة.
منها ما رُوي «لا يُفطر من قاء ولا من احتجم، ولا من احتلم».
رواه الترمذي (٧١٩)، والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي سعيد، فذكره.
قال الترمذي: «حديث أبي سعيد حديث غير محفوظ».
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ليس بالقوي كما قال البيهقي: «والصحيح رواية سفيان الثوريّ وغيره عن زيد بن أسلم، عن رجل من أصحابه، عن رجل من أصحاب النبيّ ﷺ، عن النبي ﷺ».
قال الأعظمي: وهو كما قال. فقد رواه أبو داود (٢٣٧٦)، وابن خزيمة (١٩٧٥) من حديث سفيان الثوريّ، عن زيد بن أسلم، بإسناده، مثله.
ورواه عبد الرزاق (٧٥٣٨) من وجهين عن الثوريّ، بإسناده ولم يرفعه، وعن معمر، عن زيد بن أسلم، ورفعه إلى النبيّ ﷺ وفي الجميع رجل مجهول، لم يسم مع اضطراب في إسناده فمرة رفعه، وأخرى وقفه.
وضعّفه أيضًا المنذريّ، وهذه الأسانيد الضعيفة لا عل الأسانيد الصحيحة.
وأمّا ما رواه ابن خزيمة بإسناد صحيح (١٩٧١) من قول أبي سعيد: «إنما كرهتُ الحجامة للصائم مخافة الضّعف».
فهذا التعليل من أبي سعيد. وكذلك قول أبي سعيد: إنما كانوا يكرهون. قال: أو قال: يخافون الضعف، ليس فيه شيء عن النبيّ ﷺ حتى يعارض قوله المطلق: «رُخص للصّائم» أو «أرخص النبيّ ﷺ للصائم» مع بقاء الكراهة؛ لأنَّ النهي إذا رفع يكون مباحًا مطلقًا للجميع بدون
قيد الكراهة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 294 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أرخص النبي في القبلة للصائم والحجامة للصائم.

  • 📜 حديث: أرخص النبي في القبلة للصائم والحجامة للصائم.

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أرخص النبي في القبلة للصائم والحجامة للصائم.

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أرخص النبي في القبلة للصائم والحجامة للصائم.

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أرخص النبي في القبلة للصائم والحجامة للصائم.

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب